هنادي الصديق: إستجواب البرهان

كنا نتحدث عن فساد المؤتمر الوطني ولا زلنا، وطالبنا مراراً بتنظيف وتنقية مؤسسات الحزب البائد من النهب والسرقة والتجاوزات الكثيرة التي شهدناها خلال الثلاثين عاماً الماضية، وكتبت في هذه المساحة قبل شهرين عن مطلوبات من سيتم تسكينهم في وظائف الحكومة المختلفة والتي سميتها بوظائف ما بعد الثورة، وأشرت لمخصصات السادة الوزراء من رواتب وسيارات، وطالبنا بأن يستخدم الوزراء سياراتهم الخاصة لمن يمتلكونها ولو مؤقتا منعا للتلاعب ودروسا يتم تلقينها للسابقين واللاحقين، وغيرها الكثير من المطالب التي تحد من إنتشار الفساد وسط المؤسسات التابعة للحكومة.
بالأمس الأول فوجئت بخبر كارثي من وجهة نظري إن صح، واتمنى اللا يكون صحيحاً، فقد رشحت الأخبار أن ثلاث شركات تابعة للخدمة الوطنية، تم الحاقها مؤخراً للضمان الاجتماعي للقوات المسلحة، هي شركة دايموند للكمبيوتر والاتصالات، شركة المسار للتعدين وشركة المسرة للمنتجات الإسمنتية.

هذه الشركات كانت تحت إدارة مدراء يتبعون للخدمة الوطنية، ومؤخرا وقبل 6 اشهر تحديدا، تم إصدار قرار من (رئيس المجلس العسكري الانتقالي) الفريق عبدالفتاح البرهان، بإحالة المدراء المعينين أساسا بغرض تخفيف تكاليف الوظيفة، وتم تعيين عسكريين من المعاش بدلاً عنهم، جزء منهم يتبعون للدفعه 31 التي يتبع لها البرهان (بحسب المصدر)، علما بأن المرتب الأساسي للمدراء السابقين كان 15,000 ألف1.

من ضمنها بدل سكن 3,000 ألف وعربة واحدة. بينما تم تحديد المرتبات للمدراء الجدد بحسب المصدر 40,000 ألف جنيه إضافة لمبلغ 15,000 جنيه، بدل سكن، لتصبح الجملة 55,000 ألف، (خمسة وخمسون الف جنيه) للمدير الواحد، بالإضافة لعربتان (العمل + البيت)، علماً بأن هنالك اكثر من 260 موظفاً كان يعمل بالخدمة الوطنية وتم التخلص منهم دون أي إستحقاقات مالية حتى اللحظة وذلك من شهر ابريل 2019.

يبقى التحري من صحة المعلومة مهم جداً ومطلب ضروري، لحسم الشائعات إن كان الخبر كاذباً أو مفخخاً رغم أني لم اتعود التشكيك في مصادري، وللتحقيق فيه إن صح ومحاسبة المتورط في هذا التجاوز الخطير الذي يدخل في باب الفساد.
والمطلوب من مجلس السيادة ومجلس الوزراء تحديداً التحقق من هذا الأمر بحسب الوثيقة لغياب المجلس التشريعي، ولا أعتقد أن الشقَ العسكري من المجلس السيادي سيمانع في إستجواب رئيسه البرهان في مثل هذه الأخبار لأنها من الاهمية بمكان ولا تقبل الصمت حيالها، فكسب ثقة المواطن حالياً هي مطلب المجلسين على السواء في الوقت الراهن.

الثورة التي قامت بقوة وعزيمة ومهرت نجاحها بدماء شباب غضَ بحثاً عن سودان جديد خالي من الفساد والقهر والذلَ، مؤكد لن تقبل أن تمر مثل هذه الأخبار مروراً عادياً، لأنها إن صحت، تعني إستمرار الفساد السابق، بل تقنينه ووضعه في قالب جديد يفوق سابقه، لذا فالبحث عن مواطن الخلل في مؤسسات الدولة المباشرة، وغير المباشرة يتطلب شفافية عالية، وروح ثورية لا تقبل الصمت ولا ولاء فيها لجودية، ولا مساحة فيها لمقولة (عفى الله عما سلف)، فكلها سوابق دأب عليها النظام السابق، وأوردت البلاد مواد الهلاك، لذا لابد من إجتثاثها من الجذور حتى تسير الثورة في ذات إتجاهها الاول.
الكشف عن الفساد مطلب، ويجب أن تتوفر له جميع الشروط اللازمة لتنفيذ مهامه وأولها الاعضاء الأشداء من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة. وقبل ذلك إعطاء الحقوق لإصحابها ممن تم فصلهم من العمل وفورا، فليس من الدين ولا الأخلاق حرمان الأجير أجره.

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.