زهير السراج : ما عزموني !!

* بينما كانت التلفزيونات الأجنبية تنقل المؤتمر الصحفي المشترك لرئيس الوزراء (عبدالله حمدوك) مع ضيفه وزير الخارجية الألماني (هايكو ماس)، كان التلفزيون القومي يبث برامجه العادية ويقدم إرشادات صحية للمشاهدين في مشهد استفزازي غريب عنوانه الاستهتار بالشعب واحتقار ثورته، وهو نفس المشهد الذى ظل يؤديه بإصرار شديد منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم رغم الانتقادات والنصائح الكثيرة التي وُجهت له !!

 

* كما انه يدل على (انعدام) المهنية التى كانت تحتم عليه نقل حدث اعلامى مهم جدا يشارك فيه وزير خارجية دولة كبرى لها وزنها الضخم وكلمتها المسموعة على الصعيد الاوروبى والعالمى، يُنتظر ان تلعب دورا كبيرا خلال الفترة القادمة في تقديم العون للسودان خاصة في إنهاء الحرب وتحقيق السلام ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، والعمل مع الدول الأخرى لاسقاط ديون السودان الخارجية التى تبلغ ستين مليار دولار امريكى، مما يساعد على استعادة علاقات السودان مع مؤسسات التمويل الدولية وحل الازمة الاقتصادية وإعادة البناء، دعك من مشاركة رئيس الوزراء في هذه الفترة المهمة التى تتوجه فيها الأنظار الى السودان ويترقب الجميع الاعلان عن التشكيل الحكومى، ويتوق الناس لسماع رأى رئيس الوزراء في الكثير من المواضيع المهمة التى تشغل الساحة!!

 

* إلا أن التلفزيون لم يجد في كل هذه القضايا المهمة ما يثير حسه المهنى أو فضوله للمشاركة في الحدث الاعلامى المهم، ولو من باب المجاملة لألمانيا التى اهدتنا هذا التلفزيون في عام 1963 وتكفلت بكل شئ فيه من المعدات وحتى التدريب، وظل يبث برامجه العادية، في الوقت الذى كان فيه كل الشعب السودانى يشاهد المؤتمر الصحفى لرئيس حكومته وضيفه الرفيع على شاشات التلفزيونات الأجنبية .. ويتساءل في حيرة عن اسباب غياب تلفزيونه القومى عن هذا الحدث الاعلامى المهم!!

 

* يتداول الناس حديثا منسوبا لأحد كبار مسؤولى التلفزيون ــ حاولتُ التيقن من صحته ولكننى فشلت ــ بأن سبب غياب التلفزيون عن الحدث الاعلامى المهم هو انهم لم يتلقوا دعوة رسمية لتغطيته، ولو صح هذا الحديث فإنها تكون كارثة حقيقية وفضيحة كبرى ان ينتظر جهاز اعلامى تقديم الدعوة له لنقل الاحداث وكأنه ضيف، الأمر الذى يتطلب ثورة تصحيحية عارمة في التلفزيون والاجهزة الاعلامية الاخرى ليس فقط لتصحيح المفاهيم، ولكن لتطهيرها من فلول النظام البائد والعناصر التى اعتادت على تلقى الاوامر وانتظار كروت الدعوة للتعامل مع الاحداث!!

 

* من جانب آخر، تسبب الجهاز التنفيذى لمجلس الوزراء في فضيحة كبرى تمثلت في تعطل اجهزة الصوت والترجمة خلال المؤتمر الصحفى، والفشل في اصلاحها، مما تسبب في الحرج لرئيس الوزراء والاضرار بسمعة السودان، واضطرار رئيس الوزراء وضيفه الكبير للحديث بصوت مرتفع لإسماع الموجودين، بالاضافة الى سوء التنظيم وغياب إجراءات التفتيش والتحقق من هوية الداخلين إلى مكان المؤتمر، مما كان يمكن أن يتسبب في وقوع كارثة امنية لولا عناية الله، وهنالك حديث عن وجود تخريب متعمد وتشكيل لجنة للتحقيق في ما حدث!!

 

* يدل كل ذلك على استهتار بالواجبات وانعدام كامل للمهنية، وخلل خطير لا يحتمل الانتظار وتشكيل وانفضاض لجان التحقيق، وإنما صدور قرارات ثورية تطيح بالأطقم القديمة التي تدين بالولاء للنظام البائد ولا تتحرك إلا بالأوامر، واستبدالها بأطقم تنتمى للثورة، وتؤمن بأهدافها وتتمتع بالكفاءة والقدرة المطلوبة، وإلا سنظل ندور في دوامة الفشل والخيبة، إن لم نفق يوما على كارثة !!

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.