للأسبوع الثالث يواجه 1080 سودانيا عالقا بمصر مصيرا مجهولا جراء إغلاق الأجواء والمعابر الحدودية من قبل السلطات السودانية، ضمن إجراءاتها الاحترازية للحد من تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19).
ونجحت السفارة السودانية في القاهرة في إجلاء معظم السودانيين العالقين في منطقة السباعية ومحافظة أسوان، في حين تبقى نحو 400 شخص تُجري معهم السفارة مفاوضات لإجلائهم إلى القاهرة.
ورغم وصول المئات إلى القاهرة، فإن معظم العالقين ظلوا يطالبون الحكومة السودانية بإجلائهم مباشرة إلى السودان، وإخضاعهم للحجر الصحي طبقا للإجراءات الاحترازية المعمول بها داخل البلاد.
البعض يتفهم
وفي ظل أجواء الغضب هذه، تحدثت مشاعر تاج السر، وهي إحدى العالقات السودانيات في القاهرة، أنها تتفهم قرار الدولة بإغلاق المعابر الحدودية وتعليق الرحلات الجوية، لكنها عابت على الجهات المختصة السرعة في اتخاذ القرار دون إعطاء العالقين فرصة، مثل ما فعلت كثير من الدول.
سودانيون كانوا عالقين في السباعية وتم إجلاؤهم إلى القاهرة (مواقع تواصل)
سودانيون كانوا عالقين في السباعية وتم إجلاؤهم إلى القاهرة (مواقع تواصل)
ومع تأكيدها استقرار أوضاعهم الصحية والمعيشية، جددت مشاعر النداء للحكومة السودانية بضرورة استثناء العالقين والسماح لهم بدخول البلاد وإخضاعهم للحجر الصحي.
من ناحيتها، تشدد السلطات السودانية على المضي قدما في تنفيذ الإجراءات الاحترازية للحيلولة دون تفشي جائحة كورونا، وتقطع الدكتورة شذى سيد أحمد مدير الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة السودانية في الخرطوم، بعدم وجود أي استثناءات للعالقين.
وتقول سيد أحمد للجزيرة نت إن الحكومة كانت قد أمهلت العالقين 48 ساعة عقب إعلان الإجراءات الاحترازية، تم خلالها فتح المعابر فدخل أكثر من ألف شخص وخضعوا للحجر الصحي، ولكن بعد انقضاء المهلة، لن تفتح المعابر الحدودية أو الأجواء السودانية مرة أخرى.
من جهته، يتخوف محمد إسحاق، وهو من العالقين في مصر، من تفاقم الأوضاع المعيشية والصحية عقب فشل المفاوضات التي جرت مع السفارة السودانية بشأن إجلاء العالقين من منطقة السباعية وتمسكهم بالعودة إلى السودان.
وتفاديا للاحتقان الذي يسود الأجواء، طالب إسحاق الحكومة الانتقالية في السودان بتوفير وتهيئة محاجر صحية لاستقبال العالقين، حتى لا يؤدي الوضع إلى أزمة حقيقية ربما تعكر صفو العلاقات السودانية المصرية.
اتهامات للسفارة
وراجت في منصات التواصل فيديوهات لسودانيين اقتحموا سفارتهم بالقاهرة، محتجين على استمرار أزمتهم ومطالبين في الوقت نفسه الحكومة الانتقالية في السودان بفتح المعابر والمطارات ليتسنى لهم الدخول إلى السودان، والخضوع للحجر الصحي وفقا للإجراءات الاحترازية للحد من تفشي وانتشار كورونا في السودان.
وأكد الوزير المفوض القائم بأعمال سفارة السودان بالقاهرة السفير خالد إبراهيم الشيخ واقعة الاعتداء على السفارة، وقال للجزيرة نت إن مجموعة من السودانيين المقيمين في مصر هرعوا إلى مباني السفارة عند علمهم بتوزيع مبالغ مالية على العالقين، فأدى ازدحامهم إلى حالة من الفوضى انتهت بتكسير أبواب ونوافذ السفارة.
وكشف المفوض عن اتصالات تمت مع وزارة الخارجية السودانية في الخرطوم، تم على ضوئها اتخاذ قرار بإغلاق السفارة إلى أجل غير مسمى بعد استشعار حالة من عدم الأمان في ظل حصار فرضه بعض السودانيين على مبنى السفارة في القاهرة.
وكان المقتحمون اتهموا السفارة السودانية في القاهرة بالكذب فيما يتعلق بتقديم الخدمات الضرورية للعالقين، مشددين على أهمية إيفاء السفارة بحق المواطنة وتنفيذ رغبتهم في إرجاعهم إلى السودان.
ونفَوا أن تكون لهم أهداف سياسية، معتبرين أنهم ساهموا في اندلاع الثورة رفضا للفساد والاستبداد، ووصفوا ما يتعرضون له بغير الأخلاقي، خاصة في ظل وجود مرضى بينهم، يخشون من استفحال أوضاعهم الصحية.
السفارة تنفي
ونفى خالد إبراهيم الشيخ الوزير المفوض والقائم بأعمال سفارة السودان بالقاهرة، الاتهامات الموجهة إليهم بتجاهل السفارة لرعاياها من السودانيين العالقين في مصر، مشيرا إلى الجهود التي ظلت تضطلع بها سفارته تجاه رعاياها من السودانيين العالقين منذ اندلاع الأزمة.
وقال السفير خالد الشيخ للجزيرة نت إن السفارة وزعت منذ بداية أزمة العالقين مبلغ 100 ألف دولار للعالقين، وقامت باستئجار ستين شقة مفروشة متضمنة الإعاشة، كما قدمت الرعاية الطبية للمرضى عن طريق المستشارية الطبية التابعة للسفارة السودانية.
ولكن الدكتورة سعاد فقيري، وهي سودانية تعمل مستشارة لاتحاد منظمات المجتمع المدني بمصر، انتقدت خطوة السفارة بصرف مبلغ 100 ألف دولار على العالقين، قائلة للجزيرة نت “كان يمكن استثمار المبلغ في إجلاء العالقين إلى السودان وفتح المعابر لمدة 48 ساعة وإدخالهم في الحجر الصحي”.
واتهمت فقيري السفارة السودانية في القاهرة بالفشل في إدارة أزمة العالقين في مصر وتخوفت من التداعيات السلبية لتطاول الأزمة فيما يتعلق بصحة وسلوك العالقين، مما يشكل وبحسب تعبيرها وصمة عار في جبين الحكومة السودانية بحبس رعاياها داخل أراضي دولة أخرى.
استمرار العمل
ورغم قرار إغلاق السفارة السودانية بالقاهرة إلى أجل غير مسمى، فقد أكد الوزير المفوض والقائم بأعمال السفارة خالد الشيخ استمرار جهودهم لإجلاء نحو 400 من السودانيين العالقين في منطقة السباعية عبر أفواج إلى القاهرة خلال الساعات القادمة.
وامتدح السفير خالد الشيخ مواقف رجال أعمال سودانيين وفاعلي خير مقيمين في القاهرة، قال إنهم قدموا دعما ماليا وعينيا وساهموا بقدر متعاظم في إسكان وإعاشة مواطنيهم العالقين في مصر.
المصدر : الجزيرة