قضية مقتل اللص الذي انتاشته أيدي سبعة وعشرين شاباً في أحد الأحياء، وأوسعته ضرباً وتعذيباً وصل إلى درجة خلع ملابسه وحشو مؤخرته بالشطة؛ ستظل من أشهر قضايا القتل التي تداولها الرأي العام، مثلها مثل قضايا قتل بعض المشاهير في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، لكنها أبرزت أسماء محامين صاروا كباراً، لأنهم ترافعوا فيها، وفكوا غموضها مثل قضية (قتيلة الكوشة) وقضية (قتيلة الشنطة).
هناك قضايا قتل أخرى عديدة لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها في ساحات المحاكم، وإن احتفظ (المحققون) بمعلومات خصّهم بها الجناة، وقد دار حديث كثير حول قضية طالبة ثانوي اتُّهم أحد أفراد الشرطة بقتلها، ثم حكم على نفسه بالإعدام شنقاً وانتحاراً داخل محبسه. والعالمون ببواطن الأمور يقولون حديثا مغايراً لما راج وتناقلته وسائل الإعلام والصحافة في عهد الديمقراطية الثالثة.
ومن أخطر القضايا وأكبرها قضية “السفاح” – كما أسمته الصحافة العربية – وهو فني تشريح سوداني عمل بإحدى كليات الطب في عاصمة عربية، اعترف قبل نهاية الألفية الماضية بقتل واغتصاب سبع عشرة طالبة جامعية والمتاجرة باعضائهن، وفاجأ المحققين أيضاً بأن اعترف بقتل إحدى عشرة فتاة جامعية بالسودان.
وهناك قضايا عدة رسخت في الذاكرة العامة، إما لغرابتها أو لارتباطها بنجوم أو شخصيات عامة، وإما لغموضها، أو لأنها صادمة مثل قتل الوالد لأمه وأبيه أو أحد أصدقائه المقربين.
ما حدث قبل أيام كان فاجعة بحق، وقد لا يكون المتهمون الذين ألقي القبض عليهم يتوقعون موت اللص الجريء، لكن المحيّر في الأمر والذي يستدعي التساؤل حقيقة؛ هو غياب (ضمير الحي) وأعني به أي رجل من الحكماء والعقلاء في هذا الحي، كان يمكن أن ينهى هؤلاء الشباب مما يفعلون، ويوقف الاستخفاف والعبث بحياة الناس عند حدّه(؟).. أين العقلاء وأين أصحاب الضمائر الحية؟ وأين الذين يشعرون بحالة الآخر إن كان لصاً أو ناسكاً(؟).
القضية أتوقع لها إن لم يتم تقديم المتهمين فيها إلى محاكمة عاجلة، أتوقع أن تتجه اتجاهات أخرى، وهناك جهات كثيرة تتربص ببلادنا الدوائر، وتحاول الإيقاع بها في فخاخ وشراك حقوق الإنسان.
قدِّموا الجناة إلى العدالة بأسرع وقت، وإلا فإن أشهر قضايا القتل في عصرنا هذا ستصبح هي قضية قتيل الشطة(!).
صحيفة السياسي السودانية