هنادي الصديق :فوضى عامة

تعقيبا على عمود (الفضيحة والسترة متباريات)، وصلنا رد يحكي المزيد مما شاهدنا، فالقارئ ساهر ذكر ان الوجع كثير، مضيفا بقوله: شاهدت بأم عيني عمال النظافة بمطار الخرطوم (صالة المغادرة) من الجنسية البنغالية، وهم يبيعون السجائر وزجاجات المياه الباردة (موية الصحة)، بل الأدهى والأمر أنهم يتجاذبون أطراف الحديث والمغازلة مع عاملات الكافتريات السودانيات واللائي أظنهن معجبات بالشعر المسبسب لهؤلاء العمال!

صالة الوصول حالها يغني عن السؤال، عربات نقل العفش المكتوب عليها (مطار هيثرو) في حالة يرثى لها، السير بطىء جداً والتزاحم فيه على على أشده، شاهدت نقالات المرضى في مستشفى الذرة بمدينة مدني وهي عبارة عن (عناقريب بلا أرجل) وهي مجدولة بحبال الكناف!!
شاهدت بائعة الإبر الفارغة بمستشفى الحصاحيصا وهي تطبخ (حلة) في إحدى غرف المستشفى، شاهدت الكثير من العيادات بمدينة مدني وهي مزودة بمرحاض واحد يدخله الرجال والنساء في مشهد تتقزم أمامه كل صور الحرية التي يحلم بها شباب (المدنية) من الثوار، لأنها مساواة بين الجنسين لا مثيل لها في العالم.

شاهدت في مستشفى مدني أكثر من مريضة (ثلاثة مريضات) ينمن على سرير واحد، وفي هذه الحادثة بالذات كانت خالتي منومة مع مريضة أخرى على نفس السرير وكانت المريضة الأخرى تصرخ بأعلى صوتها من الألم، فما كان من خالتي أن طلبت مني أخراجها فوراً من هنا إذ أن الموت أرحم لها من تلك البهدلة.
شاهدت في مستشفى مدينة قريبة جدا للخرطوم لوحة في قسم العناية (المكثفة – المكسفة أي التي تكسف) مكتوب عليها (يوجد لدينا إسعاف لنقل الموتى بسعر مخفض وعليها رقم موبايل).
مجاورة محلات الحلاقة للمطاعم مشكلة.
صغر مساحة المطاعم مشكلة.
عدم وجود مغاسل بالمطاعم مشكلة
مشكلة. عدم وجود مناديل
بصراحة الصحة عندنا صفر، ذات مرة نشرت الراكوبة صوراً لسكن ( ميز) أطباء المناقل فعلقت على الصور بقولي (لو علم أهل الخليج كيف يسكن أطباء السودان لما تعاقدوا معهم).
يجب على وزير الصحة الجديد وضع مواصفات للعيادات يجب أن يلتزم بها الأطباء لأن دخولهم خيالية ولكنهم لا يعبأون براحة مرضاهم الذين يدفعون أموالاً طائلة نظير دقيقتين، منها دقيقة كاملة لقياس (ضغط الدم) ودقيقة ل (قول كح).
يجب وضع مواصفات للمطاعم من حيث المساحة والكراسي والمغاسل والالتزام بارتداء القفازات والمرايل، والمرايل نفسها يجب أن تكون من قماش سميك (ليس قماشاً رهيفاً مثل ما نشاهد).

يجب وضع مواصفات لصالونات الحلاقة والتجميل.
يجب وضع مواصفات لعرض الخضروات واللحوم.
يجب، ويجب ويجب ويجب ويجب ويجب والله لولا شمسنا الحارة لأصابنا الطاعون.

من الكاتب
كل ما ذكر صحيحا، وكل ما يحدث حاليا بالسودان هو حصاد 30 عاما من الفوضى والاستهبال ونهب الأموال المخصصة للصحة (على قلتها) باعتبار أن كبرى الميزانيات كانت تذهب للأمن والجيش بينما أقلاها للصحة ثم التعليم.

التركة المثقلة التي تنتظر وزير الصحة الإتحادي مؤكد ستحتاج منه الكثير جدا من الجهد والمال، ولكن هناك ايضا جهد يقع على المواطن بتجنب كل ما من شأنه الإضرار بصحة البيئة، ثم التبليغ الفوري عن أي تجاوز تقع عليه عينه، وعلى وزارة الصحة وضع ارقام للتبليغ عن أي تجاوز او فوضى تحدث في القطاع الصحي والغسراع بمعالجتها فورا منعا لإستفحالها، وحبذا لو تمَ تخصيص أبواب في المناهج الدراسية تعني بالبيئة والتربية الصحية حتى ينشأ جيل مثقف صحيا متمرد على جميع اشكال العبث بصحة المواطن والبيئة المحيطة به، ورفع شعار الوقاية خير من العلاج في جميع المراحل الدراسية.

ما شاهدته في مستشفى حاج الصافي أمس الأول، ومستشفى الاسنان بالخرطوم أمس وما ذكره القارئ ساهر أيضا يشير لخطورة الوضع الصحي، ننتظر فقط الخطوة الأولى من طاقم وزارة الصحة الجديد فالقديم (الفيهو اتعرفت).

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.