لن تواصل جماهير الهلال سخريتها من جماهير المريخ بسبب توقيف رئيس ناديها بقضايا فساد مالي

ربما لن يكمل أحمد، مشجع فريق الهلال، سخريته من صديقه عادل الذي يدين بالولاء للمريخ لاستمرار توقيف آدم عبدالله سوداكال رئيس النادي الأحمر بتهم تتعلق بتجاوزات مالية، لأن الرد سيأتيه هذه المرة من صديقه قائلاً؛ “ليس من أحد

أفضل من الآخر، وكلنا في الهواء شرق”. في وقت متأخر من مساء أمس كانت وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات خطيرة على رجل الأعمال السوداني ورئيس نادي الهلال، أشرف سيد أحمد الكاردينال، بتهمة الرشوة والاحتيال في المشتريات

مع مسؤولين حكوميين كبار بدولة جنوب السودان. وقال بيان رسمي لوزارة الخزانة الأمريكية، صدر يوم الجمعة، إن العقوبات شملت رجل الأعمال بنيامين بول ميل المستشار الرئاسي الخاص عام 2017م، وإن المستشار ميل استخدم حساباً مصرفياً باسم شركات الكاردينال، للتهرب من العقوبات الدولية وتخزين الأموال الشخصية.

 

1

وأصدر برنامج التحقيق (سنتري) التابع لمنظمة كفاية الأمريكية (الثلاثاء)، تقريراً بالوثائق والتوقيعات ضد رجل الأعمال الكاردينال، واتهم التقرير المكون من (30) صفحة، وأعده أكثر من (100) مصدر استخباري أمني ومالي حول العالم، اتهم الكاردينال بتجارة السلاح مع حكومة جوبا وغسيل الأموال وقضايا عديدة، ولم يكتفِ التقرير بالوثائق بل كشف شبكات

الشخصيات الدولية بالأسماء المرتبطة مع أشرف الكاردينال. وأطلق التقرير على رجل الأعمال السوداني لقب (أوليغارشي جنوب السودان)، وسلط التقرير الجديد الضوء على عقود رجل الأعمال أشرف الكاردينال في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وقال إنه جنا مئات الملايين من الدولارات والأسلحة المستوردة والأعمال التجارية.

وقال الممثل الأمريكي الشهير، جورج كلوني، الشريك المؤسس لـ(سنتري): (لقد بنى الكاردينال إمبراطورية تجارية على خلفية تعاملات تجارية نهشت دولة جنوب السودان، والآن لديه عمليات تجارية عبر إثيوبيا إلى الولايات المتحدة، ويمتلك عقارات باهظة الثمن في أماكن مثل لندن ودبي)، موضحاً أن هذه الأنشطة التجارية الدولية تعني أن الحكومات في جميع أنحاء العالم، لديها الأدوات اللازمة لاتخاذ الإجراءات وفرض نتائج ذات مغزى.

 

2
من الممكن أن تكون الإشارة للإجراءات ذات مغزى، تعني إمكانية فرض عقوبات تتعلق بتجميد حسابات رجل الأعمال ورئيس نادي الهلال والذي نشط مؤخراً في أعمال خيرية في مناطق متعددة من السودان، كان آخرها وصوله إلى منطقة (الجيلي) شمال الخرطوم محاطاً بجحافل من الصحفيين والإعلاميين، لتقديم الدعم للمتضررين من السيول التي ضربت المنطقة في وقت سابق، وهو النشاط الذي يمثل امتداداً لأنشطة أخرى قام بها الرجل في مدن الشمال والشرق والغرب، تعلقت بتقديم خدمات اجتماعية من بناء مستشفيات ومراكز صحية أو توفير أجهزة فحص طبي حديث لا تتوفر في تلك المناطق الفقيرة، وكانت هذه النشاطات تتكامل ونشاط الرجل في كونه رئيساً لأحد أكبر الأندية السودانية (الهلال) بجماهيريته الطاغية، مما دفع بمناصري الفريق الآخر لوصف هذه الأنشطة بأن هدفها الرئيس التأثير على نتائج المباريات بغية تحقيق فريقه الفوز ببطولة الدوري المحلي في السودان.

