عبداللطيف البوني : كورونا,, استراحة

سودافاكس- الخرطوم : (1)
ويومها كنت دون الخمسين بقليل ونحن في رحلتنا اليومية من قرانا في شمال الجزيرة الى العاصمة، وكالعادة حدثت شمطة بين كمساري البص وأحد الشباب ولما كان الشاب به الكثير من (اللماضة) ودون أن أشعر وبحاسة المدرس صحت فيه: (يا ولد ما تخلي عندك أدب)، فما كان منه إلا أن عالجني بالقول يا حاج احترم شبيك وما تتدخل في حاجة ما تخصك. لقد وقعت على عبارة احترم شيبك وقع الصاعقة فألجمتني تماما وخضتني لأنني لم أفكر في يوم من الأيام أنني وصلت هذه المرحلة.
فصمت صمت القبور وأصبحت غائصاً في دواخلي لدرجة قد أثارت استغراب بقية الركاب بدليل أن أحدهم تصدى للشباب بقوة لدرجة محاولة صفعه لأنه على حسب ظنه تطاول أكثر من اللازم بينما أنا كنت ساعتها أتخيل في شعر المبيض في بعض أطرافه وكيف أنه وصل مرحلة ان يكون ثقيلا على رأسي وسيفرض على سلوكاً جديدا، فأيقنت أن تعايشي مع ذلك الشيب كان مجرد مكابرة وأنه قد آن الأوان ان امتثل لأوامره طوعا أو كرهاً.
(2)
قفزت هذه القصة الى ذهني وأنا أتابع هذه الأيام تطورات جائحة العصر السيدة الكورونا، وكيف أنه في ايطاليا وفي اسبانيا قد طبق الأطباء ما يسمى صحة الحرب -أي اذا اجتمع لدى واحد منهم مريضان وكانت أدوات الاستشفاء لا تكفي إلا لواحد، تعطى للذي يستحق الحياة كالشباب مثلا ويحرم منها الذي قلت فرصه في الحياة كالمتقدم في العمر ليموت موت الضأن، فقلت أطبق صحة الحرب على نفسي فلو لا سمح الله اجتاحت الكورونا أسرتي الصغيرة وكان هناك نقص في الكمامات التي تنتج الأوكسجين الصناعي فمن تلقاء نفسي سوف أحرم نفسي منها لتذهب لأولادي وأحفادي مش كدا بس سوف أطلب من (الحاجة) أن تفعل نفس الشيء ولن تتردد هي الأخرى، خارج المنزل فكرت في الكلية التي أعمل بها فوجدت أنا مع زميلين سوف نكون من المحرومين من الكمامات ذهبت بذهني لمسجد الحي فوجدت نفسي من الأقلية التي لا تستحق الكمامة جئت لهذه الصحيفة فوجدت نفسي مع محمد لطيف وأحمد المصطفى ابراهيم وخالد التيجاني من الذين لا يستحقون كمامات فعرفت سر سعادتي بانضمامهم للسوداني . خلاصة الأمر وجدت نفسي أنني خارج الكمامة في كل المجموعات التي أتحرك فيها، فأسقط في يدي مثل ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه شيبتي، فالله لا كسبك يا كورنا الجن ولاغزا فيك بركة.
(3)
والحال كذلك خرجت من الإطار الذاتي الي الموضوعي، فقلت ابدأ بالحكومة الانتقالية فوجدت صديقنا فيصل محمد صالح وزميل دراستنا عمر بشير منيس والدكتور حمدوك وانت طالع للسيدة أسماء وبروفيسور محمد الأمين التوم وربما الدكتور أكرم كلهم سيكونون خارج الكمامة لينتفع بها مفرح ونصر الدين وولاء البوشي ولينا، وهنا أطالب باستثناء حمدوك وإعطائه كمامة لسبب موضوعي وهو أن الفترة الانتقالية تعتمد عليه. مجلس السيادة ستكون كمامة حميدتي مضمونة وأربعة ما في ليهم والبقية بين بين على حسب الوفرة ؟ أما السياسيون خارج الحكومة وجدت ان فيهم من يمكن أن يحرم حتى من الأوكسجين الطبيعي ناهيك عن الصناعي . أها يا جماعة الخير إيه رايكم في الفرز دا والذي أحدثته الكورونا ؟ ايه رايكم نطبقه تلقائياً وبدون كورونا وقبل الميتة الجد جد ؟ومغني مع عائشة الفلاتية (جاهل صفير وحمامة/ يوم لبسو الكمامة/ يل حاجة لا)…

نقلا عن : كوش نيوز

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.