الخبير في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أحمد عطا الله: هناك نظام لمراقبة غسيل الأموال ويجب قفل أبواب الفساد

سودافاكس- الخرطوم : هناك توقعات في المدى القريب برفع اسم السودان من  قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإن حدث الأمر فعلياً يفتح الباب واسعاً أمام الاقتصاد السوداني للتحرّر من قيوده التي أقعدته طوال الحقب الماضية من الاندماج بشكل كلي في النظام المصرفي العالمي.

 

والوضع الجديد قطعاً يتطلب بنية تحتية مُهيأة في مجال القطاع المصرفي وتعديل القوانين والسياسات المصرفية لسرعة المواكبة مع التطورات، وفي نفس الوقت الوفاء بالمطلوبات الأساسية فيما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وقفل أبواب الفساد في المعاملات التجارية من أجل بناء نظم مصرفية تسير في الاتجاه العالمي بخطى واثقة.

 

تلك الرؤية المستقبلية للاقتصاد والمصارف رسم معالمها  الخبير العالمي في المجال أحمد عطا الله في حوار ضافٍ وشافٍ، فإلى محاوره معاً.

*كيف ترى وضع السودان فيما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب؟
السودان قبل  العام 2015م كان ضمن الدول  تحت الرقابة فيما يخص الالتزام بإجراءات ومعايير غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وبعد  العام 2015م  استوفى السودان الشروط بإصدار قوانين كافية اعتمدتها منظمة مجموعة  العمل المالي الدولية التابعة للأمم المتحدة، ولكن أعتقد أن القوانين وبعض إجراءات العمل المصرفي صدرت في شكل تعاميم  من البنك المركزي للبنوك، وقد اطلعت عليها، ودائماً المصارف المركزية  تُصدر التعاميم كمؤشرات، وبعد ذلك ترجع المصارف للمعايير الدولية إذا كانت مجموعة العمل المالية أو مجموعة “ويلزبيرغ”.

 

*ولكن، هل البنوك جاهزة بعد أخذ تعاميم البنك المركزي؟
أبداً،  من  المفروض أن تعمل البنوك إجراءات تفصيلية يكون فيها دور لكل موظف وتفعيل الرقابة على كافة التحركات المصرفية والإيداعات والسحوبات وأي نوع من المعاملات المصرفية، أي  معايير محددة  للرقابة، وهي موجودة في التشريعات التي أصدرتها الأمم المتحدة من خلال لجانها  المختلفة والبنوك السودانية محتاجة إلى الوعي الكبير والتدريب والتأهيل حتى تستطيع تفسير كل المعايير والقوانين الدولية وربطها بتعاميم بنك السودان، ومن ثم ترجمتها في سياسات وإجراءات العمل، وأعتقد أن البنوك تفتقدها في الوقت الحالي فيما عدا فروع البنوك الأجنبية الموجودة في السودان، وهي  تتلقاها من إداراتها من البنوك الأم.

 

*وماذا عن مسألة الشفافية في النظام المصرفي؟
ليست متوفرة نتيجة لغياب ما يسمى (حوكمة الشركات)،  وحالياً البنك المركزي، أصدر تعميماً يخص حوكمة الشركات وطلب من البنوك تطبيقها، وهناك حد أدنى من المعايير الدولية لابد لنا من مراعاة المتطلبات الموجودة والصادرة من الجهاز المصرفي داخلياً، لأننا في القريب العاجل سوف نتعامل مع بنوك أوروبا وأميركا، ويجب أن نكون ملمين بالإجراءات  الخاصة بالحوكمة.

 

*في رأيك كيف يمكن تحقيق الاندماج في النظام المصرفي العالمي؟
حال  تم رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب، هناك استبيان متعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وإجراءات وسياسات عمل ورقابة وحوكمة تتطلب تقديم أدلة ومستندات معها ما يثبت،  والهيكل الإداري للمؤسسة من خلاله معرفة هل الإدارات مكتملة، وبعد ذلك تتم الموافقة لفتح حساب  وقسم الانضباط في أي بنك في الخارج إذا لم يوافق على هذا الاستبيان فموظف العلاقات الخارجية في البنك  لن يقدرعلى الموافقة  على  إجراءات فتح الحساب، وعلى المستوى الداخلي كان يمكن أن تطبق نفس الخطوات، ولكن  للأسف هذا  لم يحدث.

 

*هل تتوقع أن يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قريباً؟
نعم، التحركات السياسية الجارية، تؤكد أنه خلال الفترة ما بين 3 إلى 4 أشهر يمكن أن يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهذا يسهل  من فتح اعتماد محلي لاستيراد السلع والبضائع بسعرها الأصلي مما يؤثر مباشرة على الأسعار في الداخل وتراجعها إلى الحد المعقول والاستفادة من  العلاقات المصرفية والاستيراد من كافة الدول وسداد القيمة بالدولار في المقاصة الأميركية بنيو يورك والأوروبية باليورو، وهذه نعاني من مشكلة فيها ومحرومون منها، وعند العودة مرة أخرى للمجتمع الدولي، وقبول عضويتنا  في المقاصتين، بالتالي نستطيع سداد الدفعيات كافة، وسوف يكون هناك أثر مباشر على الاقتصاد.
ونحتاج إلى فتح حساباتنا مع المراسلين في الخارج والتي انقطعت لأكثر من 30 سنة وهناك معايير ومتطلبات جديدة لابد من الإيفاء بها.

