مصر والسودان… هل تتطابق المواقف بعد إعلان إثيوبيا إجراءات ملء سد النهضة؟

أعلنت إثيوبيا بدء الإجراءات التمهيدية لملء سد النهضة في يوليو المقبل، في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر على الحدود مع السودان.. فهل تتطابق المواقف بين القاهرة والخرطوم تجاه أديس أبابا؟

 

تقارب لا تطابق
قال الدكتور سمير غطاس عضو مجلس النواب المصري ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، إن “المواقف المصرية السودانية الآن متقاربة وليست متطابقة أو موحدة، لكنها أفضل مما كانت عليه في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير‏، لأن البشير كان متواطىء مع إثيوبيا ضد مصر ووقع اتفاقات مع أديس أبابا ضد القاهرة، وأنا انتقدت الطريقة التي كانت تتعامل بها مصر مع البشير، وهو الذي كان يقوم بتهريب الأسلحة لصالح الكيانات الإرهابية ضد مصر”.

وأضاف البرلماني المصري لـ”سبوتنيك”، “الآن كما قلنا المواقف المصرية السودانية متقاربة وليست موحدة أو متطابقة، وفي اعتقادي أنه لا يوجد شىء الآن يمكن أن يثني إثيوبيا خلال الأسابيع القادمة عن البدء في ملء الخزان، وحينها ستخلق إثيوبيا واقعا جديدا يصعب تجاوزه والتعامل معه”.

وأشار غطاس إلى أن “مشروع السد في إثيوبيا يحظى بدعم دولي واسع وهو مشروع قومي أجمع عليه الشعب الإثيوبي، علاوة على الموقف الأمريكي الملتبس وغير الواضح، حيث لم تحدد موقف واضح من الأزمة، فقد كانت هناك مفاوضات برعاية أمريكية في واشنطن، لم تعرها أديس أبابا أي اهتمام وانسلخت منها، ولو أن مصر هي من رفضت الاتفاقات وركلتها كما فعلت إثيوبيا، في اعتقادي رد الفعل الأمريكي سيكون مختلفا”.

وحول تأثير التوتر الأخير بين السودان وإثيوبيا على العلاقات بين القاهرة والخرطوم قال عضو البرلمان، إن “التقارب سيكون نسيبا، لأن التوتر بين السودان وإثيوبيا بل يحتوي على أحداث مفجعة أو احتلالات، ومصر تأخرت كثيرا في التعامل مع ملف سد النهضة وأوكلت إلى ما يشبه المسؤولين عن العلاقات العامة”.

 

وأوضح عضو النواب إلى أن “تدويل قضية سد النهضة خطوة مهمة جدا وعلينا أن نضمن أن نتائجها سوف تصب لصالحنا وليس لصالح الخصم، خاصة وأن سد النهضة تشارك في بنائه عدة دول، وبالتالي فإن مصالح تلك الدول سوف تقف بجانب المشروع الإثيوبي”.

تغيير الاستراتيجية
وأكد غطاس على “ضرورة إدارة الأزمة بشكل مختلف تماما، وأن تكون هناك رسالة رئيسية يجب أن تصل للعالم مفادها أن بناء السد يهدد حياة المصريين جميعا، وإذا تم السد فلا نعلم ما سينتج عنه هذا التهديد، يجب أن نقوم بخلق أزمة من أجل أن يشارك العالم في الحل”.

وطالب عضو البرلمان “بضرورة تغييرالإستراتيجية وتغيير المفاوضين، لأن المفاوض الحالي لا يمتلك رؤية خارج الصندوق للحل والتعامل على مستوى الأزمة، كما أن هناك مسائل كثيرة يجب أن تستغلها مصر لصالحها مثل الصراع الإثني في الداخل الإثيوبي، كما يجب استغلال التوتر في العلاقة السودانية الإثيوبية والتي كانت تعمل لصالح إثيوبيا في زمن البشير، هذا بجانب التحرك في العلاقة الدولية الإثيوبية والمشاركين في تمويل وبناء السد، وتلك الأوراق يجب أن تأتي ضمن إستراتيجية عامة وليست بشكل فردي”.

 

مصلحة مشتركة
من جانبه قال وليد علي، ممثل مجموعة القوى المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة الإثيوبي في السودان، “بالتأكيد من مصلحة السودان و مصر أن يكونوا متفقين حول رؤية واحدة فيما يتعلق بالملء و التشغيل و حتى إدارة السد، وهذا من باب الحفاظ على الحقوق التاريخية للبلدين في نهر النيل”.

