استقالة حمدوك.. حينما تعبث الشائعات

صداء واسعة لمليونية العدالة التي سيرتها لجنة العمل الميداني لقوى الحرية والتغيير يوم الخميس الماضي إلى القصر الجمهوري بوسط العاصمة الخرطوم، وطالبت خلالها بالقصاص للشهداء وتعيين مولانا محمد الحافظ نائبا عاما للبلاد، ومولانا عبد القادر محمد أحمد رئيسا للسلطة القضائية خلال الفترة الانتقالية ذات السنوات الثلاث.

 

تسريبات بلا سند
وفي الوقت الذي يدور فيه الجدل حول المليونية، عاد رئيس الوزراء السوداني د.عبد الله حمدوك من جوبا بعد زيارة استمر 48 ساعة، دافعا باستقالته بحسب ما رشح وتم تداوله على نطاق واسع، قبل أن يتراجع عنها خلال (٤٨) ساعة الماضية. وطبقا للتسريبات التي لم تجد من يعززها، فإن أسباب الاستقالة تعود إلى تحفظ رئيس الوزراء على تسيير قوى إعلان الحرية والتغيير الذراع السياسية للحكومة الانتقالية موكبا يوم (الخميس) الماضي للمطالبة بتعيين رئيس القضاء، وهو ما اعتبره حمدوك وسيلة من وسائل الضغط على الحكومة من قبل الحرية والتغيير لإنفاذ مطالبها.
بيد أن المفاجأة التي حملتها التسريبات أن حمدوك تحفظ على مسألة منح وتخصيص نسبة 40٪ من إيرادات الميزانية خلال الفترة القادمة، لمناطق النزاع المسلح، وذلك بناء على اتفاق المبادئ الذي جرى بمدينة جوبا مؤخرا بين وفد السيادي، وقيادة الجبهة الثورية.

واعتبره حمدوك تجاوزا لرئيس الوزراء، باعتبار أن الوثيقة الدستورية نصت على التشاور بين السيادي، ومجلس الوزراء في حال مناقشة واتخاذ القررات بشأن القضايا الاستراتيجية والمصيرية بشكل مشترك.

تلويح حمدوك
في المقابل، تواترت أنباء عن لوم المكون العسكري بالمجلس السيادي لشركائه المدنيين في الحكم على تسيير موكب تعيين رئيس القضاء، فضلا عما رشح عن اجتماع مشترك بين السيادي ومجلس الوزراء حول المليونية وتلويح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك باستقالته من منصبه حسب ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي لجهة أن الأمر أضحى غير ملائم ويعيق الحكومة في أداء عملها، ما قد يقود لإفشال الحكومة وعجزها في أداء مهامها الملقاة على عاتقها.
في وقت تداولت فيه أوساط المدينة ومجالسها خبر اجتماع التأم أمس الأول (السبت) بين تنسيقية قوى الحرية والتغيير والمجلس السيادي بالقصر الجمهوري، وخلص إلى اعتذار التنسيقية عن الموكب.
تزامن ذلك مع ما تناقلته تقارير إعلامية تؤكد عقد اجتماع مفصلي في بحر هذا الأسبوع بين المجلس السيادي ومجلس الوزراء لحسم تعيين رئيس القضاء والنائب العام.

 

استقالة منفية
(يبقى التظاهر حقا مكفولا للكل ومن حق أي شخص أن يعبر عن رأيه).. بهذه العبارة نسف الناطق الرسمي باسم تنسيقية قوى الحرية والتغيير وجدي صالح الأرضية التي استند عليها خبر استقالة حمدوك بفعل المليونية، مؤكدا في حديثه لـ(السوداني) أن التنسيقية لم تقدم أي اعتذار لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك لجهة أنهم لم يلتقوا به من الأساس، مشيراً إلى أن ما يتم تداوله حول تلويح حمدوك بالاستقالة غير صحيح، ولا وجود لأمر كهذا إلا في وسائل التواصل التي روجت الشائعة.
وكشف صالح عن لقاء جمع بين لجنة العمل الميداني لقوى الحرية والتغيير وعضو المجلس السيادي صديق تاور بحضور التنسيقية، وتمت فيه مناقشة أمر المواكب والتظاهرات وجدواها لحكومة قوى الحرية والتغيير، فضلا عن مناقشة أمر تعيين رئيس القضاء والنائب العام، مشيرا إلى اتفاق المجتمعين على أحقية تسيير المواكب والتظاهر وكفالة حرية التعبير عن الرأي من جانب كل الفئات دون حجر أو مضايقة.

