حمدوك في بروكسل.. تفاصيل ما حدث

سودافاكس- الخرطوم :

عندما سئل الوزير المفوض حامد الجزولي القائم بأعمال سفارة السودان في بروكسل عن تقييمهم لزيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك قال لـ(السوداني): “للمرة الأولى رفع العلم السوداني في مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل، الإثنين الماضي بالتزامن مع بدء اجتماعات لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مع وزراء الخارجية الأوروبيين وقيادة الاتحاد الأوروبي لبحث الأوضاع في السودان وكيفية دعم الفترة الانتقالية، وللمرة الأولى أيضاً يحظى حديث مسؤول أجنبي في تلك الاجتماعات بالإعجاب حد التصفيق”.

واختتم حمدوك أمس الثلاثاء زيارة رسمية لبروكسل استمرت ليومين تلبية للدعوة التي قدمتها له قيادة الاتحاد الأوروبي بهدف التعرف على الوضع الحالي في السودان، وإظهار المساندة السياسية للحكومة الانتقالية، وتحديد أفضل السبل لدعمها سياسياً واقتصادياً، وضم الوفد عدداً من وزراء القطاع الاقتصادي بالحكومة الانتقالية، بينهم وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس مدني، ووزيرة العمل والتنمية الاجتماعية، لينا الشيخ، ووكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، مكي ميرغني.

حمدوك فور وصوله بالأحد انخرط في اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين دوليين وخصص وقتاً للقاء الجاليات السودانية في أوروبا، قبل أن ينخرط في لقاءات مكثفة بالإثنين بمقر الاتحاد الأوروبي ضمته أولاً إلى المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية فيدريكا موغيريني، أعقبه لقاء وزراء الخارجية كما خاطب البرلمان الأوروبي وأجاب على أسئلة بشأن سياسة حكومته وما تواجهه من عقبات.

دعم أوروبي
الحفاوة الأوروبية بزيارة رئيس الوزراء السوداني لم تقتصر على ترتيبات بروتوكولية أو كلمات دبلوماسية فقط، فبعد الاجتماع مباشرة أعلنت المفوضية الأوروبية استعدادها لتقديم مساعدات إنسانية للسودان بقيمة 55 مليون يورو – نحو 60 مليون دولار- لمساعدة المتضررين في مناطق الأزمات، في وقت امتدح رئيس الوزراء موقف الاتحاد الأوروبي بعد تلقيه تعهدات قوية من وزراء خارجية الدول الـ 28 بمساندة حكومته خلال الفترة الانتقالية.

المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي فريدريكا موغيريني قالت في تنوير صحفي عقب اللقاء: “قطعاً سندعم ونشجع الحكومة الانتقالية سياسياً واقتصادياً، فما حققه السودان يمثل مصدر إلهام في إفريقيا والعالم العربي”.
موغيريني لفتت لتقديم مساعدات إنسانية للسودان بقيمة 55 مليون يورو لمساعدة المتضررين في مناطق الأزمات إلى جانب النظر في توفير موارد إضافية للمساهمة في مواجهة متطلبات الفترة الانتقالية العاجلة.
وستخصص حزمة التمويل لعدد من المشاريع منها للأسر الضعيفة والأطفال والأمهات الحوامل والنازحين واللاجئين وآخرين.
وأضاف بيان للمفوضية أن “نحو 8 ملايين شخص في حاجة لمساعدات إنسانية بينهم 6.3 مليون لا يملكون غذاءً يلبي احتياجاتهم فضلاً عن إصابة 1 من كل 6 أطفال بسوء التغذية الحاد”.

