أحد المعدنين: السلطات المصرية صادرت كل ممتلكاتنا التي تحتوي على أجهزة كهربائية وسيارات وموبايلات ونقود وحكم علينا بالسجن لمدة شهر

استقبلتهم فجراً بمطار الخرطوم (الصيحة) تلتقي “المعدنين” وأسرهم وتوثق قصة مأساتهم

العائدون يروون قصصاً مأساوية ، ومعاناة تطاول ليلها

الخرطوم: محمد نور محكر – محمد أبو زيد

القنصل العام : الضغط الإعلامي كان سبباً في مساعدة السفارة في الإفراج عن المعدنين

السفير أحمد الصديق : ستعمل على استرجاع كل متلكات المعدنين التي صادرتها السلطات المصرية

ثمة سبب آخر للفرحة، وهو أن بعض المعدنين تم توقيفهم من قبل السلطات المصرية، من داخل الحدود السودانية، وهو ما كان سبباً في الإحساس بالظلم

أحد المعدنين: السلطات المصرية صادرت كل ممتلكاتنا التي تحتوي على أجهزة كهربائية وسيارات وموبايلات ونقود وحكم علينا بالسجن لمدة شهر

بينما كانت الساعة تشير إلى حوالى الثانية والنصف صباحاً كانت طائرة رئاسية خاصة تهبط في مطار الخرطوم. القادم لم يكن رئيساً أو دستورياً كما أنه ليس ضيفاً على البلاد، أو مستثمراً كبيراً يحمل في طياته الدولار أو الذهب، ولكن مع ذلك اكتسب وصول الطائرة أهمية بالغة، لكونها كانت تحمل في جوفها ذهبا بشرياً، هم بعض السودانيين الذين خرجوا من بيوتهم فير حلة البحث عن الذهب، فوجدوا أنفسهم بين قضبان الحديد المصري.

ببساطة، كانت الطائرة الرئاسية التي اهتزت لوصولها باحة مطار الخرطوم، من فرط الفرحة، تحمل في جوفها المعدنين السودانيين الذين كانوا محتجزين بسجون مصر، لذا جاء هبوطها في مطار الخرطوم الدولي وسط ترقب كبير من أهالي المعدنين والقيادات التنفيذية والدبلوماسية في الدولة.

دموع الفرحة

لم يتمالك الكثير من الواصلين والمستقبلين مشاعرهم، لذا طفرت الدموع من مآقي بعضهم بغزارة، وذلك بعدما وصل 37 من شباب السودان إلى بلادهم، من بعد احتجاز مؤسف، لذا لم تكن دموع الأهالي عزيزة، فقط انتظروا لقاء القادمين منذ مدة طويلة.

ثمة سبب آخر للفرحة، وهو أن بعض المعدنيين تم توقيفهم من قبل السلطات المصرية، من داخل الحدود السودانية، وهو ما كان سبباً في الإحساس بالظلم، لذا جاء الإحساس بالفرح عظيماً، وبذات الدرجة المقابلة.

وهذا المشهد سبقته لوحة بديعة رسمها بعض المعدنين بمجرد أن وطأت أقدامهم أرض البلاد مرة أخرى، فقد قام بعضهم بالسجود شكراً لله على نعمة العودة إلى الوطن سالمين، ليكون ذلك بوابة يدلف عبرها المعدنون إلى صالة المطار الخاصة بكبار الزوار (vip)، حيث استقبلهم الحضور بالتهليل والتكبير والأحضان والدموع.

أغلى من الدهب

بعد وصول المعدنين بسلام لمطار الخرطوم، ونيلهم التبريكات والتهاني من قبل الأهل والأصدقاء، تصدى القنصل العام خالد إبراهيم الشيخ لتوضيح الحقائق، مجيباً عن أسئلة الصحفيين، حيث أكد أن عدد المعدنين الذين وصلوا إلى مطار الخرطوم بالأمس يبلغ عددهم 37 معدناً تم إطلاق سراحهم بعفو من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقال إنهم فور تأخر عملية إطلاق سراح المعدنين قاموا بتشكيل لجنة أزمة وغرفة عمليات نشطت خلال أسبوعين متواصلين من العمل ليل نهار، وتواصلت مع السلطات المصرية المختلفة ممثلة في وزارة الخارجية وجهاز الأمن الوطني وقطاع الأمن والسجون وغيرها من المؤسسات المصرية، وأضاف: استطعنا من خلال الضغوط القوية التي مارسناها واهتمامنا بإنسان السودان القيام بإخراج الأوراق الثبوتية لهم، مبيناً أن السفارة السودانية في القاهرة دائماً ما تصر على جعل المواطن السوداني عزيزاً مكرماً.

