زهير السراج :ها هو مشروع الراجحي !!

* تناولت أمس الأول مشروع (امطار) بمنطقة غرب الدبة بالولاية الشمالية الذى لا تستفيد منه البلد بمليم واحد أو ربطة برسيم واحدة، فكل الانتاج يصدر الى الخارج ولا يدخل الى الدولة دولار واحد، بل لا يوجد للمشروع أثر فى الميزانية العامة، ولا يوفر أي فرص عمل او تدريب للعمالة السودانية، ولا يقدم أي خدمات للمنطقة رغم أن الحكومة شريك في المشروع .. فهل هذا استثمار ؟!

 

* ما ينطبق على مشروع (امطار)، ينطبق على المشاريع الاخرى التي يطلقون عليها زورا وبهتانا اسم مشاريع الاستثمار (في الشمالية وغيرها)، وإذا اخذنا مثالا آخر هو مشروع (الراجحي) نجد نفس الجريمة مجسمة بكل تفاصيلها المخيفة، ولا تغركم التسجيلات المصورة للمشروع التي يتداولها الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، فهو لا يقدم أي فائدة تذكر للسودان، لا الدولة ولا المواطنين، ولا السكان المحليين، بل ويسبب الكثير من الاضرار وإليكم التفاصيل:

 

* مُنحت شركة الراجحي السعودية 500 ألف فدان في سهل القولد الخصب، و50 ألف في نهر النيل، بإيجار رمزي نصف دولار فقط للفدان في العام لمدة 99 عاما، أي ما جملته 262 ألف دولار سنويا، رغم أن عائد البرسيم وحده ( 16 مليون دولار) في العام. ولا تزيد نسبة الارض المستغلة عن 4 آلاف فدان فقط ، بينما لا يجد غيرها ما يزرعه .. تخيلوا !!

 

* لهذه المساحات الضخمة قصة مثيرة جدا، فقبل حوالى 12 عاما صدر توجيه حكومي سعودي للمصارف السعودية بإعطاء تسهيلات وقروض مصرفية بضمان الديوان الملكي لكل من يستثمر من السعوديين (شركات أو افراد) في الزراعة في السودان، ليس حبا في عيون السودان وانما لحماية المياه الجوفية في السعودية، فتكالب الكثيرون للحصول على أراضي زراعية في السودان، وساعدهم على ذلك القرار الرئاسي رقم 206 بتمليك سهل القولد لهيئة السدود التي صارت تمنح الارض لمن تشاء بدون ضوابط أو قيود.

 

* عندما يحصل المستثمر على الارض يتقدم بالمستندات الى البنوك السعودية للحصول على قرض استثماري لتوظيفه في السودان، وكلما كبرت المساحة كبر القرض، ولكن بدلا من استثماره في السودان بعد الحصول عليه، يستثمره في بنوك (هونج كونج) كوديعة استثمارية تربح على رأس الساعة، ولا يستثمر منه الا جزءا ضئيلا جدا في السودان ذرا للرماد في العيون. هذا هو سر المساحات الضخمة التي تحوز عليها الشركات الخليجية وتتركها بلا استثمار، فلا تزرعها ولا تترك غيرها يفعل ذلك، بينما تجنى باسمها ملايين الدولارات من بنوك هونج كونج .. ويحدث ذلك للأسف بمساعدة سودانيين عديمي الضمير!!

 

* كما في مشروع (امطار)، فكل العمالة في مشروع الراجحي أجنبية، ويُصدَّر كل الانتاج الى الخارج .. البرسيم والقمح، وعجول التسمين، ولا يدخل الى الخزينة العامة دولار واحد من عائدات التصدير، في الوقت الذى تستورد فيه البلاد قمحا بملياري دولار في العام من مواردها الخاصة، ولا يوفر المشروع فرص عمل للسودانيين، ولا يقدم أي خدمات للمواطنين في المنطقة، لا مدرسة ولا مركز صحى ولا بئر ماء ولا مولد كهرباء ولا طريق اسفلت ولا أي شيء على الاطلاق !!

 

* بلادنا تُستباح وأرضنا تُباع في سوق النخاسة ومياهنا الجوفية تُهلك، وأموالنا تسرق وتودع في المصارف الأجنبية بالمليارات منذ سنوات .. فهل هذا استثمار أم جريمة خيانة عظمى يجب ان يعاقب الذى سمح بها بالإعدام شنقا في ميدان عام ؟!

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.