وتابع البيان “مع صعوبة الظروف المعيشية التي تواجه الملايين في السودان بسبب الأزمات المتعددة فإن الاتحاد الأوروبي يكثف مساعدات الطوارئ للأشخاص الذين في أمس الحاجة إليها”.
وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية لينا الشيخ وصفت الزيارة بالناجحة لافتة في حديثها لـ (السوداني) إلى أن الاتحاد الأوروبي ابدى رغبة جادة في مساعدة السودان لتجاوز التحديات الراهنة بشكل سريع، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم دعماً عاجلاً للسودان، بــ 55 مليون يورو لمجابهة الأزمة الاقتصادية والعون الإنساني.
في سياق متصل، رحب الاتحاد الأوروبي بإعلان الحكومة الانتقالية في السودان إعلان الحكومة عزمها تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

وقال مفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات بالاتحاد كريستس ستيلاينديس “إن المساعدات يجب أن تصل كل أنحاء السودان ومناطق النزاع”.
وقالت المتحدثة باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية مايا كوتشيانيتش إن الوزراء “جددوا التزام الاتحاد الأوروبي السياسي القوي بدعم الحكومة المدنية الانتقالية في السودان”.
وأشارت في تصريح صحفي إلى أن الوزراء الـ 28 تبادلوا الأفكار مع رئيس الوزراء السوداني وأكدوا “استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم مادي للمساعدة في عملية الانتقال والإصلاح الاقتصادي”.
كما شددوا على ضرورة أن تكون العملية الانتقالية شاملة وتضمن دوراً فعالاً للشباب والنساء.
ومنذ العام 2011 قدم الاتحاد الأوروبي للسودان 518 مليون يورو كمساعدات منقذة للحياة.
وكان وفد من الاتحاد الأوروبي، أنهى مؤخراً زيارة للخرطوم وأعلن خلالها أن دول المجموعة الأوروبية ستقدم للسودان منحاً بقيمة 200 مليون يورو، وستقوم لاحقاً بتقديم مبلغ 141 مليون يورو، وكذلك مبلغ 100 مليون يورو، و25 مليون يورو كمساعدات إنسانية.

الاتحاد الأوروبي وعد أيضاً بالمشاركة بموفد عالي المستوى في اجتماع أصدقاء السودان المنعقد في ديسمبر القادم.
نائب الأمين العام للشؤون السياسية بجهاز العمل الخارجي الأوروبي كريستوف بيليارد قال في حديث لـ (السوداني) إن الاتحاد الأوروبي سيقوم بدعم السودان في مسارين الأول في مجال البرامج الاجتماعية والاقتصادية، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بإجراء محادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب توطئة للدخول أما المسار الثاني الخاص بمعالجة ديون السودان الخارجية أضاف: “يجب أن تزال الديون عن السودان لجهة أنه يمر بظروف استثنائية تتطلب الوقوف إلى جانبه.”

وبحسب بنك السودان المركزي تقدر ديون نادي باريس – معظمها دول أوروبية – بنحو 15.7 مليار دولار نحو -31.5%- من إجمالي الدين الخارجي كثاني أعلى مدين.
بليارد أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سيدعم جهود الحكومة الانتقالية لتحقيق السلام الشامل والعادل بالسودان وسيحث حركات الكفاح المسلح لإنجاح واستكمال مسيرة السلام بالسودان.

شراكة استراتيجية
أمام البرلمان الأوروبي أعلن حمدوك عن تطلع السودان لإقامة شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي تقوم على الفهم المشترك وتبادل المنافع.
حمدوك أشار إلى أن التغيير الذي حدث في السودان حقيقي وشامل وسلمي، قبل أن يستعرض أمام البرلمان الأوروبي أولويات الحكومة الانتقالية العشر، وهي إيقاف الحرب والسلام المستدام، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وإصلاح أجهزة الدولة ومؤسساتها، وبناء أساس متين لدولة حكم القانون والعدالة الانتقالية والمساءلة ومكافحة وتعزيز حقوق الإنسان والمشاركة العادلة للنسا، والسياسة الخارجية المتوازنة وتعزيز مشاركة الشباب، وتعزيز الرعاية الاجتماعية ورفع القدرات البشرية، والتحضير للمؤتمر الدستوري، وتنظيم انتخابات تعبر عن الإرادة الشعبية.
حمدوك أشار إلى حزمة من التحديات أبرزها تحقيق السلام وتجاوز الأزمة الاقتصادية إلى جانب البناء المؤسسي مؤكداً أن إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب من أكبر التحديات.

