الصادق المهدي: أؤيد مثول المطلوبين أمام الجنائية والتوقيع على ميثاق روما

يعد زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، من أكثر الشخصيات السياسية نشاطاً وإثارة للجدل في الفترة الأخيرة، فالرجل قاد في الأسابيع الماضية جولات ولائية حصدت قبولاً جماهيرياً منقطع النظير، وكان دائماً ما يشير تلميحاً أو تصريحاً لإمكانية قيام انتخابات مبكرة، مما جلب عليه سخطاً كبيراً من قبل رافضي فكرة الانتخابات المبكرة. في الوقت ذاته ظل الرجل حاضراً في كل القضايا السياسية والاقتصادية معلقاً عليها عبر ندواته الجماهيرية وخطاباته العامة، جلست إليه وطرحت عليه تساؤلات متعدّدة تتعلق بالمشهد الآن فخرجت بالمحصلة التالية:
] مر زهاء الستة أشهر على تكوين الحكومة الانتقالية دون أن يكون هنالك انفراج في الأوضاع الاقتصادية والأمنية وملف السلام كذلك يشهد بطئاً إلى أي شيء تعزو ذلك؟
أهم عامل عائق للحكومة الانتقالية هو تركة النظام السابق وهي تركة ثقيلة جداً ومتعبة جداً .
] ولكن إلى متى تُعلق كل الإخفاقات في شماعة النظام السابق؟
الاتفاق الذي انعقد كشراكة عسكرية مدنية بموجب الوثيقة الدستورية لم يستوعب الواقع الموجود، مما ادى ان يكون هنالك اضطراباً في الملفات المختلفة، نحن قدمنا للمسؤولين مصفوفة شددت على ان موضوع السلام يعد اولوية، ولكن ينبغي ان لا ندخل في ملف السلام قبل الاتفاق على استراتيجية السلام .

] ما هي استراتيجية السلام؟
هي استراتيجية تحدد ما هي اسباب الحرب، وذكرنا سبعة اسباب وتشمل اثار الحرب وهي سبعة اثار ويجب ان تكتب الاستراتيجية لهذه الحرب وان تكون المرجعية للحوار حول السلام وان تسلم الاستراتيجية لمفوضية .
] تقصد مفوضية السلام؟
-مفوضية يتم اختيارها من عناصر مدنية، والوضع بدون مرجعية للسلام فتح الباب لكثرة المسارات، وهذه المسارات لم تكن سبباً في الحرب مع ذلك لديها مقاعد في حوار يختص بالحرب، رأينا وما زال ان وجود مرجعية تحدد اسباب الحرب وازالة آثارها عبر مفوضية مهنية ومؤتمر قومي للسلام، هي الخطة التي يجب اتباعها إذا ارادوا تحقيق السلام .
] هل تتوقع أن تُسفر مفاوضات جوبا الحالية عن نتائج إيجابية للسلام؟
يمكن أن تؤدي الى نوع من التفاهمات، ولكن طالما لم تتبع النهج الذي ذكرته لك آنفاً لا اعتقد انها ستؤدي للسلام المطلوب، بل ستفتح الباب للاخرين لتكوين مسارات جديدة حتى يكونوا جزءاً من التفاوض.
] بمعنى.. تتوقع زيادة عدد مسارات التفاوض إلى أكثر من خمسة مسارات؟
نعم أتوقع زيادة المسارات بل إن بعض العناصر التي يرجى ان تدخل في التفاوض بصورة فيها ثقة بدأوا يفكرون في عمل تجنيد جديد (عشان يزيدوا كومهم السياسي) وهذا يعود لعدم توضيح المهام لضبط عملية السلام، عملية السلام صارت اشبه ببوفيه مفتوح، يتبارى الناس فيها ويقومون بالتصعيد بطريقة غير منضبطة، ثم ان الباب فُتح لدخول مسؤولين في عملية السلام رغم عدم اختصاصهم، الشاهد في الامر ان الوقت الحالي لا توجد جهة سياسية راغبة في تعطيل السلام وكل الناس مستعدون لدفع فاتورة السلام بدون تردد، والامر يتطلب نهجاً منضبطاً من خلال مرجعية استراتيجية وجهة مفوضة تتناول البحث عن السلام.
