حوار مثير لوزير المالية حول سعر صرف الدولار وتغيير نظام الدعم الحكومي

قال وزير المالية إبراهيم البدوي أنه سيتم تغيير نظام الدعم الحكومي لأسعار السلع والخدمات الأساسية حفاظاً على موارد الاقتصاد وضمان عدم تبديدها، خاصة في هذه المرحلة التي يجب أن تتركز فيها الجهود والمصادر المالية لمكافحة تفشي جائحة كورونا، والتي قد تدفع الحكومة إلى إعلان حالة حجر صحي.

وقال البدوي في حوار مع (القدس العربي): (بالنسبة للخدمة المدنية والقطاع الخاص المنظم لا توجد مشكلة لأننا سنستمر في دفع رواتبهم حتى وهم في الحجر، لكن مشكلتنا في قطاع الاعمال غير المنظم.

وفي ذلك قمنا بعدة خطوات منها حصر «بائعات الشاي» ووجدنا انهن 36 الف سيدة في العاصمة المثلثة وحدها واعتمدنا ان ندفع لهن 210 ملايين جنيه في المجمل خلال هذا الشهر بواقع 6 آلاف جنيه لكل واحدة منهن. لكن الآن تغير تفكيرنا بغية التوسع في تحديد المستحقين، لان بائعات الشاي لسن في الخرطوم فقط، كما يوجد قطاع كبير من الباعة غير المنظمين والمستحقين للدعم، وبالتالي قد لا ندفع 6 آلاف جنيه لكل سيدة، لان هناك فئات جديدة ستدخل من اصحاب المهن الهامشية).

وأضاف البدوي: (الحظر سيتسبب في نقص الإنتاج وبالتالي لابد من تقديم سلع تموينية للمواطنين، وهو ما يستوجب من الدولة شراء كميات مهولة من السلع الغذائية والادوية وتوزيعها بكفاءاة عالية.

وهذا الامر اتفقنا على ان تقوم به وزارة التجارة والصناعة.

واعتقد ان لديهم برنامج معقول لآلية التوزيع. لكن إذا طالت فترة الحجر فقد نضطر إلى طلب دعم من البنك المركزي مثل ما حدث في عدد من الدول التي توسعت في التمويل النقدي المباشر للمواطنين.

قدمنا عدة طلبات للدعم، منها طلب عاجل قام به رئيس الوزراء لصندوق النقد الدولي، وأيضا تقدمنا بطلب مساعدة من «بنك التنمية الإسلامي»، ونحن الآن بصدد تقديم طلب للبنك الدولي.

وبالطبع سنستخدم كذلك مواردنا الذاتية رغم شحها لمواجهة الموقف).

وبشأن ارتفاع أسعار الدولار قال وزير المالية: (من ناحية أساسيات الاقتصاد، فإن سعر الصرف تحدده أساسيات منها العجز في الميزان التجاري، عندما تكون الواردات ضعف الصادات مثلاً العام الماضي كانت الواردات 11 مليار دولار بينما الصادارات تقل عن 3 مليارات.

وهذا يعني أن الطلب على النقد الاجنبي لمواجهة هذا الواقع سيرتفع شأنه شأن أي سلعة، هذا إلى جانب رغبة المواطنين في الاحتفاظ بالدولار بدلاً عن الجنيه السوداني الذي يتدهور منذ سنوات بفعل انفصال الجنوب). وأضاف: (الفكرة الأساسية هي أن الاقتصاد السوداني مريض لأن النظام البائد لم يضطلع بأي معالجات.

وفي سبتمبر الماضي وضعنا خطة لاصلاح الدعم وتعديل سعر الصرف حتى نستقطب النقد الاجنبي. إن 90% من تحويلات المغتربين تدخل عن طريق القنوات غير الرسمية لأن سعر الصرف السائد في السوق أعلى بكثير من سعر الصرف الرسمي.

وأنا خطتي كوزير مالية كانت تقوم على استيعاب القطاع الموازي (السوق الاسود) وذلك عبر تعويم سعر الصرف للقطاع الخاص.

لكن حدث تدخل من الحاضنة السياسية بحجة أن البلاد ليست مستعده لهذا التعويم، وبالتالي أصبحت الميزانية للأسف ميزانية تخصيص إيرادات، وليست موزانة سياسات حيث تغيب عنها السياسات المتعلقة بالدعم، كما تخلو من السياسات النقدية اللازمة لمواجهة تدهور سعر الصرف.

فالاقتصاد مثل جسم الانسان المريض إن لم تعطه أدويه سيموت.

لقد طُلب منا عدم القيام بأي إجراء تجاه سعر الصرف واستجبنا لذلك انتظارا للملتقى الاقتصادي الموعود والذي تم تأجيله بسبب تفشي الكورونا.

والآن اصبح سوق النقد الاجنبي نهباً للمضاربات، حيث يرى تجار العملة أن سوداناً بلا صادرات سيكون ضعيفاً، وبالتالي ستكون هناك ندرة في العملات الأجنبية، وحتى المغتربين لن يحضروا في الإجازات وبالتالي ستقل العملات الأجنبية كثيراً وهو ما قاد التجار لرفع أسعار صرفها بهذا القدر).

وقال البدوي: (دعني أقول لك أنا اقتصادي متخصص في مجال سعر الصرف في حالة بلدنا السودان عندما يكون عندك سوق أسود متضخم بهذا الشكل، تتم عبره كل المعاملات التجارية للمصدرين والمستوردين، فإن كل التجارب الناجحة لمن سبقونا في مواجهة هكذا وضع كانت تعويم سعر الصرف واستيعاب السوق الموازي. والطريق الأمثل ان نقوم بإصدار قرارات تستوعب السوق السوداء.

مثال على ذلك إذا قام قريب مغترب بتحويل بنكي رسمي لألف دولار إليك في السودان وقام البنك بتسليمك المبلغ بالجنيه السوداني بالسعر الموازي، فهل ستستمر في التعامل مع السوق السوداء؟ طبعا لا، وبالتالي ستحدث دينامكية وسترتفع ايرادتنا من النقد الاجنبي.

عليك ان تنظر إلى منحنى سعر الصرف بعد تعويم الجنية المصري.

سنجد انه ارتفع بداية، لكن انخض بعد شهرين إلى سعر مستقر، وهذا هو الوضع الذي كنا نبغيه لو قبلت فكرتنا في ضرورة تعويم الجنيه).

 

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.