الطيب مصطفى : الرئيس البرهان والتطبيع!

سودافاكس- الخرطوم : ] ويصر رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان على مواصلة دعوته للتطبيع مع دولة الكيان الصيهوني ويقول لصحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية التي لا تخفي تعاطفها مع معسكر التطبيع، في حوار مطول نقلته – ويا للعجب – معظم صحف الخرطوم، يقول إن لقاءه مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو (أتى في اطار بحث السودان عن مصالحه الوطنية والأمنية)، بل إن الرجل يؤكد أن (تطبيع العلاقات بين السودان واسرائيل يلقى تأييداً شعبياً واسعاً ولا ترفضه إلا مجموعات ايديولوجية محدودة، فيما تقبله بقية مكونات المجتمع)!
] اود اولاً أن اذكر الرئيس البرهان بأن جميع الدول العربية باستثناء مصر والاردن والسلطة الفلسطينية برام الله، لم تطبع حتى الآن مع الدولة الصهيونية ولا تزال ملتزمة بمبادرة السلام العربية التي تشترط، قبل التطبيع، انسحاباً كاملاً من الاراضي المحتلة عام1967 وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وسأشرح المقابل الضخم الذي دفعته الدولة الصهيونية للدول المطبعة نظير ذلك التنازل الضخم.
] ولا شرح معنى التطبيع الذي يتحدث عنه الرئيس البرهان أقول إنه يعني تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدولة المطبعة واسرائيل المحتلة.
] اقول إن معظم الذين يرفضون التطبيع (المجاني) ينطلقون من حقيقتين مهمتين، أولاهما أن (اسرائيل) دولة محتلة ومغتصبة. وثانيهما انها لا تحتل القطب الشمالي او جزر المالديف، إنما تحتل ارض فلسطين التي تضم المسجد الاقصى، القبلة الاولى للمسلمين التي صلى نحوها رسول الله صلى الله عليه وسلم حوالي (16) شهراً قبل أن يتحول نحو المسجد الحرام بمكة المكرمة ثم إن الاقصى هو مسرى الرسول الكريم ومنطلق معراجه الى السماء ونزل فيه قول ربنا سبحانه في فاتحة سورة الاسراء : (سُبحَـنَ ٱلَّذِی أَسرَى بِعَبدِهِ لَیلا مِّنَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ إِلَى ٱلمَسجِدِ ٱلأَقصَا ٱلَّذِی بَـرَكنَا حَولَهُ لِنُرِیَهُ مِن ءَایَـتِنَا إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلبَصِیرُ)!.
] لذلك يعظم عندنا المسجد الاقصى والارض التي تضمه والتي بارك الله فيها كونها ارض الانبياء من لدن سيدنا ابراهيم الخليل.
] لذلك اعجب من مسلم يتعامل مع القضية الفلسطينية تعامله مع شيء تافه لا قيمة له حتى لو كان مكاناً مقدساً تشد اليه الرحال من شتى انحاء الكرة الأرضية كما قال رسولنا الكريم عن الأقصى!
] احتج بعض الاخوة وتساءلوا لماذا نكون ملكيين اكثر من الملك وفلسطينيين اكثر من اهل فلسطين الذين طبعوا وأرد عليهم بالقول إن بعض الفلسطينيين ظلوا ولا يزالون يمتشقون السلاح جهاداً واستشهاداً. وما ارض غزة المباركة ومجاهدي منظمتي حماس والجهاد الذين لا يرضون بديلا للتحرير الكامل من البحر الى النهر عنا ببعيد، أما المطبعين من اهل فلسطين فرغم تقديري لمبرراتهم فأنني ارد بالقول: هب أن هناك عميلاً او عملاء خونة فلسطينيين لدولة الاحتلال الصهيوني، هل يمنحني ذلك مبرراً لأن انحاز الى تلك الدولة المحتلة ثم هل قاتل سلمان الفارسي مع أهله الفرس ام مع جيش وطنه (الاسلام) الذي فتح الامبراطورية الفارسية؟! وكذلك الحال بالنسبة لصهيب الرومي مع اهله الروم.. هل ننحاز الى اوطاننا القطرية بحدودها التي صنعها المستعمرون ام الى اسلامنا؟! هل يحاسبنا ربنا يوم القيامة بجنسياتنا الارضية الفانية ام باسلامنا الممتد عبر المكان والزمان؟! هل اقدم سودانيتي على اسلامي ام العكس هو الصحيح؟
] عقدت جامعة الدول العربية قبل نحو اسبوعين جلسة محضورة في مقرها بالقاهرة ناقشت خلالها (صفقة القرن) التي تقدم بها الرئيس الامريكي ترمب والتي دعت الى التطبيع الكامل مع(اسرائيل) بل الى تصفية القضية الفلسطينية وكان مما يثلج الصدر أن الدول العربية رفضتها بالاجماع وألقى وزير الدولة بالخارجية السودانية عمر قمر الدين كلمة اكد فيها على موقف السودان الثابت الداعم للقضية الفلسطينية ولاقامة دولة فلسطينية، فهل سيتنازل البرهان عن ذلك الموقف ويشذ عن الاجماع العربي والاسلامي؟!