 

 

  • هل تمتلك المصارف السودانية المقدرات الكافية لتحقيق ما أشرت إليه؟
    حقيقة، نحن نفتقد الخبرات المتراكمة في المصارف  والمعاملات الجارية  محلية بحته قد تُجرى بالهاتف أو ربما  تطييب خاطر،  ونحتاج إلى  تدريب مكثف، وتأهيل ومراجعة كل السياسات، ومن خلال شركة  “أبرايت” للاستشارات، عملنا نموذجاً للبنوك السودانية وموديل للتدريب بـ12 نموذجاً سهلاً وبسيطاً لفائدة المصارف ونحتاج  فقط إشراف البنك المركزي، ولدينا مبادرات وتقدمنا بخطاب لمحافظ البنك المركزي ورئيس الوزراء، ونائب مجلس السيادة لرعاية السمنار المزمع إقامته من قبل الشركة الأسبوع القادم، وهي فرصة للتفاكر وأتينا لندق ناقوس (الحصة بدأت).

 

  • الأوضاع الاقتصادية لم تشهد تحسناً  ملموساً  بعد الثورة ما تعليقك؟
    لابد من تجهيز  البنية التحتية والمصارف أساس العمل الاقتصادي، وعلي كافة  الجهات والشركات والتجار العمل معاً لتحقيق ما نصبو إليه،  والمشكلة الأساسية لعدم ظهور أي تحسن في الاقتصاد شح الموارد وقلة النقد الأجنبي، فالسودان لديه موارد قد تكفي الميزانية بالعملة المحلية، ولكن لا موارد للنقد الأجنبي وعملياً نستورد بقيمة كبيرة تستهلك نقداً أجنبياً غير متوفر، مما اضطر الشركات لتوفير النقد من السوق الموازي، و ربما  تضطر جهات رسمية لاستيراد سلع أساسية  وقود، أدوية ودقيق  أيضاً إلى الموازي،  وبالتالي تنخفض  قيمة الجنيه نسبة لعملية العرض، والطلب غير المتكافئ في السوق بالنسبة للعملة المحلية والأجنبية، ولكن في نفس الوقت عند المقارنة هناك شريحة كبيرة جداً في السودان عندها دخل ثابت،  تتأثر مباشرة بخفض قيمة العملة أو ارتفاع الدولار مما يؤدي الى فساد ومعاملات ملتوية، وفي نهاية الأمر قد يلجأ البعض إلى أساليب خاطئة، ولن يتحسن الاقتصاد إلا  بتوفر مساعدات دولية بضخ ودائع بالنقد الأجنبي في البنك المركزي  تساعد كثيراً،  ووزير المالية أكد الحاجة الى 5 مليارات دولار ونحتاج لدول تساعدنا وتقف معنا أو منح  إلى حين، إن قدرتنا على  ترشيد الصادرات والتي نملك منها ما يوفر عملة أجنبية مثل الذهب وقيمته تغطي أكثر من 70 إلى 80%، وبحسب تقارير، فإن  البنك المركزي يشتري 20% من الذهب المنتج والبقية تباع في الخارج، وحصائل الصادر تظل بعيدة عن الخزينة المركزية، وهي مشكلة، ولدينا منتجات كثيرة مثل السمسم والذرة وغيرهما، ولكن هل تدخل حصيلة الصادر إلى البلاد فعلياً؟
    *آليات ضبط السوق هل هي كافية؟
    الجهاز التنفيذي الحالي لن يستطيع لوحده ضبط السوق، ولابد من  تضافر جهود الاجهزة الأمنية والعدلية  والتشريعية  وإصدار قوانين وإجراءات  صارمة في هذه المسائل.
    *حال تم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ما هي المكاسب المتوقعة ؟
    عند رفع العقوبات، من الممكن أن تساعد السودان  بالاستيراد المباشر بسعر أقل  مما يخفف  إلى حد ما من ارتفاع الأسعار  والأمر الآخر جذب الاستثمار، فهناك شركات كثيرة كانت لا تستطيع دخول البلاد بسبب العقوبات، ومجلس الوزراء والمختصون لهم دور كبير في جذب الاسثمارات إلى السودان  والذي يعتبر (كبري ومحطة) لأفريقيا والعالم العربي، وكثير من شركات الطيران والشركات اللوجستية  يمكنها العبور عبر السودان لتوفير النقد الأجنبي وتنشيط السياحة وضبط الشركات والأفراد فيما يتعلق بحصيلة الصادر والسعي الى  التوسع في الزراعة لزيادة الواردات.

