أسامة عبد الماجد : مواقف رمادية

سودافاكس- الخرطوم : ٭ قبل سنوات حل الصحفي محمد الفكي (عضو السيادي) ضيفاً على الزاوية الشهيرة بصحيفة الصحافة للأديب كمال الجزولي (روزنامة) وكتب تحت عنوان (حمار بوريدان) .. وروى قصة الفيلسوف بوريدان الذي كان له حمار فيلسوف مثله أتقن الشك وطرح التساؤلات.. وعندما وضع بين الماء والعشب بدأ يبحث في دماغه الحماري عن أيهما أفضل (للحمارية)، على وزن (الإنسانية)، أن يبدأ بالماء أم بالعشب، وبقي على هذه الحالة من التردد حتى نفق.
٭وكتب الفكي في روزنامة .. قد يبرز متحامل ليقول هذا حمار بليد! ولكن، على النقيض تماماً، فإن حمار بوريدان هو الأذكى على الإطلاق.. فموقفه الرمادي هذا شبيه بموقف الساسة الذين هم ضد الحكومة التي استولت على سلطتهم.. وضد المعارضة (المرتهنة) للقوى الأجنبية وتريد تمزيق البلاد ..فحالهم كحال حمار بوريدان في (الهلاك) بين (الماء) و(العشب)!
٭ كان الفكي يومها محبطاً للغاية .. ولو كان اليوم بعكس ذلك لاستحق الإقالة .. والتي يجب أن تكون نهاية وزير المالية إبراهيم البدوي .. الذي يتعامل باستهتار مع الأوضاع بطريقة تكاد تفقدنا عقلنا .. هل يعقل أن يخرج علينا أمس من السويد ليعلن لنا تأجيل مؤتمر المانحين من أصدقاء السودان حتى يونيو؟
٭ وهل الأوضاع الحالية وهل المواطن يمكن أن يصبر حتى يونيو .. إن المؤتمر الذي كان مقرراً في أبريل كنا نراه بعيداً .. بعد وطأة الأحوال الاقتصادية التي تشهدها البلاد الآن .. ولماذا سافر الوزير من أصله حتى ينقل لنا هذا الخبر البائس.. وكأنه تفاجأ بالخبر.. إن المؤتمر نفسه غير مفهوم .. ولم يقل لنا الوزير هل الأصدقاء سيقدمون منحاً أم قروضاً أم دعماً فنياً.
٭ مع العلم أن الوزير حتى اللحظة لم يحدد الاحتياجات .. إن البدوي (عايش في عالم تاني) غير عالمنا .. إن التحدي الحقيقي الذي يجابة البلاد اقتصادي من الدرجة الأولى .. طيلة سنوات الإنقاذ كان التحدي الاقتصاد والسلام.
٭وفي السنوات الأخيرة من عمر الإنقاذ أزاحت عن كاهلها تحدي الحرب .. حيث لم يعد التمرد تحدي يجابهها بعد أن كسرت شوكة الحركات .. التي فقدت القوة والسند الخارجي .. كما أن حل المشكل الاقتصداي وبنحو 90% في الداخل .. والـ (10%) متعلقة بالتحويلات المصرفية وقائمة الإرهاب والديون.
٭ لأننا وبكل أسف حتى الأن تقدم الحكومة الانتقالية للخارج .. ذات ماكان تقدمه الإنقاذ من مكافحة الإتجار بالبشر والإرهاب .. مع فارق أن الإنقاذ في ظل اشتعال الحرب والحصار أخرجت البترول.
٭ إن البدوي القادم من مؤسسات عالمية .. لم يفكر خارج الصندوق .. ولم يفكر أن يطرح للخارج كركدي أو حتى آبري أو (دكوة) .. المهم كل ما من شأنه أن يعود على البلاد بعملات أجنبية.
٭مايؤسف له أن البدوي لا يملك رؤية اقتصادية .. ولا حتى حكومته بدليل أنها لم تقومه أو تسنده .. أهم الموارد في العالم اثنان هما (الإنسان والوقت) .. وتتعامل الحكومة مع الوقت على أقل من مهلها.
الفكي بعد أن روي قصة حمار بوريدان ختم حديثه بالتساؤل (ما رأيكم، أدام الله فضلكم، في (حمار) ارتفع إلى مرتبة (الساسة)، أو العكس؟).
نقلا عن : كوش نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.