] اما بالنسبة لمصر، فإنها طبعت بموجب اتفاقية كامب ديفيد عام 1979والذي ارجع سيناء الى السيادة المصرية والتزمت امريكا بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لمصر تبلغ مليار وثلاثمائة الف دولار كل عام علماً بأن امريكا دفعت لمصر حتى عام 2000 مبلغ 38 مليار دولار! وحصلت الاردن وفلسطين على مكاسب اخرى جراء التطبيع، فهل ضمن البرهان ان التطبيع الذي يستميت هذه الأيام في الدعوة اليه سيحقق للسودان مطلوباته الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، ثم اما كان الاولى أن يشترط اولاً كما فعل الرئيس السادات ويوقع على التزامات محددة تسددها امريكا كما فعل الرئيس السادات في كامب ديفيد بدلاً من اللقاء المجاني مع نتنياهو ثم الحملة الاعلامية والسياسية التي يخوضها الآن لتمرير مخطط التطبيع بلا مقابل؟!
] على المستوى الشخصي والحزبي ارفض اي تطبيع مهما كان الثمن قبل التحرير الكامل تبرئة لانفسنا امام الله تعالى من خيانة الاقصى والقدس ارض الانبياء.
] لكن قبل ذلك اود ان اسأل الرئيس البرهان: من الذي فوضك اصلاً بمقابلة نتنياهو متجاوزاً الوثيقة الدستورية التي نصبتك في موقعك الرئاسي والتي حددت اختصاصاتك ولم تخولك البتة بملف السياسة الخارجية المنوطة بمجلس الوزراء، ثم كيف جزمت أن (التطبيع مع اسرائيل) يلقى تأييداً شعبياً واسعاً؟! هل اجريت استفتاء كشف لك ذلك السر الباتع ثم هل كنت، وانت تقدم على تلك الخطوة الخطيرة بدون أن تحصل على موافقة المؤسسات القائمة سواء الرسمية او الشعبية، مهتماً برأي الشعب الذي تزعم انه يؤيد التطبيع، ام انك التقيت بالرجل في السر، تحرجاً وخجلاً من فعلتك التي فرضتها على الجميع ومعلوم أن (الإثم ما حاك في نفسك وخشيت أن يطلع عليه الناس)؟!
] ثم يقول نص الحوار مع البرهان إن الرجل اكد (وجود دور اسرائيلي في قضية رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب)!
] ليت الرئيس البرهان الذي تأكد انه سيزور امريكا بدعوة من وزير خارجيتها بومبيو ..ليته يغلي الثمن ويأتي باتفاق موثق على طريقة (امسك لي واقطع ليك) ذلك أن امريكا، كما قال وزير خارجيتها كيسنجر للسادات، لا تدفع ثمن ما يهدى اليها وليته يتوقف عن الحديث عن التطبيع فذلك كله هدايا مجانية لا مقابل لها اما نحن فاننا سنظل رافضين لاي تطبيع، بل اننا نكاد نعلم علم اليقين أنه سيعود من امريكا باقل مما عاد به حنين صاحب الخفين الشهيرين!
نقلا عن : الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.