الـ BBC: هل نجحت الحكومة الانتقالية في التعامل مع القضايا الملحة؟

حدثان مهمان، شهدهما السودان على مدار أسبوع لم يفصل بينهما سوى يوم واحد، وأثارا المخاوف في أوساط السودانيين، من إمكانية عودة البلاد، إلى حالة من عدم الاستقرار، في ظل ما يقوله كثيرون عن أن الحادثين، كشفا هشاشة الوضع القائم في البلاد، بفعل مايرون أنه انقسامات وصراعات، تدور بين شركاء الثورة وتهدد مسارها.

ففي يوم السبت الماضي الخامس والعشرين من تموز/يوليو، أعلن تجمع المهنيين السودانيين، انسحابه من كافة هياكل ائتلاف قوى الحرية والتغيير، التي لعبت دورا بارزا في الحراك، الذي أطاح بالرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير في نيسان/ أبريل عام 2019.

وعزا تجمع المهنيين السودانيين في البيان، الذي ضمنه قراره وموقفه ، إقدامه على الانسحاب، إلى عدم الالتزام بأهداف المرحلة الانتقالية وتعثر “الانتقال الديمقراطي” في البلاد، وقال التجمع إن أداء قوى الحرية والتغيير، الذي كان شريكا لها، شابه الارتباك منذ نيسان/أبريل 2019، وأنه رجح المصالح الضيقة، و”الاعتبارات التكتيكية” ، على المصالح الاستراتيجية الكبرى.

بعد ذلك بيوم واحد، وفي يوم الأحد السادس والعشرين من تموز/يوليو، قال بيان للأمم المتحدة، صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة، التابع للمنظمة في الخرطوم، إن 60 شخصا قتلوا، بينما أصيب 54 أخرون بجروح، في هجوم شنه مسلحون على منطقة (مستيري) الواقعة على بعد 48 كيلومترا، جنوب مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.

وقال بيان المنظمة إن نحو 500 مسلّح، هاجموا السبت 25 تموز/ يوليو قرية (مستيري)، وقتلوا أكثر من ستّين شخصاً، غالبيّتهم من قبيلة المساليت، وجرحوا ستّين آخرين، كما تم نهب عدد كبير من المنازل في شمال القرية وجنوبها وشرقها، وإحراقها، وتخريب نصف السوق المحلّية.

حدثان يعكسان الحالة

ويبدو الحدثان الكبيران، اللذان شهدتهما الساحة السودانية، وإن كان أحدهما سياسي والآخر ميداني، دالين على حالة المشهد السوداني الحالي، الذي يثير القلق لدى البعض، فقد وصف مراقبون سودانيون، انسحاب تجمع المهنيين السودانيين، من ائتلاف قوى الحرية والتغيير بأنه بمثابة زلزال سياسي، ربما يهز أركان الثورة، التي ماتزال تواجه تحديات لم تنجز منها الكثير، في طريق الانتقال الديمقراطي.

وكان تجمع المهنيين السودانيين قد ألمح في بيان انسحابه، من ائتلاف قوى الحرية والتغيير، ضمن انتقاداته لأداء الإئتلاف في ملفات عدة، إلى قضية محادثات السلام في دارفور، فبعد أن عدد أوجه القصور خلص إلى القول بأن ذلك “أنتج أداءً حكوميا عاجزًا أمام تردي الأوضاع الاقتصادية وفاقدًا للعزم في ملف محادثات السلام التي استطالت وتشعبت مساراتها حتى أصبحت مثارًا للتندر”.

وكانت الإشارة إلى أثر الأداء الضعيف، لقوى إئتلاف الحرية والتغيير، حاضرة أيضا في البيان الذي أصدرته “لجنة أطباء ولاية غرب دارفور”، الاثنين 27 تموز/يوليو، والذي أدان الهجوم، إذ قالت اللجنة في بيانها إن “هذه الممارسات والجرائم تثير تساؤلات جدية عن جدوى الثورة المجيدة، التي قادها هؤلاء الضحايا كغيرهم من أبناء الشعب السوداني، ضد ذلك النظام الدموي، لتتوج بالحكومة الانتقالية المسماة حكومة الثورة، التي إلى الآن عاجزة تماما عن حقن دمائهم وصون كرامتهم الإنسانية”.

وأضاف البيان : “إن قوى الثورة غارقة في خلافاتها وانقساماتها وصراعاتها المصلحية، والإعلام لا يرى خارج الخرطوم سوداناً، ومساعي السلام تراوح مكانها”. مشيرة إلى أنه “أمام هذه المآسي وتلك التعقيدات لا أحد يستطيع إقناع هؤلاء الضحايا بأن الوطن قد طوى عهد الظلام، وأن ثمة ثورة حدثت في هذه البلاد”.

 

مستقبل الحكومة

كل ذلك أثار تساؤلات، حول مستقبل الحكومة الانتقالية في البلاد، وما إذا كان التطوران الكبيران، اللذان شهدتهما البلاد مؤخرا، ينذران بعودة الصراع السياسي من جديد، وعودة حاملي السلاح في السودان للواجهة، في ظل استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بعد عام تقريبا من تشكيل تلك الحكومة.

وفي الوقت الذي يبدي فيه البعض تشاؤما، تجاه مايحمله انسحاب تجمع المهنيين السودانيين، من ائتلاف قوى الحرية والتغيير من احتمالات بتدهور سلبي، للعلاقة بين شركاء الثورة السودانية، بما يؤدي إلى العودة إلى المربع الأول، يرى آخرون أن انسحاب التجمع قد لايكون له أي تأثير على مجريات الشأن السياسي السوداني ،على اعتبار أن الأمور تبدو أكثر استقرارا الآن للحكومة الانتقالية، وأن انسحاب التجمع من الائتلاف، ربما كان سيضر بالعملية السياسية لو حدث في بداية التغيير.

 

BBC

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.