 

 

  • ما هي المطلوبات من أجل تسريع التطبيع بين النظام المصرفي السوداني والعالمي؟
    تأهيل الكوادر المصرفية، وحشد الطاقات للتدريب وتنظيم ورش للمصارف وللموظفين وتثقيف العملاء والشركات وكل أصحاب المصلحة، ولهذا  تأتي أهمية وجود الشركات الاستشارية وخاصة الوطنية، ولابد من دعمها من قبل الدولة والبنك المركزي، ويترتب على الأخير تبني تدريب جماعي للمصارف وتطوير المنتجات في المصارف.
  • المنتجات المصرفية هل تواكب العصر؟
    لا نملك منتجات تتواكب مع العصر،  والبنوك إذا لم تمول كل الأنشطة الاقتصادية  للمجتمع فلا فائدة  من الأمر، وعدم استقرار العملة سبب أساسي،  فالتحاويل وتمويل الأنشطة التجارية كافة والعملية التعليمية  تعتبر منتجات دولية بجانب  التعامل في  الأسهم والسندات لتحقيق  أموال وأرباح للبنك ولحملة الأسهم، ونعتبر هذه بداية خطوة ونؤمن على أهميتها  فلا يمكن الحديث عن الاقتصاد وننسى المصارف.
  • رغم رفع الحظر الاقتصادي في 2017م إلا أن البنوك السودانية ما تزال تواجه مشكلة في التعاملات المصرفية العالمية؟
    يوجد  قانون أمريكي يمنع البنوك والمؤسسات المالية من أن تتعامل مع أي دولة موجودة في قائمة الدول الداعمة  للإرهاب وأي نعم، العقوبات الاقتصادية رفعت، وبالتالي عند عمل أي معاملة مصرفية لن تجمد أو تصادر وإنما ترفض، لأن هناك قانوناً محلياً يمنع تلك المؤسسات من التعامل مع أي دولة ضمن قائمة الإرهاب والبنوك الأوروبية أغلبها تملك فروعاً في أميركا أو أسهمها مطروحة في سوق الأوراق الأميركية  بالتالي لن تخالف وحتى بنوك الخليج تجري الوساطات  من أجل التعامل معنا.
    *في رأيك كيف نسيطر على الدولار في السوق الموازي؟
    عند الحاجة لاستيراد أي نوع من السلع سواء كانت دقيقاً أو مشتقات بترولية تمنح الدولة  العطاءات للشركات وأغلبها من أجل أن يدفعوا للخارج مقدماً بنسبة 100%  يلجأون إلى الشراء من السوق الموازي، بالتالي انعدمت  الثقة بين الناس والمصارف والتي لن تعود إلا في حال وفرت الدولة نقداً أجنبياً إلى حد معين لتغطية الأساسيات مما يؤدي إلى نزول العملة والحد من سعر الدولار  والاستقرار السياسي من أهم مطلوبات  الاستقرار الاقتصادي، ولابد من مؤشرات إيجابية والسيطرة على حصيلة الصادر وتحفيز المغتربين وتسهيلات ملموسة من أجل ضمان تحويلاتهم عبر النظم المصرفية الرسمية وضبط صادرات الذهب، ولن يتراجع سعر الدولار من نفسه، وجزء من أسباب الارتفاع المضاربة في السوق، ولكن مهما كان، المضارب نفسه قصير.
    *آثار كشف حسابات العملاء في البنوك؟
    جريمة يعاقب عليها القانون، ويوجد قانون السرية المصرفية ولكن السؤال هل مفعل؟ هل أجهزتنا الأمنية قادرة على معرفة من سرّب المعلومة؟
    وفي حالات كشف حسابات العملاء، فهذا يعني أن النظام المصرفي لا يملك  السيطرة الكافية ومهدد بالاختراق، وحال استمرت مثل هذه الممارسات،  فالنظام الدولي لن يتعامل معنا وعلى الجهات الأمنية والبنك المركزي أخذ الأمر بجدية في حالة حدوث مثل هذه المخالفات، وعدم وجود الرقابة والحوكمة داخل المصارف يتيح لأي شخص الاطلاع على حسابات العملاء.
    *هناك حديث شائع عن عملية  غسيل أموال تمت من قبل كبرى الشركات في السودان؟
    الأنظمة المصرفية، لابد أن تملك  معايير لمراقبة غسيل الأموال، هناك نظام لرقابة غسيل الأموال يتم شراؤه ويربط  كافة العمليات  المصرفية والتراكمات والفترة الزمنية  ويوجد في  المصارف الأجنبيه وفروعها فقط، والأمر الآخر نظراً  للعقوبات الاقتصادية، قد تضطر الشركات الكبيرة إلى جهات غير المصارف لتوفير عملة أجنبية لتوفير دقيق لتجاوز العقوبات، مما يخلق باباً للفساد، وعلينا إغلاق تلك الأبواب وبناء علاقات مع البنوك  والشركات الحكومية يجب خصخصتها أو بيعها أو إغلاقها.
    *ما هو رأيك في حل مجالس إدارات البنوك؟
    علينا تجهيز البدائل قبل إقالة الأشخاص، ونملك كوادر مؤهلة في دول الخليج وغيرها، ولابد من خطة محكمة وتجهيز البديل قبل الإقالة.

 

رشا التوم
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.