وأضاف ممثل مجموعة القوى المدنية لـ”سبوتنيك”، “لكن للسودان وضع آخر يتعلق بالأمن القومي، لأن السد يقع على الحدود مباشرة وهذا يجعله مهدد من عدة نواحي، أولها النواحي الأمنية وثانيهما الناحية البيئية والاجتماعية”.

 

المخاطر والتهديدات
وتابع علي، “من الناحية الأمنية والتي تمثلت في الاعتداءات المتكررة للمليشيات شبه النظامية المدعومة من الجيش الإثيوبي، وهنا تتضح لنا حقيقة أن إثيوبيا دولة لا تحمل نوايا طيبة تجاه السودان أرضا وشعبا، لذلك فهي غير موثوقة أو مأمونة الجانب مستقبلا، ولا يجب السماح لها بامتلاك سلاح دمار يمكن أن تستخدمه في حالة الحرب ضد السودان، وهذا ملف يجب أن يحسم تماما وبصورة قاطعة بعدم السماح بملء السد بالسعة التي أعلنتها إثيوبيا مهما قدمت من وعود وتطمينات يمكن أن تخضع للمتغيرات السياسية في مقبل الأيام”.

كارثة إنسانية
أما من الناحية البيئية والاجتماعية فقال ممثل مجموعة القوى المدنية، “السودان سوف يتعرض لآثار بيئية واجتماعية مؤثرة وتكلفة تفاديها والتعايش معها كبيرة، لأن بحيرة السد سوف تقوم بتغيير المناخ وتجبر سكان المنطقة على الهجرة القسرية وتلك ستكون كارثة إنسانية يجب التحضير لمواجهتها و إلزام إثيوبيا بدفع التعويضات اللائقة عن هذه الآثار المدمرة”.

 

وأشار علي إلى أنه “بجانب ما يشاع عن الفوائد التي ستعود على السودان من السد، والتي هى أكذوبة كبرى في الحقيقة، السد لن ينتج أكثر من 2000 ميغاوات من الكهرباء، حسب تقارير العديد من الخبراء وهذه كمية لا تكفي إثيوبيا نفسها فكيف ستمد السودان بالطاقة، علاوة على أن السد سوف يضعف قدرة خزان الروصيرص وسنار على العمل والتوليد، لذا على السودان تأمين هذه النقاط بصورة واضحة وبصورة عاجلة لا تحتمل التأجيل”.

ونقلت صحيفة “أديس زيمن” الإثيوبية عن المدير العام لوكالة الأنباء الإثيوبية، بشير عبدالرحيم أمس السبت، قوله إن أكثر من 2000 شاب سيعملون على إزالة الأشجار والشجيرات والحجارة من الأرض خلف السد، وسيتم تطهير ما مجموعه 1000 هكتار “أى ما يعادل 405 أفدنة تقريبا” من الأراضى فى غضون 45 يومًا لبدء المرحلة الأولى من عملية تعبئة المياه بحلول يوليو المقبل.

وأشارت وكالة الأنباء الإثيوبية إلى أن السد سيقوم بتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه كحد أقصى عند اكتمال عملية التعبئة.

 

ويعلق بعض المراقبين آمالا على وساطة أوروبية فى ملف سد النهضة، تعتمد على توظيف أوراق الضغط الأوروبية كقضية الشركة الإيطالية المشاركة فى تنفيذ مشروع السد وعلاقات برلين القوية بأديس أبابا للضغط على إثيوبيا، خاصة فى المشاريع التنموية لتحديث الرى هناك.

 

كان اجتماع سابق لمفاوضات سد النهضة انتهى في واشنطن في 14 فبراير/ شباط الماضي، على أن تطرح واشنطن اتفاقا نهائيا على مصر وأثيوبيا والسودان في اجتماع جديد نهاية الشهر، وهو الاجتماع الذي أعلنت أثيوبيا عدم المشاركة فيه قبل وقت قصير من انعقاده.

وبدأت أثيوبيا في 2011 في إنشاء سد النهضة على النيل الأزرق، وتتخوف مصر من تأثير السد على حصتها من مياه النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.

 

سبوتنيك

Exit mobile version