] اقتصادياً البلاد في أزمة كبرى مع تحركات بطيئة من قبل الحكومة لحل الأزمة؟
الاقتصاد من الاسباب المباشرة التي ساهمت في سقوط حكومة البشير، كل الاجراءات الاقتصادية لديها تبعات سياسية تؤثر سلباً، ولذلك قلنا ونكرر لا بد من مؤتمر قومي اقتصادي يأتي فيه كل من يعنيهم الامر من فنيين وساسة ومدنيين لمناقشة الازمة الاقتصادية ووضع خطة اقتصادية لمواجهة الموقف، اي تصرفات خارج هذا الاجماع تُمنع، حتى لا يكون الوضع الاقتصادي مدخلاً للاستقطاب كما يحدث الان.
] في تقديرك كيف تتعامل الحكومة مع الوضع الاقتصادي حالياً؟
النهج الاقتصادي الحالي صار مدخلاً للاستقطابات .
] أمنياً أيضاً هنالك بعض التفلتات هنا وهناك؟
نواجه ازمة امنية كبيرة جداً تتطلب ان نقرر كيف نتعامل مع الملف الامني، هنالك مؤسسات واجهزة امنية موازية للدولة صنعها النظام السابق وتملك الاسلحة والامكانيات يجب التصدي لها، واثناء النظام السابق تم تسليح القبائل بصورة ضخمة، في طوافنا على الولايات كنا نشاهد الناس تبيع السلاح وهذا يؤكد ان السلاح صار سلعة متداولة وهذا تهديد خطير جداً والسلاح يمكن ان تستخدمه اي جهة .
] كيف علمت أن القبائل مسلحة؟
بعض زعماء القبائل كانوا يقولون لنا نحن سلمنا اسلحتنا بنسبة 10% ولم نسلم الباقي وقمنا بدفن السلاح بالتالي السلاح مدفون وموجود في السوق، الحل يجب ان يعترف بالتشخيص، مثلاً هيئة العمليات بجهاز الامن تمت مواجهتها .
] هل كان التعامل مع هيئة العمليات في التصدي لها بالقوة صحيحاً؟
التعامل لم يكن عن طريق خطة مرسومة بل جاء بعد تحدي الهيئة للسياسات فادى الى ما ادى اليه .
] المهم ؟
المهم نحن بحاجة الى خطة امنية متفق عليها.
] نشهد تكالب المحاور الخارجية على السودان إلى أي مدى تعاملت الحكومة الانتقالية مع الملف الخارجي بإيجابية؟
هنالك تكالب من دول الجوار والخليج على السودان ولديها اجندات ونحن بحاجة لاتفاق على السياسة الخارجية من اجل الحديث معهم من اجل تحقيق مصالح السودان، والصراع الموجود في الخليج الذي ادى لتصفية الحسابات خارج الخليج كما حدث في اليمن وليبيا، والحكمة في الاتفاق والحديث معهم تجنباً للاستقطاب في سياسة السودان الخارجية، الكتلة الثورية الحماسية لن تقبل بالاستقطاب الخارجي ويجب ان نتجنب صراع المحاور، واي مشروع استقطابي سيعطي الطرف الاخر مشروعية التدخل، ثم هنالك فرص تنموية في السودان يمكن ان نستفيد منها جميعاً نحن واصدقاؤنا .
] ما المطلوب لإحداث التوازن في السياسة الخارجية؟
المطلوب من مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير بان يكون لديهم انضباط في مراعاة ما لهم وعليهم، وغياب ميثاق الشرف لانه يراعي الحدود وعدم مراعاة الحدود ادى ان تكون هنالك مبادرات فردية فيما يخص السلام وادى الى ان يقوم رئيس المجلس السيادي بمقابلة رئيس وزراء اسرائيل بصورة فردية وبها تجاوز، وادى لمطلب رئيس الوزراء بمخاطبة الامم المتحدة بصورة فردية، وهذه التصرفات مهما كان فيها من حقائق وضرورات تعتبر تصرفات انفرادية وستزيد «الطين بلة» وستجعل المرحلة الانتقالية مضطربة للغاية، نحن طرحنا رؤية للخروج من هذا المستنقع من خلال لجنة فنية وستخرج بتصور وتقترح المخرج وستعلن نتائجها خلال 48 ساعة، وسنتحرك في الاتجاهات المختلفة مع المسؤولين والحرية والتغيير والقوى السياسية خارج مظلة الحرية والتغيير وسنخاطبهم بالرؤية التي طرحناها.
