حضرنا ولم نجدكم غياب المغني عن المشهد الثوري

سودافاكس- الخرطوم : الخرطوم: أميرة صالح
هُناك أمام القيادة العامة بالخرطوم، كانت تلك البقعة التي جمعت كل السودانيين بمُختلف ألوانهم وقبائلهم وطوائفهم تحت كلمة واحدة (تسقط بس)، بعد أن خَاضت كل أنواع الأساليب السلمية في تظاهراتٍ شهدتها كل أنحاء السودان من جنوبه إلى شماله ووسطه إلى شَرقه، مُنادية بإسقاط نظام الإنقاذ البائد الذي سَرِقَ (30) عاماً من عُمر الشعب السوداني، لكن عندما ترجع إلى بداية التظاهرات، فإنّك لا تجد المُغنين الشباب الذين كانوا يملأون الساحات غناءً، إلا أنّهم لم يُشكِّلوا حُضُوراً في دفتر الثورة التي رفعت وعي كل السودانيين لمعرفتهم بحُقُوقهم.

(1)

يرى مُراقبون للسّاحة الفنية، أنّ الفنان هو من صنع الشعب وليست الحكومة، لذا لا بُدّ أن يكون من الأصوات التي تقف خلفه ليعبر عنها، وليأخذوا نموذج الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت الذي كان في أسوأ حالته الصحية ويهتف باسم الشعب ويدعمه، مُطالباً بإسقاط النظام الذي عانى منه في كثيرٍ من حفلاته، وبدأ يردّد (دولتنا العظيمة).

(2)

وقال أيمن عبد الله “كمون” ناقد فني: بالرجوع إلى دفتر الثورة، فإنّنا نجد الفنانة (نانسي عجاج، فضل أيوب وأحمد المأمون) كانوا واضحين في مَواقفهم السِّياسيَّة والفكريّة من بداية الحراك، فيما أوضح “كمون” أنّ معظم المغنين السودانيين حالياً لا ينتمون للنخبة المثقفة السودانية، بل يغلب عليهم الفاقد التربوي، لذا تجدهم لا يهتمون بمثل هكذا مواقف لأنّها خارج نطاق استيعاب الكثيرين، مُضيفاً أنّ المواقف لا تعني لهم شيئاً، لأنّ أغلبهم يتعاملون مع الغناء كمهنة (أكل عيش) ومصدر رزق، وأشار “كمون” الى أنهم لا يُقدِّرون أنّ للمغني رسالةً اجتماعيةً ووطنيةً وأخلاقيةً وهذا يجعلهم يهتمون بالغناء فقط دُون غيره ولا يُولِّد مواقف فكرية وأخلاقية أو إنسانية تجاه شَعبهم أو وطنهم.

(3)

كما ابتدر الحديث الناقد الفني حاج موسى إبراهيم بقوله: (الفن رسالة)، لذلك ينبغي للمّغني أن يدرك رسالته ويقف مَوقفاً شجاعاً، مُضيفاً أنّ صاحب المبادئ يقف مع الحَق ويَدعم الحَقيقة ويَبتعد عن مُوالاة السلاطين.

أما فيما يخص المُغني السُّوداني، فكثيرٌ منهم لم نشاهدهم في المحنة التي تمر بها البلاد ولم يُسمع صوتهم أيّام الثورة، فلا هم دعموها ولا عارضوها، وهذا الموقف يُعتبر “رمادياً” ومثل هذه المواقف المصيرية التي تمس الشعب تُعتبر خيانة، وأضاف موسى أنّ هؤلاء المُغنين وصلوا لما وصلوا إليه بفضل هذا الشعب، وهو الذي ساندهم في محنتهم ومصائبهم، وكان الأحرى بهم أن تكون وقفتهم واضحة مع الثورة التي مثلت إرادة الوطن، لكن خوفهم على مصالحهم أجبرهم على الصمت في أوقات كان الصمت فيها عاراً كبيراً، مُبيِّناً أنّ نفس هؤلاء المُتخاذلين سيأتون مُعلنين عن حفلاتهم ويستجدون الشعب بلا حياءٍ، لكن الشعب السوداني المُعلِّم سيُلقِّن كل جبانٍ دَرساً كما لقّن الطُغاة..!

نقلا عن : صحيفة السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.