وأشار القنصل العام خالد إبراهيم الشيخ إلى الدور الكبير الذي قام به الإعلام السوداني في تنبيه الناس إلى قضية المعدنين السودانيين المحتجزين في سجون القاهرة، مشيراً إلى أن الضغط الإعلامي كان سبباً قوياً في مساعدة السفارة في الإفراج عن المعدنين، وشدد الوزير المفوض على وقوفهم التام مع كل مواطن سوداني مهما كلف الأمر، قائلاً إن “أولئك الشباب ذهبوا للبحث عن الذهب ولكنهم لا يعلمون أنهم هم الذهب الحقيقي”.

بداية القصة

التقت (الصيحة) بعدد كبير من المعدنين العائدين من سجون القاهرة معبرين عن سعادتهم الكبيرة في العودة مرة أخرى إلى أرض الوطن بعد أن فقدوا الإمل في العودة، وثمنوا جهود رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية والسفارة السودانية بالقاهرة بالعمل المتواصل على حل قضيتهم، وأبلغ أحد العائدين مؤيد يوسف محمد علي (الصيحة) أن السلطات المصرية القت القبض عليهم داخل الحدود في شهر ديسمبر من العام 2014 وشكى مؤيد للصحيفة من المعاملة التي وصفها بالسيئة التي قابلوها من السلطات المصرية في السجون قائلاً إنهم كانوا ينامون على الأرض ومن دون أغطية تقيهم البرد القارس، مشيراً إلى أن معظم المعدنين كانوا في البداية موزعين على سجون مصر، وأضاف كان جزءاً منا في سجن “المينيا”، وآخرون في سجن “الوادي” وسجن “قنا”، وحكى مؤيد بداية اعتقالهم قائلاً إنهم عندما ألقي القبض عليهم في منطقة الجبل بالعلاقي غرب شلاتين السودانية وهي تأتي بعد الشلاتين باربع ساعات أخذوا إلى سجن أسوان وكانوا ينامون على “البلاط” لفترة ثلاثة أشهر طيلة فترة الشتاء، منوهاً إلى أن السلطات قامت بمصادرة كل ممتلكاتهم التي تحتوي على أجهزة كهربائية وسيارات وموبايلات ونقود وحكم عليهم بالسجن لمدة شهر، ومن بعدها تم تحويلهم إلى سجن المينيا الذي قضوا فيه مدة أربع أشهر أخرى ومن بعدها تم إخلاء سبيلهم في السادس من أغسطس من العام الحالي 2015، ثم إعيدوا إلى سجن “القناطر” الذي مكثوا فيه 12 يوماً إلى أن تم إخلاء سبيلهم وتحويلهم إلى القاهرة مع سفير السودان بالقاهرة الذي قام باستضافتهم في فندق عادوا منه إلى الخرطوم.

مأساة الحدود

جلست (الصيحة) مع العائد صبر محمد صبر الذي قال إن السلطات المصرية إلقت القبض عليه في نهاية العام 2012 في منطقة العوينات “المثلث” وسرد صبر تفاصيل جديدة أظهرت تعدي السلطات المصرية على الحدود السودانية قائلاً “قامت قوة مصرية بالتعدي عليهم وأطلقت النار فيهم، ولكن عندما تصدى لها المعدنين الذين كانت أعدداهم كبيرة، اضطرت المجموعة المصرية على التراجع والانحساب، وأضاف صبر: “جاء ممثلون للحكومة السودانية وأبلغونا بأن الأراضي الذي نقوم فيها بالتعدين أراضي سودانية، وأعطونا الحق بالتعدين كما نشاء ولكن تفاجأنا بعودة السلطات المصرية التي ألقت القبض علينا وكنا حينها 18 معدناً وقاموا بمصادرة ممتلكاتنا جميعاً وحكم علينا بالسجن مدة ثلاثة أعوام، وقال صبر إنه أمضى في السجن ثلاثة أعوام وتبقى له منها ستة وعشرين يوماً فقط، وأشار صبر إلى أنه كان مسجوناً في سجن يسمى “بالبندر” في أسوان ثم تم تحويله إلى سجن “القناطر”.

حكى العائد أسعد بابكر حمد محمد أحمد لـ(الصيحة) تفاصيل احتجازه التي بلغت الثمانية أشهر في عدد من السجون منها سجن أسوان وسجن المينيا والقناطر بالقاهرة، واصفاً المعاملة التي قابلوها بالجيدة إلا أنه قال إن السلطات المصرية قامت بمصادرة كل ممتلكاتهم، وقال أسعد إنه تم الحكم عليهم بعام كامل وغرامة تبلغ عشرين ألفاً.

