عندما كانت أولى محطاتنا مساء أمس الأول، مرافقين لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير، الجريف شرق والرئيس يدشن برنامج الراعي والرعية، قلت سراً ربما أرادت الحكومة ضرب عصفورين بحجر، والجميع يعلم ما شهدته المنطقة من احتجاجات بسبب الأراضي أودت بحياة شاب.
لكن برنامج الراعي والرعية الذي تقوم عليه وزارة الرعاية يرسم واقعاً مغايراً وهو يحكي بحق وحقيقة عن تفقد الراعي لرعيته.. فالحالة التي زارها الرئيس ومرافقوه وزيرة الرعاية مشاعر الدولب وأمين عام ديوان الزكاة محمد عبد الرازق ووالي الخرطوم المهندس عبد الرحيم محمد حسين ووزيرة التنمية الاجتماعية بالخرطوم د.أمل البيلي كانت بالفعل تستحق من الرئيس تفقدها ففي منزل متواضع وإن شئنا الدقة متهالك يوجد خمسة شباب والدتهم متوفية ووالدهم متزوج بأخري .. أحمد يحيى أبكر كبير إخوانه يبلغ من العمر (40) عاماً تخرج من كلية القانون، تم تعيينه وكيل نيابة وتخلى عن العمل بسبب المرض الذي أقعده بل أنه يحتاج لمن يقوم بتحريكه وشقيقه الآخر إبراهيم (23) سنة مصاب بشلل ويعولهما شقيقاهما صابر (22) سنة وجبريل (29) سنة اللذان يعملان «طُلب بناء» بينما يقوم أيوب بالإشراف على المنزل والذي هو هبة من الجيران الذين يقومون بتقديم المساعدة لهم كما يعتمدون على الدعم الاجتماعي النقدي الذي يقدمه لهم ديوان الزكاة شهرياً.
كان وضع الأسرة مؤثراً للغاية وأشارت وزيرة الرعاية إلى أن لجان الزكاة القاعدية هي من وجهت بدعم هذه الأسرة والتي قرر أمين عام ديوان الزكاة منحها موتر نقل بضائع بجانب مبلغ (20) ألف جنيه.
اُستقبل البشير بالتهليل والتكبير ويكاد يخال لك أنه يزور منطقة غير الجريف التي كانت تغلي قبل أيام، لكن ربما يكمن السر في الكرم والسماحة التي يتمتع بها أهل الجريف كما قالت الوزيرة مشاعر الدولب وكما قال الرئيس الذي نوه إلى أنه من سكان الجريف ويعرف أهلها جيداً، ولذلك كان طبيعياً أن يقول: نحن مع أهل الجريف لأجل حل كل مشاكلهم»، وامتدح البشير ما يقوم به ديوان الزكاة.
غادر الرئيس المنزل بصعوبة بالغة بعد أن امتلأ عن آخره بالمواطنين الذين هتفوا له وقامت امرأة بتحيته وأقسمت له بأنها تدعو له في صلواتها ورد عليها الرئيس بابتسامة عريضة غمرت وجهه حتى أظهرت سنه «المكسورة» في فكه العلوي شمالاً قبل أن يقول لها «بارك الله فيك»، بينما كان هناك موقف آخر من امرأه ثائرة كان دلالة على مسمى البرنامج «الراعي والرعية» فالمرأة التي كان بادياً عليها أنها تجاوزت الأربعة عقود بقليل تخطت أفراد التأمين عنوة الذين حاولوا إمساكها بينما أمرهم الرئيس بتركها وشأنها وقالت له «مافي زول بحل لينا مشاكلنا إلا إنت»، وطمأنها الرئيس الذي ودع الجميع وأولهم أحمد يحيى وإخوانه وغادر الجريف التي اصطف مواطنوها على طول الشارع محيين إياه.
كان الموقف مؤثراً والجريف تسمو فوق جراحاتها وهي تتشبع بالخير وتحتضن أحمد وإخوانه في شموخ وعزة وعفة أهل السودان .. لكن العفة والعزة كانت تمشي على قدمين وسط أسرة «م. م.ع» وزوجها عادل المريض بالكلى بالحاج يوسف، فثلاثة من أبنائهم الست كفيفون،واحدة ذات الـ (17) ربيعاً والثانية (11) عاماً وطفل ذو (4) سنوات، تسكن الاسرة في منزل بالإيجار، ويقوم أشقاء الأم بإعانتها في سداد الإيجار، وبعد دراسة الحالة التي قدمتها وزارة الرعاية قرر ديوان الزكاة شراء منزل لهم في السكن الشعبي، كانت المفاجأة أن الأم «م» وفي شموخ وإباء قدمت الأم درساً في الأمانة والصدق وأبلغت الديوان رسمياً بحل مشكلة المنزل بواسطة فاعل خير تبرع لهم بالمنزل، رفعت وزيرة الرعاية الحالة للرئيس الذي وجه بدعم الأسرة والتي تم منحها عربة أمجاد ومبلغ (10) آلاف جنيه.
غادرنا ضمن وفد الرئيس إلى بحري الدروشاب حيث أسرة حسين بابو وزوجته مريضة بالقضروف وأبناؤه التسع ، ثلاثة منهم مصابون بالشلل وأحد الأبناء بدون عمل ، وثلاث بنات في المدارس والثامنة خريجة والتاسعة تعين والدتها. عاد رب الاسرة من غربته بسبب مرض أبنائه وبعد دراسة الحالة تم توفير طاحونة له ليعمل بها في سوق الحي بجانب مبلغ (10) آلاف جنيه و20 جوال ذرة لبداية العمل.
كانت الزيارات الثلاث ناجحة ولم يفسدها إلا تشدد «اثنين» من طاقم تأمين الرئيس.
صحيفة اخر لحظة