هنادي الصديق : الطب في مواجة البلطجة؟

 

للمرة الخمسين بعد الألف، يتم الإعتداء على الكوادر الصحية ويتواصل بشكل خاص إستهداف الأطباء في المستشفيات الحكومية من قبل (مواطنين)، أمس الأول هددت نقابات الأطباء في السودان بإعلان إضراب شامل الأحد القادم، في حال عدم اتخاذ السلطات سلسلة خطوات لحماية الكوادر الطبية من الاعتداءات، بعد حادثة الإعتداء القبيح على أطباء بمستشفى أم درمان بالعصي والحجارة، والذي سقط ضحيته العديد من الكوادر الطبية بإصابات متفاوتة أدت لنزيف البعض، وسقوط البعض الآخر فاقدا الوعي.

 

تكرار ظاهرة الإعتداء على الكوادر الصحية وخاصة في هذا التوقيت بصورة باتت مزعجة ومهدرة لكرامة الأطباء ورسالية المهنة، وللأسف تحدث تحت سمع وبصر السلطات الحكومية.

 

فبينما يعظَم قادة وشعوب العالم الجيش الأبيض وتحديدا هذه الايام، ويمنحه من الإهتمام والتقدير والحب والدلال، نجد هنا قيادات دولتنا تمنح البلطجية والربَاطة وسواقط المجتمع، الضوء الأخضر للنيل ممن قدموا أنفسهم محاربين بالدرجة الأولى مجندين بالصفوف الأمامية لمكافحة الأوبئة والأمراض الفتَاكة، معرضين حياتهم لخطر الموت في سبيل إنقاذ غيرهم.

فرغم تكرار الظاهرة، ورغم تصريحات المسؤولين بضرورة حماية الكوادر الصحية، إلا أن الموضوع لم يتعدى (طق الحنك) والطبطبة فقط من قبل المسؤولين بالمجلس السيادي والوزاري الشئ الذي منح الضوء الأخضر للسواقط للإعتداءت المستمرة وكأن بينهم والأطباء (تار بايت).

 

والسؤال البديهي : لماذا لم يتحرك رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان تجاه ما يحدث رغم الاعتداءات المتكررة خاصة مع تزايد إنتشار الجائحة الخبيثة؟
ولماذا لم ينفذ رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك قراره بفتح تحقيق في قضايا الإعتداءات المتكررة على الأطباء حسبما وعد وصرح من قبل؟ وما الذي يمنعه القيام بزيارة فورية لموقع الحدث للوقوف مع الأطباء المعتدى عليهم كما يفعل قادة العالم والكبار في مثل هذه الظروف؟ فزيارته ستمنحهم الشعور بالإطمئنان بأنهم تحت رعاية وحماية الدولة، وهذا أضعف الإيمان.

 

رئيس مجلس السيادة والشريك في الحكومة (رغم أنف الجميع) الفريق برهان، يبدو أنه خارج نطاق التغطية مما يحدث، وهنا لابد من السؤال عن نوع القسم الذي أداه، لحماية الوطن وأبنائه، وهل يختلف عن قسم الأطباء في حماية المهنة وارواح المواطنين؟ وهل ما أقسم عليه البرهان هو القرآن الكريم وما اٌقسم عليه الأطباء (روايات نجيب محفوظ) مثلا؟
القسم واحد، وما يقوم به الأطباء من أدوار عظيمة يتطلب مقابله أدوارا موازية من كافة شرائح المجتمع الذي يقدمون له الخدمات إبتداءا من أصغر مواطن حتي رأس الدولة.

 

كنا نتوقع من الشريك العسكري القيام بدوره في توفير الحماية والأمن لهم بدلا عن (البهدلة والمرمطة) التي تعرضون لها يوميا، توقعنا أن يبادر السيد البرهان بتوفير تراحيل الجيش لترحيل الأطباء للقيام بواجبهم في ظل هذا الظرف الحرج، كان الأولى به وضع قوات نظامية تحت خدمة وتأمين الكوادر الطبية بالمستشفيات والمرافق الصحية على مدار 24 ساعة، والدعوة لسن قوانين لحماية الكادر الطبي ومحاكمة كل من يتعرض له محاكمات فورية.

لم نطلب من سعادة الفريق برهان حماية حدود السودان المهددة، ولم نطالبه بإسترجاع حلايب وشلاتين ولا أراضي الفشقة، لم نطالبه بإدخال ميزانيات وأموال كافة الشركات والمؤسسات العسكرية إلى خزينة الدولة كما هي العادة، نطالبه فقط بحماية من يعملون لحماية صحته وحماية أسرته وشعبه من أي بلطجي، ونطالبه بعدم تعريض بلادنا للفوضى وتعريض أمنها القومي للخطر.
ما يحدث يدعونا للتساؤل المُلَح، هل ما يحدث من الشريك العسكري من صمت وتهاون تجاه ما يحدث أمر طبيعي؟ ام عن قصد بغرض إحداث فوضى في القطاع الصحي ودعوة جريئة للأطباء لإعلان الإضراب في هذا الظرف الحرج؟
ولماذا لم نسمع بإعتداءات على أطباء مستشفيات الجيش والشرطة والأمن؟ ام أن الامر مجرد صدفة؟
متى يخرج حمدوك عن هدوءه القاتل لإنقاذ الأوضاع المأزومة بالبلاد والإستفزازات المتكررة للمدنيين عبر بوابة الأطباء؟ .

 

الجريدة

 

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.