فرحة أهالي

جلست (الصيحة) مع أهالي العائدين الذي عبروا عن امتنانهم العميق للمجهودات التي بذلتها الحكومة السودانية في سبيل إطلاق سراح ذويهم، والتقت (الصيحة) بشقيق العائد وقيع الله محمد صبر الذي قال إنه شقيقه ذهب إلى التعدين قرابة الثلاثة أعوام لم يره فيها إلا أن وقيع الله قال إنه كان في اتصال دائم مع شقيقة طيلة الفترة التي قضاها في سجون مصر، كما أبلغ أحد ذوي العائدين (الصيحة) أن شقيقه فتح الرحمن البشير الذي قال إنهم لم يروه قرابة أحد عشرة شهراً، مشيراً إلى أنهم كانوا في اتصال معه لكن الاتصال انقطع في الخمسة أشهر الأخيرة لأنه لم يكن مستقراً في سجن معين، وقال أحد ذوي العائدين الذي كان في استقبال ثلاثة من المعدنين إنه كان في اتصال دائم مع ذويه طيلة الفترة التي قضوها في سجون القاهرة، مشيراً إلى أنهم لاقوا معاملة جيدة في الفترة الأولى من اعتقاله، ولكن تغيرت المعاملة إلى الأسوأ في الفترة الأخيرة، قائلاً إن السفارة السودانية في القاهرة كانت أيضاً في اتصال متواصل معهم وزيارات متواصلة إلى أن تم إطلاق سراحهم.

تأخير غير مبرر

التقت الـ(الصيحة) بالمدير العام للشؤون القنصلية بوزارة الخارجية السفير أحمد الصديق الذي كان ضمن وفد وزارة الخارجية المستقبل للمعدنين السودانيين، وأفاد السفير أن المعدنين العائدين كانوا موزعين على سجون مختلفة في مصر ما بين سجن القناطر وأسوان، وتم مؤخراً جمعهم في سجن واحد بعد إصدار قرار العفو عليهم من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأبان الصديق أن الحكومة المصرية أبدت تعاوناً تاماً في الإفراج عن المعدنين، إلا أن الأمر لم يخلُ من بيروقراطية تسببت في تأخر عملية تنفيذ إطلاق سراحهم، مشيراً إلى أن السفارة السودانية بالقاهرة بذلت جهوداً وصفها بالمقدرة في إطلاق سراح المعدنين وقامت باحتوائهم تحت رعايتها وأكملت لهم إجراءات العودة للبلاد.

استوثاق

وعن تعرض المعدنين السودانيين لتعذيب أو مضايقات من قبل السلطات المصرية قال السفير إنهم لم يتأكدوا بعد من تعرض المعدنين إلى التعذيب أو المضايقات، ووعد بأن السفارة ستستوثق من الأمر منهم وبعدها سيكون لكل حادث حديث، وقال السفير إن الحديث عن عمليات التعذيب وردت في مواقع التواصل الاجتماعي وليس من أي قنوات رسمية وأضاف “لكن نحن لا نتوقع بأن تكون السلطات المصرية عاملت المعدنيين بطريقة غير كريمة في ظل العلاقة الأخوية الطيبة، بين البلدين في هذه الفترة”

مصادرة ممتلكات

وأكد السفير أحمد الصديق أن السلطات المصرية قامت بمصادرة كل ممتلكات المعدنين بدعوى أنهم دخلوا إلى أرض دولة أخرى، مؤكداً أن الحكومة ستعمل على حل تلك المشكلة لاسترجاع كل متلكات المعدنين لدى السلطات المصرية ودعا وزارة الداخلية والجهات المختصة تأمين الحدود بشكل تام تفادياً لتكرار دخول المعدنين السودانيين إلى الأراضي المصرية مرة أخرى عن طريق الخطأ.

تعليقات الفيسبوك

تعليق واحد

  1. حمدآ لله علي الخروج من سجن فرعون وعودآ حميدآ لارض الوطن وحقيقة ان الذهب الحقيقي هو آنتم ويبدو أن حكومتنا قد ادركت أخيرآ ان الذهب هو المواطن السوداني
    التحية لكل من سعي لرد كرامة السودان وتحية لقواتنا البحرية التي قامت بالقبض علي حرامية السمك المصريين ومبادلتهم بأبناءنا المعدنين والتحية لجهاز الامن الوطني علي جهوده وسفارة السودان بعاصمة جار السوء الشمالي

    وحلايب سودانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.