حيدر المكاشفي: أعلنوها..ما أعلنوها..متى يعلنوها..الله أعلم

العنوان أعلاه يحتوي على سؤالين واجابتين، والسؤالين ظل يصفعني بهما كل من يلتقيني من عامة الناس ويعرف أنني أعمل بالصحافة، والاجابتين هما ما ظللت أرد بهما على السائلين، فكلما التقاني أحد بادر بسؤالي (أها الحكومة أعلنوها)، وعندما أجيبه بلا يلقي بسؤاله الثاني ويتلقى اجابتي الثانية.

وهناك آخرون ليسوا في عجلة لتكوين الحكومة وانما يشغلهم ما يمكن أن تأتي به الحكومة الجديدة هل يكون سبعا أم ضبعا ؟ بعض هؤلاء يخشى أن يكون انتظارهم لها مثل انتظار جودو، وفي رواية سودانية خالصة مثل ( الراجي الري ) ، وعلى كل حال من السابق لأوانه التكهن بشئ مازال في رحم الغيب وتحت التخلق ، وما علينا سوى الانتظار الذي نرجو ان لا يكون مثل انتظار جودو أو ( الراجي الري) ..
قبل أكثر من ستين عاماً كتب المسرحي الايرلندي الشهير ورائد المسرح الطليعي، صمويل بيكيت، مسرحيته الشهيرة ( في إنتظار جودو )، التي أصبح عنوانها هذا مضرباً للمثل على كل حالة إنتظار مملة وغير مثمرة وبلا جدوى.

والذين لا يعرفون انتظار جودو ولم يسمعوا بها من أهلنا الغبش، يستخدمون عبارة أخرى تماثلها تماماً في المعنى هي ( راجي الري ) فإذا قال لك أحدهم ( إنت راجي الري ) فهو إنما يسخر من إنتظارك العبثي لشيء لن يأتي أبداً، ولا أعرف لهذه العبارة حكاية أو قصة، ولكني وقفت على بعض الأشعار الشعبية والأغاني الدكاكينية التي أتت على ذكرها، مثل تلك الأغنية التي يدرجها النقاد الفنيون في عداد ما يسمونه الأغاني الهابطة، ويقول أحد مقاطعها ( الجداد الحي يا عوض دكام، ناكلو مشوي وني يا عوض دكام، يوم الخميس الكي يا عوض دكام، هلالنا راجي الري يا عوض دكام ).

ومنها أغنية شهيرة للفنان جعفر السقيد يقول فيها:
تحبي سواي وتنسى وفاي وتغدري بي
تهدّي مناي تقرري تاني ترجعي لي
أكون لليلة مستنيك وراجي الري
ياخي ما معقول…
وهو ذات اللامعقول الذي جعل شخصيات معدمة ومهمشة ومنعزلة تنتظر شخصا يدعى جودو ليغير حياتهم نحو الأفضل، ولكن المدعو جودو لا يأتي أبداً كما في مسرحية صمويل بيكيت المشار اليها.. إنتظار جودو أو إنتظار الري، هذا ما لا يتمناه كل من ينتظر شيئاً أو شخصاً، وهذا أيضاً ما لا يتمناه بل ويخشاه الناس مع الحكومة المنتظرة ولسان حالهم يقول لعل ( كل حركة معاها بركة ).

وها قد إنتهت حركة حوار الثورة وفي إنتظار بركاتها، وكل ما يأملونه أن لا يكون هو إنتظار ( الراجي الري ) أو انتظار عودة جودو الذي لا يأتي، وانما إنتظار البركة التي أمّلوا فيها، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل !..

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.