 

تأثير الحراك
كثيرون اعتبروا أن ثمة مخاوف خلقتها المليونية الأولى على الحكومة وأدائها خشية التأثيرات السلبية لضغوط الشارع، وهو ما ينفيه القيادي بقوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ في حديثه لـ(السوداني) بتأكيده على أن المواكب والتظاهرات هي التي صنعت ثورة السودانيين وأزاحت البشير، مبينا أن السبب في خروج مليونية الخميس الماضي في الأساس الموقف المرتبك من جانب مؤسسات الحكم الانتقالي فيما يخص تعيين النائب العام ورئيس القضاء.
ويشير الشيخ إلى وجود أزمة حقيقية في الملف الذي يعد أحد الشعارات الرئيسة للثورة، فالعدالة لا يمكن أن تتحقق والقضاء مأسور من قبل بقايا النظام السابق وكذلك النائب العام، في وقت لا تتماشى فيه محاكمة رموز النظام السابق وحجم الجرائم المرتكبة خلال سنوات حكمهم، منوها إلى أن المطلوب هو المحاسبة لإنزال شعارات الثورة وتحقيق هدف من أهدافها برد الحقوق إلى أهلها عبر محاكمات عادلة.
إبراهيم الشيخ شدد على أن خروج المواكب سيستمر كلما أخفقت الحكومة ومسؤولوها في النهوض بأهداف الثورة أو ابتعادهم عنها، مبينا أن المجلس السيادي ومجلس الوزراء يستطيعان التحول لمجلس تشريعي لتعيين مجلس القضاء العالي ومجلس النيابة الأعلى لحسم أمر تعيين رئيس القضاء والنائب العام، مشيرا إلى أن كل تأخير في الأمر سيقابله الشارع بمواكب واحتجاجات وتظاهرات.

عدم تعود
واتفق الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني) مع ما ساقه الشيخ، مضيفا بالقول إن مواكب الخميس الماضي بمثابة جرس إنذار بأن الشارع موجود ومتمسك بإنزال شعارات ثورته كاملة، مبينا أن الجدل برمته ناتج من عدم التعود والانتقال من تظاهرات المعارضة المناوئة إلى تظاهرات التأييد، وأشار إلى أن الموكب في حد ذاته يجيء مؤيدا لموقف المدنيين لجهة تنامي الإحساس بأن العسكر سبب التلكؤ في تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي التي ينشدها الشارع وحمدوك كذلك، مستبعدا أن يكون قد لوح باستقالته إلا لمجلس السيادة باعتباره القادر على تنفيذ مطالب الشارع بتمرير المطالبات التي تتماشى مع مهمة حمدوك في بناء المؤسسات وإعادة هيكلتها حتى يتسنى وقوف البلاد على أرضية صلبة في أتون الفترة الانتقالية.

حمد أشار إلى أن ما رشح عن انعقاد اجتماع مشترك للمجلس السيادي ومجلس الوزراء بخصوص تعيين النائب العام ورئيس القضاء بحر الأسبوع الجاري، فضلا عما تفوه به عضوا السيادي رجاء نيكولا وصديق تاور مع الثوار ليلة الخميس، إذ يؤكد أن ثمة نتائج مرجوة ينتظر أن يتحصلها الشارع من موكبه الأول بعد تشكيل الحكومة.

 

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.