عبداللطيف البوني : (2020) سنة سخية

الخرطوم : سودافاكس

(1)
يحدوني تفاؤل داخلي وعميق بأن عام 2020 سيكون عام خير وبركة على السودان قد لا أعرف مصدراً لهذا التفاؤل أو قد يكون الأمر مجرد أمنيات مركوزة في الداخل وهذا لا يقلل من أهميته لأنه يعني ببساطة ان اليأس والقنوط لم يعد مسيطراً. نعم الواقع لا يبعث على التفاؤل فحال بلادنا يغني عن سؤالها تضخم غير مسبوق، انحدار شديد في قيمة الجنيه السوداني، البلاد مشدودة من أطرافها غربا في الجنينة وشرقا في بورتسودان، العاصمة مكدرة، عصابات نيقرز، مستشفى أمبدة الساحة الخضراء وان شئت قل ساحة الحرية، نقص حاد في مياه الري لحواشات القمح، مزايدات في مفاوضات السلام بجوبا، كل هذه قد تكون شتاتاًً وقد يجمع بينها خيط واحد ولكنها في النهاية تبقى تفلتات محدودة ومؤقتة وبقية جسد البلاد بخير، وفي ذات الوقت تهب علينا موجة برد عاتية تجعل الموسم الشتوي يضحك وتجعل بقية أجزاء جسم البلاد السليمة تتداعى على الأجزاء المريضة وتنفخ فيها العافية فيغلب التفاؤل.

 

(2)
لا أعرف لأسرار الأرقام سبيلا، ولكن البعض يؤمن به فـ( 2020) رقم جميل يقبل القسمة على اثنين وعلى أربعة وعلى خمسة وعلى عشرة دون أي خارج قسمة (أبو الزفت –خارج القسمة – دي نكتها من وين والله ما عارف). فالقبول بالقسمة على كل هذه الأرقام دليل سخاء وكرم فياض، فعام 2019 لا يقبل القسمة إلا على نفسه ولكن هذا العام بالنسبة لنا كان عام انتفاضة وثورة وتحول كبير.
ففيه بدأت نهاية فترة عصيبة وفيه انفتحت الكوة للوضع الجديد، فجمال أرقام 2020 بالطبع ليست لنا وحدنا ولكن النقلة الكبيرة من 2019 الى 2020 حقتنا برانا وهو هو مبعث تفاؤلنا بعام 2020 ثم الأهم نحن في السودان أخذنا كوتتنا كاملة من التدهور والتراجع يعني خلاص كملنا التراجع فكان لابد لنا من أن نصطدم بـ(دقار) ويقف التراجع ويبدأ السير في الاتجاه المعاكس، ففي ظني أو في أمنيتي ان 2019 هو الدقار لتبدأ الحركة الأمامية في 2020م.

 

 

(3)
نعم الاستقطاب السياسي الآن على أشده وسن السكاكين والفؤوس وسل الخناجر على أشده ولكن إذا القينا نظرة عابرة لتاريخ البلاد الحديث الذي بدأ مع محمد علي باشا 1821 نجد أنها مرت بفترات أصعب من هذه بكثير فكم سالت دماء الناس جداول في هذه البلاد وكم ضربتها المجاعات والأوبئة وكم مات الناس سمبلا في أطرافها وفي مركزها ومع ذلك نهضت وسارت لو بخطى متعثرة.
في تقديري ان الجديد التي تزامن مع 2020 هو الوعي الذي يجتاح البلاد، الوعي الذي أحدث ثورة ديسمبر والثورة قامت ببلورة ذلك الوعي وعي بأهمية ان يكون لبلادنا موقع تحت الشمس وعي بأن مكانة الفرد في عالم اليوم ترجع لمكانة بلاده، وعي بأن الحلول الفردية لا تجدي في إطار تدهور عام.

 

 

 

وعي بان بلادنا هذه غنية بالموارد، في تقديري بل في أمنيتي ان تكون المماحكات والحزازات الجارية الآن لا تعدو أن تكون (فورة لبن) والعقل الجمعي إن شاء الله قادر على صب الماء على ذلك اللبن الطامح ليبقى في حدود الإناء ليتكرعه كل أهل السودان هنيئاً مرياً.. فمن فضلكم انزعوا رداء الخوف واليأس وتفاؤلوا خيراً تجدوه، فالتغيير يبدأ بالنفس.

 

 

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.