هبه فريد تكتب: الدولة العميقة في حضرة ضيف شرف الوليمة

ما إن هدأت (الكتاحة) السياسية التي إعتصرت البلاد طيلة الشهور الماضية، معلنة عن حكم (مدنسكري) جاء بموجب تحقيق ما طالب به الغالب الشعبي العام بشتى الطرق حتى أقساها وقعا فتحالف المكملان من جهة، ومن جهة أخرى تعاقد الإعصار المفتعل مع جنون السلطة الدائمة معلنا عن إنقسام قد يشرح ما تبقى من خريطة السودان الممزقة عمدا مسبقا ..

 

النزاعات التي تتعلق بموروثات المجتمع المختلفة، قد تكون بمثابة “سوسة” تحفر وتحفر حتى التصدع و الإنهيار. وبالمقابل يمكن لهدنة غير مكتملة الأركان أن تدنو من مهزلة العبث غير المبرر بالأرواح، فيبقى السؤال المعمم وهو من ضيف شرف الوليمة ؟!

 

قد لا تنحصر إجابات الجميع على السؤال أعلاه، نظرا للكم الهائل من “الشماعات” التي يمكن تعليق ما يحدث عليها من إستباحة لأمن المواطنين وترويع مكلل بالقمع يحمل في طياته اقاويل تبعث على المسامع قدرا بالغا من الدهشة.

فالجرح الذي ينزف بولاية بورتسودان محدود النطاق ومعلوم التصنيف والمجتمعات، فحينما يتسرب خبر تصادم قبلي يتسابق الساسة لحد النزاع دون السعي لإقتلاع جذر الكراهية الذي رعاه الإنقاذيون طوال ٣٠ عاما بمبدأ “فرق تسد”، وكانت اسوأ نتائجه هذه الصدامات لتمكين العملية السياسية في بيع اجزاء البلاد المتبقية التي يمكن الانتفاع منه وبه بمقابل لا يوازي حتى اولى ارباحه ان تم توظيفه كبداية نحو التعاون الدولي الخارجي وإعادة خط الإقتصاد لحدود المعقول.

 

فأصبح الراهن السياسي وتحليلاته، مقتصرا على ما يمكن استخدامه كسبب مقنع او غير ، لتنظيم مخطط قد يفتك بما تبقى من الوليمة للمرة الثانية دون ان يكون حقا ما يزعم الجميع، بل يجبر الأطراف على الإنفصال قسرا دون ضلوعهم في تطبيقهم للإنفصال بالفعل!

شهدت البلاد تلك الأزمة بين شمالها وجنوبها كعملية إنقاذية تضمن مستقبل الحركة الإسلامية ومنسوبيها، وتجددت الإستراتيجية الإنقسامية في مشهد غريب يحتل صفحات التواصل الإجتماعي مخلفا قلقا سائدا بين اروقة العهد الجديد في تاريخ الحكم السوداني.

ما الذي كان متوقعا غير أن يكون للإسلاميين دورا رئيسيا في إزالة مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة من تجمع عفوي رغم الإختلاف، وتأقلم الكل في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة لمدة ليست بسهل وقعها على أركان الإسلام السياسي..

 

فتمثل كل ما ذكر أعلاه باقاويل اهالي المنطقة المحدودة ذات النزاع الذي كشف أستمرار تنفيذ العمليات الجهادية التي لن تنتهي قريبا، وتفصلت في مأجورين يشعلون نيران الفتنة بين الأيادي المتصافحة مؤخرا مع فقد ليس ببسيط للارواح و الممتلكات وغيرهم ، مما يعتبره الطرفان تعديا سمجا سيحول دون تطبيق السلام المحلي بالشرق..

شملت التفاصيل وجود قوات نظامية مشتركة للحد من الاشتباك، بيد أن ما وجد من توثيق كان يصف المشهد بدفاع بشري مسلح بعصي من عامة مواطني المنطقة وسط نيران الكراهية التي تآكلت بها الجدران وظهور القوات كنقطة بعيدة عن المجال البصري، في مشهد لا يمكن تفسيره بتاتا..

 

وما إن إنشغل الجميع بحجم المأساة وإستدراك تكرار المسلسل بحذافيره، حتى ضجت الاصداء بتنبوءات آسفة، مفادها ان ما يحدث بالشرق الان ما هو الا حركة إنفصالية إسلاموية بالتعاون مع يد خارجية ليست ببعيدة عن البلاد!

قد نرى اقمشة ترفرف حاملة الوان لا تمثلنا ولا تمت لنا بصلة داخل اروقة الاحياء، و عندها ستكون النبوءة واقعا حتميا لا نهاية فعلية له..

 

إستمرار الإسلاميين بمحاولة فض السودان بأكمله لن تقف عند هذا الحد ولن تكون هذه الضربة الوحيدة او الآخيرة، فثلاثين عاما كانت كافية تماما لتجنيد ما يضمن تشتيت الأطراف وتعكير صفو كل ما يمكنه إصلاح ما أفسد خشوع السماء من مخلفات الإنقاذ العضوض !

تاسيتي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.