“حدث كبير قادم”.. من يريد اغتيال حمدوك؟

أثار تعرض رئيس الوزراء السوداني لمحاولة اغتيال تساؤلات عن الجهة التي تقف وراء الهجوم، والهدف من استهداف أول رئيس للوزراء بعد إزاحة عمر البشير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد نحو ثلاثة عقود.

ويمكن قراءة تداعيات الحادثة في سياق التوقيت الحساس الذي تمر به البلاد سياسيا واقتصاديا، حيث تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وعقوبات دولية سببها تورط نظام البشير في رعاية الإرهاب ما جعل السوادن واحدة من الدول المشمولة في القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

وقاد حمدوك جهودا دولية بدأت من واشنطن حيث حاول أقناع الإدارة الأميركية بإزاحة السودان من القائمة السوداء ورفع العقوبات، وهو ما لاقى تجاوبا من واشنطن.

وانتقل السودان إلى مرحلة أخرى من التغيير الجذري في سياسات الدولة، عبر إجراء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في خطوة أحدثت جدلا داخل البلاد، لكن الجيش دعم البرهان في خطوته، حيث أكد الأخير أكد أنه سيفعل كل ما يصب في مصلحة السودان.

 

ماذا وراء محاولة الاغتيال؟

وزير الإعلام فيصل محمد صالح سارع إلى التأكيد أن موكب حمدوك تعرض إلى “هجوم إرهابي” أثناء توجهه إلى مكتبه صباح الاثنين بـ “تفجير وإطلاق نار في منطقة كوبر بوسط الخرطوم”.

وكانت مصادر محلية قد نقلت عن والي الخرطوم قوله إن حمدوك تعرض إلى “محاولة اغتيال بعبودة ناسفة فجرت عن بعد عد ولدينا مشتبه بهم” في العملية.

لكن خبراء قللوا من أهمية العملية وتداعياتها وأهدافها مشيرين إلى أنها “لا ترقى لمحاولة اغتيال، إنما هي رسالة من جهات مناوئة لحمدوك والحكومة الانتقالية يمكن أن تتطور لاحقا إلى عملية خطيرة في حال عدم التنبه لفحوى الرسالة” كما يقول المحلل عوض قسم السيد في حديث لـ”موقع الحرة”.

لكن المحلل السياسي السوداني حسن بركية يعتبر أن “محاولة الاغتيال حقيقية ويجب عدم الاستهانة بها. هذا فعل خطير وتطور نوعي”.

 

وأضاف بركية في حديث لـ”موقع الحرة” “أنه عمل غريب على السودان فالتفجيرات في العمل السياسي السوداني عمل لم يشهده السودان من قبل. السياسة السودانية شهدت أعمال عنف متعددة، لكن استهداف سياسي رفيع بتفجير كهذا، يعد سابقة”.

وقال بركية إن من المبكر تحديد الجهة التي تقف وراء العملية لكنه لم يستبعد ضلوع جماعات متشددة كانت على توافق مع النظام السابق “هي التي تستخدم مثل هذه الأساليب في بلدان خارجية، لذلك المطلوب المزيد من اليقطة والحذر بالتنسيق بين مختلف أجهزة الحكومة “.

وقال إن النظام السابق كان قادرا على احتواء تلك الجماعات لكن “الآن الغطاء رفع عن عنها وأصبحت حرة إلى حد بعيد”.

بيد أن الرشيد محمد إبراهيم أستاذ العلوم السياسية يرى أن الحادثة “عمل مخابراتي من الدرجة الأولى من حيث التوقيت والطريقة التي نفذت بها العملية”. ويأتي هذا الرأي في سياق الحديث عن صراعات سياسية بين عدة أقطاب برزت في المرحلة الانتقالية التي يمربا السودان، حيث يرى مراقبون أن صراعا خفيا تشهده الطبقة السياسية والعسكرية يمكن أن يؤثر سلبا على مستقبل التحول السياسي والديمقراطي في البلاد.

 

ولم تسفر العملية، عن أي أضرار بشرية واقتصرت الخسائر على الجوانب المادية، حسب مصادر محلية.

وقال الخبير في الشؤون الاستراتيجية السودانية أمين اسماعيل مجذوب في حديث لـ”موقع الحرة” إن هناك ثلاثة مؤشرات يمكن استخلاصها من هذه العملية وهي “رفض التغيير الجاري في البلاد، وعدم رفع السودان من قائمة الإرهاب، وفك عزلته الخارجية. هناك جهات سوداء تعمل على وأد النظام الديمقراطي” في السودان.

