حسين خوجلي: مفاوضات جوبا بين زيت الفاشر وبودرة لاهاي
سودافاكس- الخرطوم :
الكاريزما الطاغية والعافية النفسية التي اشتهر بها المشير الراحل جعفر نميري، جعلته يحتفي جداً بالنجوم والعلامات والكفاءات في تشكيلاته الوزارية المختلفة.
وكان له قلم أحمر مشهور يشطب به أي ترشيح لا يمتاز صاحبه بالكفاءة والحضور والعالمية.
كان جعفر نميري غير كثير من الرؤوساء والزعماء الأفارقة والعرب يختار الكبار، وكانوا هم يختارون الصغار من أنصاف المواهب حتى يغطوا جهلهم وبؤس شخصياتهم، وكان دائماً الخاسر عبر هذا المنهج الوطن والمواطن.
كان لجعفر نميري عبارة مشهورة للوفود الأجنبية من الساسة والمستثمرين (راجعوا الوزير فلان، فهو في هذا الأمر أكثر علماً منا وخبرة).
ولقد علق المختصون في التحليل وخبايا السياسة والمفاوضات بأن سر نجاح اتفاقية السلام بأديس أبابا عام ١٩٧٢م عائد لأمرين: عدالة القضية أولاً وكفاءة المفاوضين. فقد اختارت حركة أنانيا مجموعة من أشرس المحاربين والمفاوضين الذين خبروا الغابة وعواصم الأسفلت والمنظمات، فقد تكون وفدهم من : اسبوني مديري – جوزيف أدوهو- مادينق دي قرنق- لورانس ول.
ونثر جعفر نميري من كنانته مجموعة من أكفأ المثقفين المحترفين كل في مجاله، فكانت الثمرة هذا الاتفاق الكبير.
ترأس نجوم الوفد مولانا القاضي أبيلا لير العالم بالقوانين والعارف للمزاج السوداني الوحدودي، وكان يمثل العسكريين وزير الداخلية اللواء محمد الباقر أحمد. وكان الدكتور منصور خالد بكل علاقاته العالمية العنكبوتية المتشعبة يمثل الخارجية في المفاوضات وفي صحبته الخبير الأمين محمد الأمين، وكان دكتور جعفر محمد علي بخيت بكل ثقافته الموسوعية وعلمه بالإدارة مفتي الجميع في كل ما اشكل عليهم في هذا التخصص، أما الدكتور عبدالرحمن عبدالله وزير الخدمة العامة والإصلاح الاداري فقد قدم ورقة استيعاب باهرة لكل العائدين من الكفاءات وغيرهم. واستعان الوفد في المسائل الأمنية بكفاءة ميرغني سليمان خليل وكمال أبشر.
كنت اتمنى من كل قلبي أن تستفيد المرحلة الانتقالية من منهج جعفر نميري في اختيار الرجال، ولكننا للأسف من أمة تمحو فيها كل مرحلة سياسية محاسن المرحلة التي سبقتها. وتُربي العين الكليلة المساوي.
فهل أدرك الآن السيد محمد الحسن التعايشي سر هذا التلعثم والتبعثر والاضطراب في مفاوضات جوبا، واختلاق بدعة المسارات، وصناعة حزمة من الزعماء المزيفين؟
لقد كان الشعب السوداني ينتظر على أحر من الجمر زيت الفاشر، فاذا بهم يقذفون في وجهه لبن لاهاي المجفف.
الانتباهة
