قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الدكتور الطيب زين العابدين إن مصر استولت على منطقة حلايب عام 1995 عندما أرسلت جيشها إلى المنطقة، وكاد الأمر يؤدي إلى اشتباك بين الجيش السوداني الموجود أصلا فيها وبين الجيش المصري الذي جاء ليسيطر عليها، لكن السودان لم يرد فتح جبهة أخرى مع مصر، حيث إنه كان محاصرا سياسيا ودبلوماسيا وكانت حركة التمرد في جنوب السودان على أشدها.
وأضاف زين العابدين في حلقة الأحد (29/11/2015) من برنامج “الواقع العربي” والتي ناقشت الخلاف المصري السوداني حول منطقة حلايب في ضوء آخر تطوراته، إن المشاكل بين مصر والسودان تكررت أكثر من مرة، وخاصة عندما يحكم مصر نظام عسكري ويكون في السودان نظام ديمقراطي، “ومصر لا تحب أن يكون هناك نظام ديمقراطي في جنوبها”.
وأوضح أن السودان عرض على الحكومة المصرية في عهد حسني مبارك ثلاثة خيارات لحل مشكلة حلايب هي: التحكيم الدولي، أو إقامة منطقة تكامل بين البلدين في المنطقة، أو التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى اقتسام الأرض، لكن مصر رفضت واحتلتها بالقوة وأصرت على بقائها تحت الاحتلال.
ورفض زين العابدين الادعاء بأن حلايب تراب مصري، واصفا ذلك بأنه “غير صحيح”، ومدللا على ذلك بأن كل سكان حلايب ينتمون إلى قبائل شرق السودان.
وقال إن ما أثار مشكلة حلايب مؤخرا هو المعاملة السيئة للسودانيين ومن خلال الأجهزة الرسمية المصرية مما أثار حفيظة الإعلاميين والبرلمانيين السودانيين، مشيرا إلى أن شكوى السودان ضد مصر بشأن حلايب قديمة منذ العام 1958 وتتجدد سنويا.
حلايب مصرية
في المقابل اعتبر رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل في مركز الأهرام هاني رسلان أن حلايب جزء من التراب المصري ولا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال.
وأضاف أن الخلاف بشأن حلايب ظل مجمدا منذ عام 1958، ولكنه أثير عمدا عام 1992 بواسطة نظام الإنقاذ ذي المرجعية الإخوانية، مؤكدا أن القوات المصرية دخلت حلايب بعدما أصبح السودان “مصدرا وممولا للإرهاب”، وبعد أن عانت مصر من الإرهاب الممول من طرفه وانتقلت للسيطرة على أراضيها، حسب تعبيره.
ودافع رسلان عن تنظيم السلطات المصرية للانتخابات في حلايب، واصفا ذلك بالأمر الطبيعي باعتبارها أرضا مصرية، موضحا أن هناك توظيفا سياسيا واضحا من قبل السودان لقضية حلايب.
وفيما يتعلق برفض مصر التفاوض مع السودان بشأن حلايب، قال رسلان إنه تم التفاوض بين البلدين عام 1991، متهما نظام حسن الترابي بإفساد هذه العملية، ومشددا على أن مصر “أبدت تفهما ومرونة ارتد عليها إرهابا، وهي لن تفرط في أرضها للآخر”.
واعتبر رسلان أن تهمة إساءة السلطات المصرية معاملة السودانيين في مصر “تهمة مفبركة ومصطنعة”، وقال إن مصر والسودان “بلدان شقيقان ولا بد من أن يسعيا إلى حل بشأن حلايب يرضي الطرفين، رغم قناعتي الشخصية كباحث بمصرية حلايب”.
خلفية تاريخية
يشار إلى أن مثلث حلايب خلاف مصري سوداني قديم يتجدد مع ادعاء كل طرف أحقيته بالمنطقة.
وفي يناير/كانون الثاني 1899 صنف الحكم الثنائي الإنجليزي المصري مثلث حلايب تابعا لمصر. وضم الحكم الثنائي الإنجليزي المصري في 1902 حلايب إلى السودان نظرا لقربها من الخرطوم.
وكانت حلايب دائرة انتخابية سودانية خلال انتخابات ما عرف بالحكم الذاتي السوداني. وحاولت مصر منع إجراء الانتخابات السودانية عام 1958 في حلايب، وكادت تحدث مواجهة عسكرية بينهما.
وعاد الخلاف حول حلايب إلى البروز عام 1995 مع محاولة السودان التنقيب عن البترول فيها. وفي العام ذاته سيطرت مصر عسكريا بالكامل على حلايب إثر محاولة فاشلة لاغتيال حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وظل السودان يتمسك بأحقيته بالسيادة على حلايب بوصفها جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني. وكرست مصر الأمر الواقع في حلايب بإعلان المنطقة محافظة مصرية وإجراء انتخابات برلمانية فيها، مما دفع السودان لتقديم مذكرة شكوى إلى مجلس الأمن الدولي تمسك فيها بأحقيته بمنطقة حلايب شلاتين.
وتشير دراسات إلى أن منطقة حلايب ترقد على ثروات معدنية ثمينة، من أهمها الذهب والمنغنيز. كما تتمتع منطقة حلايب شلاتين بأراض فلاحية شاسعة وثروة سمكية توصف بالهائلة.