العقد الكبير الذي وقعته وزارة المعادن أمس الأول مع شركة روسية، بحضور رئيس الجمهورية، ويستهدف إنتاج كميات ضخمة من الذهب، هو بلا شك عمل إستراتيجي مهم وخطوة تعادل أميالاً في الاتجاه الصحيح.
وحسب ما ذكر وزير المعادن الناجح الفالح د. “أحمد الكاروري” فإن ما اكتشفته الشركة الروسية باستخدام أجهزة حديثة ومتطورة من احتياطيات الذهب في مناطق تنقيبها يبلغ (46) ألف طن من الذهب تصل تقديرات قيمته إلى (300) مليار دولار!!
إذن.. هو بالفعل (كنز) كما وصفه الوزير، وبلادنا في أمس الحاجة لخروج هذا الكنز الكبير ليكون خيراً وبركة على أهل السودان، وأن تستفيد حكومتنا من تجربة إهدار مليارات البترول من العام 1999 وإلى العام 2011 تاريخ انفصال (جنوب السودان)، وعدم توجيهها لصالح قطاعات الإنتاج في الزراعة والصناعة وشبكات القطارات والمترو من وسائل المواصلات الحديثة بالغة الأهمية في بلد مترامي الأطراف.
سيقول أحدهم: قروش البترول عملنا بيها (سد مروي) وطرق وجسور.. وسنقول له: ربما تم استغلال عائد البترول كضمانات، ولكن السد مولته صناديق خليجية بالإضافة إلى الصين في شكل قروض بالفائدة، وكذا بعض الطرق والجسور.
نحتاج أن نتدبر- حكومة وعلماء وخبراء- في أمر اقتصاد هذا البلد، ونطرح البدائل والحلول وندفع بالمقترحات العملية والعلمية للخروج من الضائقة الاقتصادية، وإن تعسر الوصول للمسؤولين وأصحاب القرار، فليدفع الخبراء بأطروحاتهم عبر الصحف وأجهزة الإعلام الأخرى، فالقضية وطنية تهم الجميع وليست سياسية ينتفع أو يتضرر منها حزب حاكم أو حزبان.
وغير الفائدة المادية المباشرة المتوقعة من دخول الشركات “الروسية” في استثمارات المعادن بالسودان، فإن الاتجاه ناحية “موسكو” يعني بالتأكيد إضعاف أثر العقوبات “الأمريكية” اللئيمة المفروضة على السودان منذ منتصف تسعينيات القرن المنصرم.
حتى وإن كنتم تحبون أمريكا وتخطبون ودّها، وتسعون للتطبيع معها، فإن الطريق الأقصر إلى “واشنطن” يمر عبر “موسكو”.
قد يكون ذلك مخالفاً لحسابات المسافة والجغرافيا، ولكنه صحيح بمفهوم تقاطعات السياسة الدولية وضرورة استخدام كروت الضغط والاعتماد على تحالفات ومصادر مختلفة في كل المجالات لإحداث التوازن المطلوب.
مبروك لشعب السودان (كنز الذهب) الجديد.. وتفاءلوا خيراً لتجدوه.
صحيفة المجهر السياسي