عبداللطيف البوني : سنة وربع

سودافاكس- الخرطوم :

 

(1 )
يوم السبت الاول من امس 14 ديسمبر الجاري كان يوما غير عادي من ايام السياسة في السودان اذ شهد احداثا قابلة لكثير من القراءات ولعل اولها صدور الحكم على الرئيس السابق عمر البشير بالادانة والحبس في وضع خاص تقديرا لعامل السن وانتظارا لمحاكمات اخرى. ولعل اللافت للنظر أن الحكم لم يكن من محكمة طوارئ ولم يكن ايجازيا بل بقانون الاجراءات الجنائية المعمول به منذ 1991 وكانت المحاكمة علنية وقدم الاتهام صحيفة واضحة وقدم الدفاع كل ما يملك من دفوعات وتلا القاضي حيثيات حكمه بصورة مرتبة وكان الحكم ابتدائيا قابلا للاستئناف وقد اثبتت المحاكمة أن القضاء في السودان قضاء مستقل وهذه اهم لبنة في الدولة المدنية .

 

(2 )
الحدث الثاني هو المسيرة التي قام بها انصار النظام السابق تحت دثار تأييد الثورة ورفض الحكومة التي تمخضت عنها وكانت المسيرة في وسط الخرطوم مع ابتعاد عن المناطق العسكرية. والواضح أن هدف المسيرة هو القول نحن موجودون. وقد انتهت المسيرة بسلام مما يشي بأن حرية التعبير قد توفرت تماما في السودان وهذه لبنة مهمة من لبنات الدولة المدنية.

 

 

(3 )
في مساء ذات السبت كانت هناك مناظرة اجرتها قناة الجزيرة مباشر ومن مكتبها بالخرطوم اكرر بالخرطوم مع المهندس عمر الدقير والبروفسير ابراهيم غندور. وفي تقديري انها كانت مناظرة ثرية اذ استعد لها المتناظران استعدادا كبيرا وفي هذا احترام للمشاهد وللمنبر وتقدير للموقف السياسي. وقد كانت ساخنة ولكن بلغة هادئة وبعد المناظرة تبادلا الابتسامة وكانت السعادة بادية على مقدم الحلقة لروعة انجازه. انا هنا لست بصدد تحليل ما جاء في المناظرة انما اردت القول انها اثبتت أن الرأي والرأي الآخر اصبح متوفرا في السودان وهذه لبنة مهمة من لبنات الدولة المدنية.

 

(4 )
هذه الاحداث تلخص الوضع في السودان بعد عام كامل على مرور ثورة ديسمبر المجيدة ومرور ثلاثة اشهر على تشكيل حكومة الثورة , عليه يمكننا أن نقول إن واحدا من اهم اهداف الثورة وهو (مدنياوووا ) الدولة قد بانت ملامحه تماما ومن القلب نتمنى أن يكون تحقيق هذا الهدف مدخلا لتحقيق بقية الاهداف من سلام وعدالة اجتماعية ومحاربة فساد ورد مظالم لا بل تقدم ورفاهية فالطريق مازال طويلا

 

 

(5 )
حكومة الثورة ورثت تركة مثقلةوبدات خطواتها متعثرة ولكن الحكم على ادائها مازال مبكرا لكن لابد من التوقف عند اداء السيد رئيس الوزراء الذي غرَّب وغرَّب مع قليل من التشريق لفك عزلة السودان الخارجية واعادته للاسرة الدولية لكي تتحرك عجلة النمو الداخلية فقد قدم الدكتور حمدوك كل ما يمكن أن يقدمه رجل الدولة في هذا الشأن وبصورة مقنعة ولكنه بالطبع لا يتحكم في ارادة الدول الاخرى.

 

 

(6 )
في تقديري أن السودان قد اجتاز الآن العتبة الاولى في عهده الجديد ولكنه نجاح محفوف بكثير من المخاطر نجاح اقرب الى (جنى النديهة ) يحتاج الى ملازمة الفكي وبلغة حديثة مازال في غرفة الانعاش والشيطان (اللابد ) ما زال موجودا تحت ثيابنا فقولوا بسم الله ووحدوا الصف اكان يمرق.

 

 

السوداني

تعليقات الفيسبوك

‫2 تعليقات

  1. استاذ البوني كاتب ممتع ومهني ومحايد ومبدع ربنا يديك ا

    لعافية

  2. استاذ البوني كاتب ممتع ومهني ومحايد ومبدع ربنا يديك العافيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.