] كيف تنظر لطلب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بأن يتم وضع السودان تحت البند السادس (التدخل السياسي من قبل الأمم المتحدة)؟

هنالك دول استعانت بالامم المتحدة مثل سيراليون وليبريا ولكن هنالك شروط تجعل الامم المتحدة تقبل التدخل، ابرزها ان يكون الطلب متفق عليه وليس بمبادرة فردية، والطلب فيه نوع من الانتداب، اذا كنا بحاجة للانتداب يجب ان نتفق على ذلك، الامم المتحدة ساعدت دولاً كثيرة في عملية السلام ودعم التحول الديمقراطي ومشروع ان يطلب منها ذلك ولكن بالاتفاق .
] هل نحن بحاجة لبعثة أممية سياسية؟
بعضنا مثل رئيس الوزراء يرى ذلك.
] انا أسأل عن رأيك الشخصي في الطلب الذي تقدم به حمدوك؟
نحن نملك امكانية معالجة مشاكلنا دون اللجوء لاي آلية دولية، انا لا اريد تخوين ما حدث كما فعل بعض الناس، في مثل هذه المطالب يجب ان تنطلق من تشخيص متفق عليه، طلب تدخل الامم المتحدة رؤية قومية وليس رؤية انفرادية.
] كيف تنظر لاتفاق الحكومة مع الحركات المسلحة على مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية ؟
هذا مطلوب ولا توجد امكانية من اجل الافلات من العقاب، بالتالي لا بد من المساءلة.
] مساءلة داخلية أم خارجية؟
ليس هنالك تناقض في المساءلة داخلياً او خارجياً، وانا أؤيد الانضمام للمحكمة الجنائية والتوقيع على ميثاق روما، هذه المحكمة اقتضى تكوينها ضرورة ان يكون هنالك محكمة لمعاقبة الذين يقومون بارتكاب جرائم تتعلق بجريمة شن الحرب العدوانية، وجريمة الابادة الجماعية وجريمة ضد الانسانية وجريمة الحرب، الدول المختلفة في قوانينها لا توجد هذه الجرائم .
] في السودان هنالك قوانين تعاقب في قضايا الإبادة الجماعية ؟
صحيح ولكن هذه القوانين اضيفت بعد ارتكاب هذه الجرائم، ولا يجوز حسب القانون محاكمتهم باثر رجعي، بالتالي لا بد من المساءلة الدولية .
] هنالك من يقول بأن المحكمة الجنائية عبارة عن سيف مسلط على رقاب الحكام الأفارقة ؟
غير صحيح -، وهي مستهدفة الجرائم، في افريقيا والعالم العربي.
] إذاً أنت مع عملية مثول المطلوبين أمام الجنائية؟
نعم يجب ان يمثلوا امام المحكمة الجنائية .
] قمت بجولة ولائية واسعة هل الغرض منها الاستعداد للانتخابات ؟
الحديث عن اني استعد للانتخابات قراءة غير صحيحة.
] كيف.. كذلك تعرضت لهتافات مناوئة في إقليم دارفور؟
زرت عشر ولايات وكان بها اقبال كبير من الجماهير واستقبال لموكبنا.
] ولكن الهتافات في نيالا والجنينة ضدك كانت حاضرة؟
في نيالا الحشد الجماهيري كان كبيراً جداً وحوالي 15 شخصاً هتفوا هتافات ولكنها ليست ضدي وكانوا يقولون (السلام وينو) بعض الناس حاولوا أن يستخدموا العنف معهم ولكن منعتهم وقلت لهم دعوهم يقولوا هذه الهتافات وقلت لهم نحن اتينا من اجل السلام.
] في الجنينة كاد أن يتعرض وفدكم لكارثة حقيقية؟
في الجنينة كان الظرف غير مناسب وكانت المدينة تمر بمعركة والجراح نازفة واهلنا المساليت موجودون في مدارس الحكومة وبسبب المعركة التي حدثت قبل حضورنا فكانت الخصومات حاضرة والعداءات والمرارات لم تندمل بعد وفي اعلى درجاتها، لذا المناخ كان يتطلب الصبر وليس ضرورياً زيارة الجنينة، والي غرب دارفور الجديد الذي تم تعيينه بعد الاحداث ممتاز جداً ويملك نظرة لكيفية احتواء المرارات واستفدنا من زيارة الجنينة اننا وقفنا على المرارات والجراحات حتى نتعاون نحن والحكومة المركزية والولائية من اجل معالجتها .

الانتباهة أون لاين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.