رغم اقتراب تخزين المياه بسد النهضة.. الصمت سيد الموقف بمصر

حالة من الصمت تسيطر على الجهات الرسمية ووسائل الإعلام المصرية، وانتقلت أيضا إلى مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أزمة سد النهضة، رغم استعدادات إثيوبيا الحثيثة لبدء ملء بحيرة السد الجديد في الأول من يوليو/تموز المقبل.

حاجز الصمت الملفت للنظر لم يتجاوزه سوى بعض الإشارات في وسائل الإعلام، فضلا عن تغريدات محذرة، وبعضها متسائلة عن سر الصمت الرسمي والشعبي حول قضية المياه، التي طالما قال المصريون حكومة وشعبا إنهم يعتبرونها “قضية أمن قومي”، ووصل الأمر في الفترة السابقة إلى انطلاق تهديدات من جانب وسائل إعلام مقربة من السلطة باستخدام القوة العسكرية في حال تعثر المفاوضات.

وفي الأيام الأخيرة، لم تنل قضية سد النهضة على خطورتها مساحة مناسبة من التغطية والنقاش في وسائل الإعلام المصرية، وهو ما انعكس أيضا على مواقع التواصل، التي انشغلت بقضايا عدة أبرزها تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، وغضب الأطباء مما يصفوه بالإهمال الحكومي، فضلا عن مطالبات طلاب الثانوية والسنة النهائية في الجامعات بتأجيل الامتحانات خوفا من إصابتهم بالفيروس.

كما انشغل المصريون بتجدد الخلافات بين النادي الأهلي ورئيسه الشرفي تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية، وقبلها بالصراع بين الأهلي والزمالك حول لافتة “نادي القرن”، في حين اختار بعضهم الاهتمام بالصراع الليبي بين حكومة الوفاق الشرعية وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فضلا عن قضايا أخرى تبدو أقل أهمية بكثير لمصالح المصريين.

المثير أن قضية سد النهضة كانت قبل عدة شهور حاضرة بقوة في الإعلام ومواقع التواصل، رغم أن الموقف كان أقل خطورة مما هو عليه الآن، وعلى مدى شهور تنوعت خلالها التصريحات الرسمية بين التطمين والتأكيد على جاهزية نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي للدفاع عن مياه النيل وحقوق مصر التاريخية.

لكن الغريب الآن أن القضية لم تصعد إلى صدارة اهتمامات المصريين، رغم إعلان إثيوبيا الاستعداد لبدء ملء السد بعد أقل من شهر، وتخصيصها أكثر من ألفي شاب لتطهير وتجهيز الأرض وراء السد، حيث ستتجمع المياه مكونة بحيرة ضخمة ستؤثر بشكل كبير على حصة مصر من مياه النيل.

وفي وقت سابق، أعلنت إثيوبيا عزمها على بدء ملء خزان سد النهضة خلال العام الجاري، من دون الاتفاق المسبق مع مصر والسودان، وهو ما رفضته مصر، وتقدمت بمذكرة لمجلس الأمن في هذا الصدد.

ومع ذلك، قال وزير المياه والري والطاقة في إثيوبيا سيليشي بيكيلي، الخميس الماضي، إن بلاده لن تعترف بالحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل.

اعلان

كما يأتي الصمت المصري رغم تحرك أطراف دولية وإقليمية في ملف سد النهضة، حيث طالب السودان اليوم الثلاثاء -في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي- كافة الأطراف المعنية في ملف سد النهضة الأثيوبي “بالامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر على السلم”.

كما أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا الأسبوع الماضي شدد فيه على أن “حل الخلاف مهم للاستقرار في كل المنطقة”. وأضاف البيان أن نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض شؤونها الخارجية جوزيب بوريل تواصل خلال الأسابيع الماضية مع كل الأطراف، وشجعها على “تجنب الاستقطاب المتزايد”.

وذكر البيان أن بوريل شدد على أهمية تجنب أي تصعيد آخر، وإيجاد حل عاجل يحقق مصالح الأطراف كلها.

وكانت الحكومة السودانية أعلنت الأسبوع الماضي أن السودان وإثيوبيا اتفقا على العودة إلى المفاوضات مع مصر بشأن سد النهضة، و”تكليف وزراء المياه في الدول الثلاث بالبدء في ترتيبات العودة إلى التفاوض بأسرع فرصة ممكنة”.

وجاء إعلان السودان بعد توقف المفاوضات في فبراير/شباط الماضي، بسبب رفض إثيوبيا التوقيع على مسودة اتفاق أعدته الولايات المتحدة والبنك الدولي.

وفي 12 مايو/أيار الماضي، رفض السودان مقترحا إثيوبيًّا بتوقيع اتفاق جزئي لبدء ملء بحيرة السد في يوليو/تموز المقبل.

وبدأت إثيوبيا في 2011 بناء سد النهضة على النيل الأزرق، بكلفة ستة مليارات دولار، الأمر الذي أثار حفيظة مصر، ووتر العلاقات بين البلدين.

اعلان
ودخلت القاهرة والخرطوم وأديس أبابا منذ 2011 في مفاوضات للاتفاق حول كيفية الحد من تأثير السد الإثيوبي على كميات المياه المتدفقة إلى كل من السودان ومصر.

على الجانب الآخر، يرى مصريون أن من مصلحة مصر أن تبدأ إثيوبيا تخزين المياه الآن بالتزامن مع مؤشرات لبداية مبكرة لفيضان منابع النيل، وذلك حتى تكون مصر أقلّ عرضة للمخاطر في أوقات الجفاف غير المتوقعة بنسبة كبيرة في السنوات الأربع المقبلة.

لكن أستاذ هندسة السدود محمد حافظ يرى أن البدء في ملء الخزان حاليا بالتزامن مع الفيضان المبكر سيؤدي إلى استحالة أي عمل عسكري مصري ضد سد النهضة الإثيوبي؛ لأنه سيهدد سلامة سدود السودان.

ونشر العالم المصري على صفحته في “فيسبوك” مفسرا أحدث صور عبر الأقمار الصناعية لسد النهضة، تظهر وجود أكثر من مئة مليون متر مكعب أمام السد.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.