محمد وداعة : حمدوك .. فرصة جديدة

لم ينعقد اتفاق حول شخصية كلفتها الشرائح الشعبية والقوى السياسية وبالطبع في مقدمتها قوى الحرية و التغيير ، مثلما أجمع أهل السودان على حمدوك، ويلحظ المراقب تزحزح مواقف بعض الجماعات التي عارضت الثورة ووجدت في المجلس العسكري في البداية حائط مبكي، هذه المجموعات بدأت في الانتقال الى تأييد حكومة حمدوك بعضها بحذر واشتراطات مقبولة وبعضها الآخر بشكل معلن ودون تحفظات، وهذا الموقف له استحقاقات لضبط ايقاع السيد رئيس الوزراء ليكون رئيس حكومة كل السودانيين الموالين منهم والمعارضين، ولن يكون عليه الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، بل ليكون في قلب الجميع دون تفريط في اهداف ثورة ديسمبر.

وذلك يتحقق بضبط ايقاع الجهاز التنفيذي على شعار ( حرية .. سلام .. و عدالة ) ، وجاءت تصريحات رئيس الوزراء يوم اعلان الحكومة بمثابة برنامج سياسي و رسائل لمن يهمهم الامر ، فالبداية هي ملف السلام ، ومعاش الناس و تخفيف اعباء المعيشة للمواطنين، وتأكيد استقلالية قرار حكومته وبناء علاقات دولية و اقليمية تنطلق من اعلاء المصالح الوطنية الاستراتيجية العليا، مع الاخذ في الاعتبار التقاطعات الاقليمية و خلق توازن يلبي المصالح المشتركة للاقليم ، والانفتاح عربياً و افريقياً و عالمياً، ليستعيد السودان دوره وسط الاسرة الدولية ويسهم في صنع الاستقرار والسلام في المنطقة.

مراقبون وصفوا الخطاب بأنه ايجابي و يميل الى المخاطبة المباشرة التفاعلية ، والاجابة على اسئلة الاعلاميين بطريقة أرضتهم رغم انه لم يشف غليلهم، ونال من فرص الاسئلة جهات عرفت بالوقوف ضد العملية السياسية الجارية بعد الاطاحة بنظام البشير، وشكل حضور قناة الجزيرة الحدث الابرز على الصعيد الاعلامي، و انخرط حمدوك بعد ذلك في مصافحة الحاضرين من قوى الحرية والتغيير والحضور من الوزراء والصحفيين في مشهد لم يألفه السودانيون منذ عقود طويلة.

استمعت في تلك الجلسة لاول تصريح لدكتور ابراهيم البدوي قبل أدائه للقسم، وايقنت اننا مقبلون على عهد جديد ،تسود فيه لغة جديدة ، فمنذ وقت طويل نسمع تحليلاً علمياً لمشكلات البلاد الاقتصادية دون وضع اللائمة على الابتلاءات او طلب الحلول بالاكثار من الاستغفار، بقلوب مريضة وفاسدة لا يستجاب لها دعاء او استغفار، دلائل كثيرة كشفت عنها محكمة الرئيس المخلوع عن القدر الهائل من الاستهتار بأموال الشعب وبعثرتها يميناً و شمالاً في وقت كانت فيه الصيدليات خاوية من الدواء ، و تتواصل أزمات الوقود و السيولة النقدية وتتطاول الصفوف أمام المخابز، وستكشف الايام القادمة عن الكثير من المعلومات الصادمة والوقائع المستفزة ، والاخطاء الاستراتيجية والتي اوصلت بلادنا الى حافة الهاوية.

لا شك ان تحديات كثيرة و مهام معقدة تنتظر حكومة حمدوك، وفي مقدمتها السلام و تحسين الاوضاع الاقتصادية ، والمظالم و الحركة المطلبية ، و كيفية تحسين الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء والمياه ، واصلاح التعليم وفي البداية اصلاح الخدمة المدنية فهي المدخل الصحيح لأي نجاح مرتقب، وليأتي سلوك الوزراء و المسؤولين الحكوميين ليكون عنواناً للنزاهة والاستقامة والرغبة في خدمة الشعب ،امس الاول وفي يوم اجتماعي مع الطاقم الحكومي لكم سعدت بحديث دار حول استعداد الوزيرات والوزراء لبدء عملهم الوزاري بملء اقرارات الذمة و اعلانها للكافة.

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.