السودانيات غاضبات.. أحلام المرأة السودانية معلقة بوعود الرجال

الحضور البارز للمرأة السودانية خلال الثورة لم يأت من فراغ، وإنما بني على تاريخ عريق للحركة النسائية السودانية التي كانت من أوائل الحركات النشطة في المنطقة، كما أن أول امرأة منتخبة برلمانيا في أفريقيا والشرق الأوسط كانت سودانية أيضا وهي فاطمة أحمد إبراهيم، وفق ما جاء في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

بعد الإطاحة بالبشير كانت آمال السودانيات مرتفعة، وتوقعاتهن في الحصول على حقوقهن في التمثيل النصفي في كل أجهزة السلطة الانتقالية كبيرة، خاصة أن مشاركتهن في مناهضة النظام السابق كانت فعالة للغاية، بدءا من تنظيم المظاهرات والاحتجاجات وإيواء الثوار والاعتصام والدعم الاجتماعي، ولم يكن دورهن يقتصر على دعم الرجال فقط، بل تعداه إلى قيادة العمل اليومي المقاوم.

أحلام النساء
أطلقت نساء السودان في مايو/أيار الماضي حملة لتحقيق مشاركة متساوية في آليات التغيير، وحصول المرأة على نصف المقاعد في كل أجهزة السلطة الانتقالية.

وكانت قوى التغيير قد أعربت عن التزامها، في وقت سابق، بتمثيل عادل للنساء في كل آلياتها ومؤسسات السلطة الانتقالية، لكنها لم تلتزم فعليا بتلك النسبة، كما غابت المشاركة النسائية العادلة المتفق عليها عن التنظيمات المختلفة في لجان صنع القرار الخاص بالتغيير.

وبدا الوجود النسائي الفعلي أقل من النسبة المتفق عليها، مما دفع القيادات النسائية لتدشين اعتصام في ميدان الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، تحت اسم “نساء السودان للتغيير” والمطالبة بتحقيق المشاركة النسائية المطلوبة في أجهزة المرحلة الانتقالية.

6 سيدات في الحكم
بعد ثلاثة أشهر من ذلك الحدث، أصدر المجلس العسكري الانتقالي في السودان مرسوما بتشكيل المجلس السيادي الذي سيقود المرحلة الانتقالية لمدة 39 شهرا، ويتكون من 11 عضوا، هم ستة مدنيين وخمسة عسكريين.

وتشغل النساء فقط منصبين من بين ستة مناصب مدنية في مجلس السيادة السوداني المؤلف من 11 عضوا، ومن المقرر أن يدير ​​البلاد ثلاث سنوات حتى إجراء الانتخابات، طبقا لوكالة رويترز.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، شكلت أول حكومة سودانية منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، وعين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أربع نساء فقط لشغل مناصب، أبرزهن أسماء محمد عبد الله للشؤون الخارجية، المناصب النسائية الأخرى في الشباب والرياضة والتعليم العالي والعمل والتنمية الاجتماعية، من بين 18 حقيبة وزارية في الحكومة الانتقالية.

تقول هادية حسب الله، أستاذة الدراسات الجنسانية بجامعة “أحفاد” للنساء في أم درمان، في تصريح لرويترز “عانت الكثير من النساء من دورهن في الثورة، ليس فقط في الشوارع، ولكن أيضا قاتلن في منازلهن حتى يكن جزءا من الاحتجاجات”، مضيفة “لكننا اعتقدنا أنه كان يستحق كل هذا العناء، أن حقوقنا ستعطى الأولوية في الحكومة الجديدة، من المخيب للآمال تهميشنا بعد التضحيات التي قدمناها، لقد ذهب البشير، لكن هذا الموقف تجاه النساء مستمر”.

قد يرى البعض الصورة من زاوية أخرى، فبعد التغييب المتعمد للمرأة على مدى عقود، حيث خصص لهن بصورة رمزية في عهد البشير 25% من المقاعد في البرلمان السوداني، ولم تشغل أي امرأة منصبا وزاريا في مجلس الوزراء، بحسب “تايم”، حصلت اليوم على التمكين من خلال 4 حقائب وزارية لأول مرة في تاريخها.

غضب السودانيات
لكن الأمر بالنسبة للسودانيات اللاتي واجهن السلطة وتقدمن الصفوف المحتجة جاء مخيبا للآمال، ودفع بعض الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة إلى السفر إلى الأمم المتحدة، لطلب الدعم الدولي لمسيرة نضالهن، من أجل التمثيل المتساوي للنساء في الحكومة الجديدة.

تقول آلاء صلاح، أيقونة الثورة السودانية، في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن المرأة والسلام والأمن، يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي “قادت النساء لجان الأحياء والاعتصامات، وتمردن على حظر التجول حتى في أثناء حالة الطوارئ المعلنة، التي تركتهن عرضة لقوات الأمن. تعرضت الكثيرات منهن للغاز المسيل للدموع وللتهديدات والاعتداءات، وألقين في السجن دون أي تهمة أو محاكمة عادلة”.

تضيف آلاء، “رغم هذا الدور الواضح، فقد تم وضع النساء على الهامش من العملية السياسية الرسمية التي تلت الثورة”، وأشارت إلى أن النساء يستبعدن في الوقت الذي يكافح فيه السودان لبناء دولة جديدة.

وقالت “لا يوجد عذر لعدم الحصول على مقاعد متساوية على كل طاولة، بعد عقود من النضال، وكل ما خاطرنا به لإزالة دكتاتورية البشير بطريقة سلمية، فإن عدم المساواة في النوع الاجتماعي أمر ليس ولن يكون مقبولا أبدا بالنسبة للفتيات والنساء في السودان”.

الناشطة السودانية سماح جاموس التي شاركت في حدث الأمم المتحدة، قالت لمجلة تايم الأميركية “إننا نرى كل يوم لجنة يتم تشكيلها، جميعها من الرجال، وهذا أمر محبط للغاية”.

وأضافت “رغم ما يقولون، عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ فإنهم يعودون إلى العقلية نفسها التي لا ترى النساء حولها، أو لا يرونهن كمرشحات مناسبات ليكن في مثل هذه المناصب”.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version