 

“إجراء كبير قادم”

المحلل السياسي السوداني حسن بركية يعتقد أن صدى الحادثة سيكون أكبر من الحادثة نفسها “لأنه قد يغير في الإجراءت والتركيبة الحكومية. الرؤية الأمنية ستسود والحادث سيكون له ما بعده” من تبعات.

فيما يعتقد إبراهيم أن عملية استهداف حمدوك ومحاولة اغتياله هي “تمهيد لإجراء كبير قادم” .

أشرف عبد العزيز رئيس تحرير صحيفة الجريدة يعتقد في حديث لـ”موقع الحرة” أن الحادثة “ورغم شكلها الغريب على السودان سترسم واقعا جديدا على الحياة السياسية وتحتاج لإجراءات حاسمة مشتركة بين العسكر والمدنيين لمنع تكرارها”.

وقال المحلل السياسي عوض قسم السيد إن “الحادثة ستكون لها أبعاد أخطر بكثير مما حدث اليوم، إذا لم تستجب القوى المدنية للرسالة المقصودة من العملية”.

 

حمدوك سارع وطمأن مناصريه في تغريده بـأنه “بخير وصحة تامة” وشدد على أن “ما حدث لي لن يوقف مسيرة التغيير”.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل مقاطع مصورة للمشاهد الأولى لمحاولة اغتيال حمدوك، وأخرى تظهر طوقا أمنيا على مكان الحادث.

وقال الخبير الاستراتيجي أمين اسماعيل مجذوب للحرة إن زيادة القبضة الأمنية المتوقعة في الفترة القادمة ستكون “في إطار الإجراءت الاحترازية لكن ليس على حساب الثورة السودانية. لا عودة للانقلابات، وجماهير الثورة هي حارس الثورة”.

وقالت قوى الحرية والتغيير رأس الحربة التي قادت الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بنظام البشير، إن استهدف حمدوك “هجوم إرهابي وامتداد لمحاولات الانقضاض على الثورة السودانية واجهاضها”.

 

ودعت قوى الحرية والتغيير الشعب السوداني إلى تسيير مواكب للتنديد بالحادثة وحماية الثورة.

 

أياد خارجية

الاحتجاجات الشعبية التي شهدها السودان في ديسمبر وأطاحت بنظام البشير في 11 أبريل لم تكن بمنأى من ثورات الربيع العربي التي أحدثت تغييرات كبرى في عدد من الدول.

وعقب سقوط نظام البشير، شهد السودان تدخلات خارجية دفعت مناصري الثورة الى التنديد بها والطلب بعدم الزج ببلادهم في لبعة المحاور الخارجية.

وفي هذا السياق لم يستبعد المحلل السياسي حسن بركية ضلوع أياد إقليمية في الحادثة باعتبار ان ” تلك الجهات ليست لديها مصلحة في التغيير الذي يشهده السودان”.

وفي ردود الفعل على محاولة الاغتيال أكدت السفارة الأميركية في الخرطوم دعمها للحكومة الانتقالية بقيادة “المدنيين”، وأعلنت تضامنها مع الشعب السوداني، وذلك بعد أنباء عن خسائر بشرية بسبب انفجار في العاصمة الخرطوم استهدف موكب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك.

 

وقالت السفارة في تغريدة إنها تشعر “بالصدمة والحزن إزاء الهجوم على موكب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك. خالص تعازينا للضحايا وسنواصل دعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين وتضامنا مع الشعب السوداني”.

تشعر السفارة الأمريكية بالصدمة والحزن إزاء الهجوم على موكب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك. خالص تعازينا للضحايا وسنواصل دعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين وتضامنا مع الشعب السوداني.

وقالت بريطانيا إن محاولة اغتيال حمدوك “مقلقة للغاية” ويجب التحقيق فيها بالكامل.

 

وأدانت جامعة الدول العربية “التفجير الإرهابي” الذي استهدف موكب حمدوك، وعبرت الجامعة عن صدمتها جراء وقوع هذه المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء.

وجددت التزامها بالوقوف مع السودان في عملية الانتقال الديمقراطي التي تمر بها البلاد وفي كل ما يتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنه واستقراره ومواجهة كل تهديد يمس سلامة أراضيه ورفاهية شعبه.

وعقد مجلس الأمن والدفاع بقيادة عبد الفتاح البرهان اجتماعا عاجلا لبحث المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

ويقود السودان نظام انتقالي من ثلاث سنوات مكون من مجلس سيادة بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان ومجلس وزراء يقود حمدوك.

 

قناة الحرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.