عثمان ميرغني : الكرة في ملعب الحزب الشيوعي!!

حملت في صفحاتها الخبرية تصريحين مهمين يعبران عن الواقع اليوم، الأول من الأستاذ محمد مختار الخطيب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني، قال فيه (الثورة انحرفت وسنعمل على إصلاحها، ولا بد من الوصول لحكومة مدنية كاملة).

والثاني من الدكتور سليمان بلدو قال فيه (المكون العسكري الموجود في مؤسسات الفترة الانتقالية موروث من نظام البشير، هي معادلة اقتسام السلطة وليست شرعية ثورية تحدث التغيير المطلوب). وأضاف بلدو (حكومة حمدوك لديها صلاحيات حقيقية كبيرة لإحداث التغيير المطلوب لكن كان هنالك تباطؤ, ولم تستغل السلطة الممنوحة لها بموجب الوثيقة الدستورية لإحداث التغيير، كما أنَّ مجلس الوزراء فشل في معالجة الأزمة الاقتصادية التي ورثها من نظام المخلوع).

أهمية هذه الإفادات أنها تأتي من رجلين مهمين، الأول على رأس الحزب الأهم في المشهد السياسي الآن، فهو الحزب الممسك بلجام الشارع والحكومة معاً.. واختصر الخطيب رسم الصورة للراهن بكلمة واحدة (انحرفت)، ولم يكنْ يقصد انحرافاً معيارياً في الأداء التنفيذي، بل من الأصل في تكوين الحكومة بقطبية ثنائية عسكرية ومدنية.

دكتور سليمان بلدو يكاد يطابق رؤية الخطيب تماماً، فهو يرى أنَّ الحكومة المدنية لها صلاحيات كبيرة حسب الوثيقة الدستورية، لكنها إما تباطأت أو تكاسلت عن استخدام صلاحياتها، بما مكن الشريك الآخر في “اقتسام السلطة” أن يتحرك أسرع إلى الأمام ويجعل “معادلة السلطة” تميل لصالحه..

في تقديري؛ أنَّ الخطيب وبلدو أصابا في تشخيص الواقع السياسي الراهن، صحيح أنَّ الوثيقة الدستورية أنجزت معادلة لاقتسام السلطة، لكن الأصح أنها (مساومة) كما وصفها دكتور بلدو كانت تستهدف “اقتسام السلطة” لا أبعد من ذلك، ولم تنظر بمعيار واقعي لبناء دولة السودان الحديثة أو تستبصر بالمصالح العليا للبلاد، كانت الوثيقة الدستورية أقرب إلى اتفاق على إبقاء الخلاف، وفعلاً وضح منذ البداية أنها تحقق شروط “المساومة” لا المصلحة، فجرى الاتفاق على “تجميد” تكوين المجلس التشريعي (الركن الثالث والأهم في هرم السلطة)، ثم لاحقاً جرى تعديل كلمة “تجميد” إلى “تعطيل” البرلمان، ولم يعد في خارطة الطريق أو حتى في الشعارات السياسية لأطراف الوثيقة الدستورية.

والحال كذلك؛ في تقديري لم يعد السودان في حاجة لهذه الوثيقة الدستورية، لا بد من تصحيح الخطأ التاريخي و”المساومة” التي ذكرها بلدو، باتفاق حقيقي على مصلحة البلاد لا الأفراد أو الأحزاب.

نحن في حاجة ماسة لشجاعة ووضوح وشفافية مع الشعب، الذي يجري الآن سيذكره التاريخ أنها محض “إضاعة للوقت” في مباراة السودان مهزوم فيها عشرة – صفر.

طالما الحزب الشيوعي مدرك لهذا الواقع، وهو الأكثر قدرة على الحركة والتأثير على القرار والشارع، فماذا ينتظر؟.

كل يوم يمرُّ على هذا الواقع سيتعقد أكثر، ويصعب الحل.

 

صحيفة التيار

 

Exit mobile version