حمدوك لفت إلى أنهم لمسوا بوادر طيبة من المفوضية ومجلس الشؤون الخارجية مما جعلهم يتطلعون لشراكة استراتيجية، وأضاف:”نتوقع دعمكم لمفاوضات السلام فنياً وسياسياً وتمويل متطلبات مرحلة ما بعد السلام”.
وأشار أيضاً لتطلعهم لدعم الاتحاد الأوروبي لإزالة السودان من لائحة الإرهاب، إلى جانب تشجيع الاستثمارات والشراكات الاقتصادية على المدى الطويل لتمويل التنمية، ودعم الاقتصاد عبر الاستثمار في قطاع الخدمات والطرق والنفط والمعادن.
وأبدى حمدوك تفاؤلاً كبيراً بنجاح السودان في تجاوز هذه المرحلة، حتى يصبح نموذجاً على المستوى الإفريقي والعربي.
رئيس البرلمان الأوروبي ختم الجلسة بقوله: “حديث رئيس الوزراء يبعث على الأمل”.
أسئلة نواب البرلمان الأوروبي تنوعت بين إجراءات تحقيق السلام- والعلاقات مع دولة جنوب السودان، وتفاصيل الإصلاح الاقتصادي، وموقف السودان من ملف سد النهضة، وتعليم الفتيات وزواجهن المبكر، إلى جانب العلاقة مع روسيا والصين وماذا قدما للسودان.
حمدوك رد على أسئلة النواب وأشار إلى أنهم اعتمدوا مقاربة مختلفة لتحقيق سلام مستدام عبر المشاركة الشعبية ومخاطبة جذور الأزمة عبر أربع لجان سياسية واقتصادية، وقانونية وعدالة انتقالية وتعويضات، والسياسة والحكم، والترتيبات الأمنية، لافتاً إلى أنه لمس رغبة قوية في تحقيق السلام من جانب النازحين بعد زيارته للفاشر.
فيما يلي العلاقات مع جوبا أشار حمدوك إلى أن أول زيارة خارجية كانت لجوبا حيث لمس رغبة في تحقيق سلام وتنمية مشتركة ولفت إلى أنهم قاموا بفتح المعابر الحدودية الستة فضلاً عن اتجاههم لاعتماد حدود مرنة.
حمدوك أشار إلى أن هناك ضرورة ملحة لإصلاح الاقتصاد، مشيراً إلى أن التحصيل الضريبي على سبيل المثل يمثل 6% من الناتج القومي المحلي -رقم منخفض جداً- بسبب التهرب والإعفاءات مضيفاً:”هناك تدابير للإصلاح الضريبي سيتم تنفيذها قريباً”.

أما قضية سد النهضة فجدد حمدوك التأكيد على أن السد يمثل فرصة للتعاون بين الدول الثلاث مضيفاً: “من السهل إيجاد تفاهم حول الخلافات المتعلقة بملء وأداء السد”.
حمدوك أكد على أن تعليم الفتيات يمثل أولوية مما يتطلب دعماً ومساعدة من الاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين لدعم قطاع الخدمات. وفيما يلي العلاقات مع روسيا والصين فقد مثلا شركاء للسودان في الفترة الماضية حيث مثلت الصين الشريك التجاري الأول ولديها ديون على السودان ضمن تركته المثقلة من الدين الخارجي والتي تقدر بنحو 56 مليار دولار.
حمدوك أضاف أن السودان سيقوم بعلاقات خارجية متوازنة مع كل الدول على أساس المصالح الوطنية.

بروكسل: محمد عبدالعزيز
السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.