قالت مصادر سودانية إن تأجيل مفاوضات سد النهضة الإثيوبى، لعقد اجتماع سداسى جديد ما هو إلا ترحيل للقضايا العالقة بين مصر والسودان وإثيوبيا، والتى ستظل تفرض نفسها على مستقبل العلاقات المائية بين الدول الثلاث انتظارا لحل نهائى، مشيرة إلى أن علاقات مصر وإثيوبيا ستكون على «المحك» ما لم يتدخل قادة الدول لحل الخلافات، وإلا تحولت إلى نزاع قد يكون باكورة حرب جديدة حول المياه.
وأوضحت المصادر لـ«المصرى اليوم»، أن الخلافات الرئيسية بين القاهرة وأديس أبابا خلال جولة الخرطوم تركزت على مصطلحين هما الإبطاء والإرجاء بهدف الحد من تسارع العمل في المشروع ومراعاة حالة الغضب في الشارع المصرى مع كسب رضا الشعب الإثيوبى.
وأضافت، أن القاهرة تسعى للإسراع في إنجاز دراسات سد النهضة حتى تتمكن من تحديد الآثار السلبية للمشروع على الأمن المائى لمصر، وعندها تستطيع أن تحدد خياراتها المستقبلية بشأن السد أو تصعيد الأزمة دوليا عبر مجلس الأمن الدولى استنادا إلى الفصل السابع الذي يؤكد أن المشروعات المائية في الأنهار المشتركة التي لم يتم التوافق حولها تؤدى إلى تهديد السلم والأمن الدوليين وعندها يتم التدخل دوليا من خلال مبادرة لحل الخلافات برعاية الامم المتحدة تمهيدا لإقرار اتفاقية دولية تحكم العلاقات المائية بين دول حوض النيل الشرقى.
وتابعت أن الدور السودانى يعتمد على تنفيذ اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث على هامش اجتماعهم الثلاثى بالعاصمة السودانية الخرطوم في 23 مارس الماضى، والذى لم يمنع الجانب الإثيوبى من وقف الإنشاءات في سد النهضة ما يعطى إثيوبيا ميزة كبرى وهى كسب الوقت، بالإضافة إلى توقف الدراسات الفنية فيما تقلل أديس أبابا من الدعاوى المصرية بالتأكيد على أن الأمر لا يحتاج إلى هذه الضجة، وأن المسألة فنية.
وقال الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى، إن إجمالى أعمال البناء في سد النهضة من إنشاءات عامة بلغ 48% أما بالنسبة لهيكل السد الذي سيتم فيه تخزين المياه فإن نسبة البناء لم تتجاوز 20%، موضحا أنه سيتم خلال الاجتماع السداسى المقبل بحث وضع آلية لمتابعة عمليات البناء على الأرض لطمأنة الجانب المصرى بالتنسيق مع الأشقاء في إثيوبيا بما لا يتعارض مع الدراسات الفنية ولا يمس سيادة الدولة، خاصة أنه موضوع في غاية الحساسية والدقة.
وأضاف «مغازى» في تصريحات صحفية، الأحد، أنه «من الظلم وصف الاجتماع السداسى لسد النهضة الذي عقد يومى الجمعة والسبت الماضيين بالخرطوم بأنه فاشل، فهو أول اجتماع سداسى على مستوى وزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا، وكانت المفاوضات صعبة وشاقة».
وأوضح «مغازى»، أن «الاجتماع السداسى تناول الشواغل والقلاقل التي تسود الشارع المصرى وما يتم من هدر للوقت، حيث يجرى الاستمرار في بناء سد النهضة بوتيرة أسرع بكثير من المفاوضات»، واصفا الاجتماع السداسى بأنه تم في «جو من الشفافية»، مشددا على أن المفاوضات «صعبة»، وتابع: «كنا نناقش قضايا تتعلق باتفاقية المبادئ وطرحت مصر كل ما يشغلها وسيتم الرد على هذه القلاقل في الاجتماع السداسى المقبل الذي تم الاتفاق على عقده يومى 27 و28 ديسمبر الجارى بالخرطوم».
وأشار إلى أن الاجتماع تناول مناقشة المسار الفنى، حيث تم تكليف خبراء اللجنة الوطنية الثلاثية في الدول الثلاث بطرح مكتب بديل للمكتب الهولندى الذي انسحب من القيام بالدراسات الفنية للسد ورفض العمل مع المكتب الفرنسى، والجانب المصرى بدأ المشاورات الخاصة باقتراح مكتب استشارى دولى بديل، لأن القاهرة هي المسؤولة في هذه الدورة عن القيام بالإجراءات والاتصالات مع المكاتب الاستشارية.
وناشد «مغازى» غير المختصين الذين يتحدثون عن سد النهضة مراعاة أن «هذا الملف أمن قومى، لأن المياه مصدر حياتنا جميعا، والمفاوض المصرى وطنى مخلص وحريص جدا على الثوابت والمبادئ الأساسية وحقوق مصر المائية خط أحمر لا يمكن تجاوزه».
وشدد على أن الوفد المصرى المشارك في الاجتماع السداسى سلم تقريرا مفصلا للرئاسة ومجلس الوزراء تم خلاله عرض نتائج المباحثات والمناقشات السياسية والفنية.
وجدد وزير الخارجية السودانية الدكتور إبراهيم الغندور، تأكيد موقف بلاده بأنها تتحرك في مفاوضات سد النهضة من منطلق المصالح الوطنية للسودان التي تحتم عليها تقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة وليس اعتمادا على القيام بدور الوسيط.
وأكد وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى السفير معتز موسى، في تصريحات صحفية الأحد، أن اجتماع السبت الماضى ناقش الأجندة المطروحة للتواصل خلال الاجتماع المقبل المقرر يومى 27 و28 ديسمبر الحالى، متوقعا أن يشهد خطوة إيجابية في سير المفاوضات بين الدول الثلاث.
وكشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى شاركت في الاجتماع السداسى عن أن القاهرة طالبت في جلسات اليوم الثانى لمفاوضات سد النهضة بحضور وزراء الخارجية والرى بالدول الثلاث بإرجاء استكمال بناء سد النهضة، أو إبطاء معدلات الإنشاء، ونقل الوفد جميع الشواغل وعناصر القلق للجانب الإثيوبى ورغبة مصر في التوافق حول آلية جديدة لتنفيذ الدراسات الخاصة بالسد طبقا لاتقاق المبادئ الذي تم توقيعه بالخرطوم في مارس الماضى، في إطار الاحترام والالتزام بما ورد في الإعلان.
وقال مستشار وزير الرى السودانى الأسبق، المهندس حيدر يوسف، «إن الاجتماع السداسى فشل وستفشل كافة الاجتماعات المقبلة، وإن بلغت ٢٠ اجتماعا، لأن الحكومة الإثيوبية تسعى لبناء سد النهضة بأى طريقة»، لافتا أن غرض إثيوبيا من سد النهضة غير معلوم، موضحا «أن هناك أهداف اقتصادية أعلن عنها عدد من المسؤولين تتمثل في تحويل المياه إلى سلعة كالبترول، يتم بيعها لمصر والسودان»، بحسب قوله.
المصري اليوم