الطاهر ساتي : آليات ترشيد الدعم (1)

سودافاكس- الخرطوم :

:: ما يؤرق مضاجع الناس في بلادنا، ليس الأكل والشراب، ولكن التعليم والعلاج .. فالشاهد أن الأسر تصرف الكثير في العلاج والتعليم، والقليل في الأكل والشراب، ولو نجحت الحكومة في تخفيض ميزانية صرف الأسر على التعليم والعلاج، فإن آثار سياسة ترشيد الدعم – المسماة برفع الدعم – لن تكون ثقيلة على هذه الأسر.. فمع ترشيد الدعم، يجب مراجعة قوانين وميزانيات ونظم إدارة مؤسسات التعليم والعلاج، بحيث يكون التعليم (مجاناً) والعلاج بأقل التكاليف ..!!

 

 

:: ولا توجد هناك آلية أفضل من التأمين الصحي لتخفيض تكاليف العلاج .. والمؤسف، رغم ارتفاع تكاليف العلاج، لا يزال التأمين الصحي (متخلفاً) وعاجزاً عن ملاحقة التكاليف.. أولاً، مظلة التأمين، مقارنة بحجم السكان ونسبة الفقر، دون الطموح .. فالسلطات المسؤولة عنها عاجزة عن توسيع هذه المظلة بحيث تشمل الجميع ..وإدخال الناس إلى مظلة التأمين الصحي كان يجب أن يكون بذات قوة تأمين السيارات.. إن كان تأمين السيارة (إلزامياً) عند الترخيص السنوي، فلماذا لا يكون التأمين الصحي إلزامياً أيضاً عبر آلية أخرى .؟؟

 

 

:: ثم أن السلطات لا تشغل الصحف وتثير الرأي العام وتنشر ثقافة التأمين الصحي.. فالتأمين الصحي فكرة بروح التكافل، بحيث يتكفل المجتمع علاج الفرد..ولكن بالكسل والتجاهل واللامبالاة والتواكل، يهدر المواطن الكثير من الحقوق التي في متناول يده، ومنها حق العلاج بواسطة (بطاقة)..فالنسب التي تحت المظلة، رغم التحفظ على دقتها، لا تتناسب مع حال الناس والبلد و(فقرهما)..وعلى سبيل المثال، بالخرطوم، لم تتجاوز المظلة (4 ملايين أسرة)..!!

 

 

:: ولا تتناسب مع نسبة الفقر بالولاية (26%)، حسب إحصائيات رسمية، وبالتأكيد غير (دقيقة)، كما التعداد السكاني..وهكذا تقريباً حال كل ولايات السودان..وخاصة الولايات التي مجتمعاتها تعتمد على القطاع الحر، إذ هي الأكثر إهداراً لحقوق التأمين الصحي، ورغم أنها الأكثر حاجة إلى هذه الحقوق..وبجانب الحكومة، فالمجتمع والإعلام مطالبان بلعب دور إيجابي مؤثر يساهم في نشر ثقافة التأمين الصحي بحيث تشمل المظلة الجميع، وذلك عبر المنظمات والمساجد والكنائس والأندية والاتحادات الطلابية والشبابية ..!!

 

 

 

:: ولو كل ناد ومسجد ومنظمة وجمعية تحركت في محيطها بالإحصاء والدراسة، بإمكانها توفير قائمة الأسر غير القادرة على حيازة تلك البطاقة، وكذلك بإمكانها توفير قائمة الأسر الكريمة الراغبة في توفير تلك البطاقة لغير المستطيع..وكذلك لجان المقاومة، عليها تجاوز مرحلة الثورة ومتاريسها إلى مرحلة الدولة ومسؤولياتها، إذ هي تستطيع أن تلعب دوراً عظيماً في توسيع دائرة التكافل العلاجي، بحيث تتحمل الأسر المقتدرة – عن الأسر المتعففة – قيمة البطاقة ..!!

 

 

:: ثم أن سياسات التأمين الصحي لا تزال (متخلفة)، وبحاجة إلى تطوير ..فالمظلة العلاجية لا تشمل الكثير من التخصصات، وفي هذا ظلم للمريض الذي يدفع شهرياً قيمة تأمينه الصحي، ثم يتفاجأ عند المرض بأن علاج مرضه خارج مظلة التأمين ..وكذلك لا تزال أدوية كثيرة خارج قوائم أدوية التأمين، وهذا يُرهق المواطن ثم يؤدي إلى فقدان الثقة في التأمين الصحي.. وكذلك آفة الاحتكار، وليست من الحكمة أن تحتكر بعض المشافي والمراكز (علاج التأمين)، وليست من الحكمة أيضاً أن تحتكر بعض الصيدليات (أدوية التأمين).. !!

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.