3
لكن مع التطورات الجديدة في ملف (الكاردينال)، فإن البعض يشير إلى أن هذه الأنشطة لا يبدو الهدف منها تبييض نتائج كرة القدم، وإنما تمثل لعبة هدفها الرئيس تبييض الأموال التي قال التقرير الأمريكي إن جمعها تم عبر أنشطة غير مشروعة في جنوب السودان، كما أنها تمثل امتداداً للتساؤلات المتتابعة التي كان يطرحها البعض وهو يتساءل عن مصدر أموال الرجل، الذي كان قد خضع لمحاكمة في وقت سابق في قضية صقر قريش الشهيرة دون الوصول إلى نتائج، فالرجل المنحدر من صلب رجل كان يعمل في الشرطة السودانية لا ينتمي إلى قائمة الأسر الغنية في السودان، إلا أنه في الفترات الأخيرة حاول أن يخلق علاقات مع قيادات النظام البائد، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع، مستفيداً من رئاسته لنادي الهلال، وبعد مغادرته البلاد في أعقاب الثورة التي أطاحت بالبشير سرعان ما عاد مرة أخرى لمواصلة فترته كرئيس لنادي الهلال، محاولاً في الوقت نفسه توظيف النادي والمؤسسات الإعلامية المرتبطة به لإعادة تقديم صورته في كونه داعماً للثورة وأحد صانعيها، وهو ما بدا من خلال زيارته لوزارة الداخلية والتقاط صورة مع وزير الداخلية، قبل أن يصدر تعميماً من الوزارة تشرح فيه وقائع التقاطها.

 

4
وبعيداً عن الموقف الأمريكي من أشرف الكاردينال، فإن ثمة تباينات بين جماهير الهلال حوله، البعض يرى أن الرجل أنجز في مشروع البنيات التحتية لكنه في المقابل حقق فشلاً ذريعاً في ما يتعلق ببناء فريق كرة يشبه الهلال، في وقت تتمدد فيه المطالب الجماهيرية بضرورة مغادرة الرجل للكرسي الأول في النادي الكبير بعد أن أثبت فشله، وفقاً لمعارضيه، بينما لا تبدو المعادلة الكاردينالية رهينة بموقف جماهير الهلال منه، بقدر ما تتعلق بموقفه الآن عقب بروز المطالبات الأمريكية بفرض عقوبات عليه، وهي أمور من شأنها أن تؤثر على أعماله، وبالطبع على اسمه وأدائه في رئاسة نادي الهلال.
ما حدث لرئيس المريخ وتكرر مع رئيس الهلال، يعيد فتح السؤال حول هل أصبحت الأندية الرياضية الجماهيرية هي المكان الأفضل لتبييض الوجوه، مما يجعل أصحاب التجاوزات يمضون إليها من أجل تحقيق هذه الغاية لحد ما، وبتفاصيل ما يجري الآن فإن الإجابة تأتي بالتأكيد، وهو أمر ربما تكون له أسبابه الموضوعية لهؤلاء، مقرون ذلك بضعف القوانين المانعة دخولهم إلى المضمار الجماهيري.

 

وبالعودة لسخرية الجماهير الكروية حول موقف رؤسائها القانوني، فإن المشهد الآن يخبرك عن تطاول أمد حبس سوداكال في سجن الهدى بأم درمان، بينما يبدو المصير نفسه محيطاً بأشرف الكاردينال سواء استمر في منصبه كرئيس أو غادره، بحسب ما نقل مقربون منه، لكن ما يدعو للسخرية حقاً هو أن تظل مصائر القمة السودانية معلقة بمن تطاردهم العدالة ويبحثون عن تبييض وجوههم وسط الجماهير.

اليوم التالي

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.