عبداللطيف البوني : الخليج.. عودة الروح

الخرطوم : سودافاكس
(1)
نحن في السودان أصبحنا في غاية الانكفاء على قضايانا ومشاكلنا الداخلية، وأصبحنا في غاية الزهد في أخبار العالم والإقليم حتى التي من حولنا رغم أننا نتأثر تأثيرا مباشرا بما يدور فيه، كما أن العالم كله أصبح قرية ليس من حيث الإعلام، إنما من حيث تداخل القضايا. فانظر يا هداك الله إلى صحفنا، فقد تقلصت فيها صفحات الأخبار الخارجية لا بل انعدمت في معظمها وكذلك الحيز الممنوح للأخبار العالمية المصورة في قنواتنا ضاق لدرجة العدم أحيانا، وفي تقديري أن هذه غفلة إعلامية كبيرة لا مبرر لها. وكاتب هذه السطور لا يتذكر متى تناول موضوعا خارجيا في هذا الباب.

 

 

(2)
كمثال عملي على ما تقدم، شهدت الأيام الفائتة أحداثا هامة في منطقة الخليج العربي ربما نكون قد تابعناها كأفراد ولكننا تجاهلناها كمؤسسات إعلامية رغم تأثير الخليج الكبير علينا، فمن حيث الأخبار الناعمة soft news شهدت العاصمة القطرية الدوحة الدورة الرابعة والعشرين لكأس الخليج العربي لكرة القدم، وكما معلوم أن الكرة الخليجية متطورة بسرعة مذهلة وفي مشاهدتها متعة لا تقل عن المنافسات العالمية، فالذين شاهدوا مباراة السعودية وقطر التي انتصرت فيها السعودية، ومباراة البحرين والعراق التي انتصرت فيها البحرين، كانوا وكأنهم يشاهدون مباراة من مباريات دول أمريكا اللاتينية الممتعة، وفي المباراة النهائية فازت البحرين على السعودية وكانت هذه أول كأس لمملكة البحرين. ومما يجدر ذكره أن هذه المنافسة مفتوحة للمشاهدين وعلى عدد من القنوات يحدث هذا في زمن التشفير، فالخليج درج على إمتاعنا بدون مقابل.

 

 

(3)
أما الحدث الأهم فقد كان انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، وقد اكتسبت هذه القمة أهميتها من أن الحضور كان فيها كاملا بعد قطيعة قاسية فرقت شمل الخليج منذ( 2017) . المعلوم أن مجلس التعاون الخليجي قد نشأ في (1981)، وقد ظل أيقونة العمل المشترك إذ تكاملت فيه دول الخليج اقتصاديا وأمنيا وعسكريا، ونسقت مع بعضها في سياستها الخارجية, لم تلجأ دول الخليج لوحدة سياسية فوقية زائفة إنما تكاملت عمليا، إذ كانت التجارة بينها حرة تنساب فيها حركة الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال وأنشأت سوقا خليجية مشتركة وألغت الجمارك فيما بينها وأنشأت اتحادا نقديا، وأصبح أي مواطن في أية دولة من دولها يتمتع بكل الحقوق في الدول الأخرى من تنقل وتملك وإقامة وبيع وشراء، وكانت في طريقها الى العملة المشتركة والفيزا المشتركة لولا قطيعة (2017).

 

 

 

(4)
كل الدلائل تشير الى أن القمة الأخيرة التي ترأسها عاهل المملكة العربية السعودية وحضرها رئيس الوزراء القطري، شكلت البداية لعودة الروح الجماعية للخليج. ولعل في ذلك عودة الروح للعمل العربي المشترك لأن الخليج أصبح مركز ثقل العالم العربي. والأمر المؤكد أن المملكة العربية السعودية هي قلب الخليج النابض، وهي التي في مقدورها أن توحد الخليج وتحدو به ركب العالم العربي الذي يعاني الآن من التشتت وفقدان البوصلة مما مكن الدول التي تقع في تخومه (إيران تركيا) وفي وسطه (إسرائيل) من تمزيق دوله والعبث بشعوبه، أما نحن في السودان فسنكون من أوائل المستفيدين من عودة الروح الجماعية للخليج العربي، فهلا استعد واضعو السياسة في بلادنا لهذا الحدث القادم؟

 

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.