زهير السراج: للإجراء العاجل !!

* اطرح اليوم أحد نماذج فساد النظام البائد في التعامل مع القروض الخارجية، وهو قرض (بنك التجارة التفضيلية) للبنك الزراعي السوداني الذى تم تحويله بكل سهولة لمصلحة شركة خاصة في عام 2012، رغم كون (بنك التجارة التفضيلية) الأفريقي كان البنك الوحيد آنذاك الذى ظل يُقرض السودان الأمر الذى كان يستدعى الحرص على إدارة القروض التي يقدمها لنا بشكل جيد حتى لا يتوقف كما فعلت مؤسسات التمويل الأخرى، ولكن أبى النظام الفاسد إلا أن يواصل فساده ويحرم السودان من أي إمكانية للتعامل مع أية جهة خارجية. إليكم التفاصيل بقلم الزميلتين (ضفاف محمود) و(سعدية صديق) من الزميلة (التيار)!!

 

* في ﻳﻮﻡ 11 ﻳﻮﻟﻴﻮ 2012 ، سافر ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ (ﺻﻼﺡ ﺣﺴﻦ) ﻧﺎﺋﺐ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻜﻴﻨﻴﺔ ﻧﻴﺮﻭﺑﻲ، ﺣﻴﺚ يوجد ﻣﻘﺮ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺑـ ( PTA ) ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻟﻤﺪﺧﻼﺕ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ .

* ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻗﺪﺭﻩ ( 60 ) ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻳﻮﺭﻭ، ﻭﻟﻜﻦ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﺑﺪﺀ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، ﻭهى ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺰﺃﻳﻦ، ﺍﻷﻭﻝ ( 600 ) ﺃﻟﻒ ﻳﻮﺭﻭ ﻫﻲ ﺭﺳﻮﻡ ﺧﻂ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ( 300 ) ﺃﻟﻒ ﻳﻮﺭﻭ ﺭﺳﻮﻡ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ، ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﻦ ( 900 ) ﺃﻟﻒ ﻳﻮﺭﻭ .

 

* بدون ﺃﻱ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺳﺪﺩ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﺭﺳﻮﻡ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﺮ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، ﻭﺑﻌﺚ البنك الأفريقى ﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ 13 ﻳﻮﻟﻴﻮ، ﻳﺆﻛﺪ ﺍﺳﺘﻼﻣﻪ ﻟﻠﺮﺳﻮﻡ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻣﺨﺼﺺ ﻻﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺃﺳﻤﺪﺓ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺮﻛﺔ “ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ ” ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻛﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ %100 ﻟﻠﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ، ﻟﺘﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﺑﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ. في ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ 14 ﻳﻮﻟﻴﻮ، 2012 ، أخطر ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻭﻃﺎﻟﺒﺎً ﻣﻮﺍﻓقتها (لاحظ السرعة في الإجراءات)!!

* ﺣﺘﻰ هنا كانت ﺍﻟﺮﻳﺒﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﻘﻂ ﺑﺪأ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ .. ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﻳﻜﺸﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ كان ﻳﺪﺍﺭ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﻠﻚ ﺧﺎﺹ .

 

* تواصل الزميلتان: “ﻓﻲ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻭﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺃﻃﻠﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﺳﻤﻬﺎ ( ﺑﺪﺭ ﺃﻭﻓﺮﺳﻴﺰ ﻟﻠﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ )، ﻭﻃﻠﺒﺖ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺧﻂ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺷﺮﻛﺔ تجارية ﻣﻘﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﻟﺘﺘﻮﻟﻰ ﺗﻮﺭﻳﺪ ﺍﻷﺳﻤﺪﺓ . جاء الطلب في ﻭﺭﻗﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺑﻼ ﺗﺮﻭﻳﺴﺔ ﻭﻻ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻭﻻ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺍﺗﺼﺎﻝ، ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻄﻠﻖ، ﻭﻫﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﺪﻳﺮﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ( ﺃﻳﻤﻦ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥ )، وهنا لا بد من التساؤل .. ﻛﻴﻒ ﻋﻠﻤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﺮﺽ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، وﻛﻴﻒ تتجرأ بتقديم طلب لتحويل ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺇﻟﻰ ﺷﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ آخر؟!

* ﺃُﺣﻴﻞ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺮﻛﺔ “ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ “ التى ﺗﺘﺒﻊ ﻟﻠﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻭﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ، ولم تستغرق الموافقة عليه سوى سويعات قليلة، وليس كأى إجراء حكومى عادى يستغرق اسابيع بل شهورا طويلة، ولكن ليس ذلك بغريب، فعندما يتعلق الأمر بـ (مأكلة) لا بد ان يحدث كل شئ بسرعة البر ق !!

 

* ﻧﺎﺋﺐ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ (ﺻﻼﺡ ﺣﺴﻦ) ﻋﻠﻖ ﻛﺘﺎﺑﺔً ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ “ ﺑﺪﺭ ﺃﻭﻓﺮﺳﻴﺰ ” ( ﻟﻺﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﺟﻞ ) .. وهكذا تحول القرض الى الشركة الخاصة بجرة قلم على طلب تم تقديمه في ورقة بلا ترويسة ولا عنوان ولا ارقام هواتف !!

* “ﺗﺼﻮﺭﻭﺍ .. ﺗﻤﻮيل ﻣﻦ البنك الوحيد الذى كان يتعامل مع السودان في ذلك الوقت ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ، ﻭﺑﻀﻤﺎﻥ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ، ﺩﻓﻌﺖ من أجله ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻤﻠﻴﻮﻥ ﻳﻮﺭﻭ كرسوم، ثم يذهب ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﻮﺏ اللصوص” .. هكذا تختم الزميلتان الرواية العجيبة، ونتساءل: أين يوجد نائب البنك الزراعى وبقية المجرمين الآن؟!

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.