صلاح ادريس: يا حمدوك .. لست مخولاً لفصل الدين عن الدولة

يا سيدى حمدوك لست فخورا بالصورة التى رأيتها بالامس وانت ترفع يدك عالية موقعا فيها بفصل الدين عن الدولة . لماذا لأن الدول تبدأ فى السقوط والانهيار عندما تتنازل عن دينها من اجل كسب سياسى قصير الامد لا يسمن ولا يغنى عن جوع.

ازداد احساسى بالمرارة والاسى وطعم الحنظل وانا اقرأ واشاهد عن انفصال الروح عن الجسد ….انفصال الدم عن الشرايين بل حتى خروج الروح عن جسد الدولة السودانية الوليدة. تلك الدولة التى استبشرنا خيرا انها دولة الحرية والسلام والعدالة. ولكن اساسها الدين اذا كنا نبحث عن بناء دولة سودانية قوية راسخة. هكذا فكر هؤلاء الفتية الذين امنوا بربهم فزادهم هدى. لم يتوقع هؤلاء الشباب ان تنفصل الدولة السودانية عن روحها….لم يتوقع هؤلاء الشباب ان تصبح الدولة السودانية …..ميتة عند الميلاد. عندما قامت الثورة المهدية ….قامت على اساس دينى ….عندما حاربت الاتراك كانت روحها الدين ….عندما حاربت الانجليز كان الدين ينبض فى جسد هؤلاء ” الدروايش” الذين قال عنهم الانجليز لم نرى رجالا بمثل هذه الشجاعة والجسارة والقوة. صدق من قال ” كررى تحدث عن رجال كالاسود الكاسرة” . هذه الجسارة والقوة كان منبعها هذا الدين الحنيف. الذى جاء منهم رجال اخر الزمان منهم ” الحلو” الذى اصبح ” مرا” منهم من سماه اباه عبد ” للواحد” ….فترك العبودية واصبح ” وحدويا” يبحث عن جاه او سلطة ذائلة.

يا سيدى حمدوك……اتذكر قبل ايام قلت للسيد بامبيو انك لست مخولا للتطبيع مع اسرائيل لانك سلطة انتقالية. احترمناك. الان كان من الممكن ان تقول للحلو وبنفس اللغة التى استخدمتها مع ” النصرانى”. اننى لست مخولا للتوقيع على صك يفصل الدولة السودانية عن دينها الحنيف. نعم كان من الممكن ان تنسحب و تقول لعبد العزيز للحلو لست انا من يفعل. ولكن سيدى حمدوك من يهن يسهل الهوان عليه. واذا بدأنا نقدم تناذل واحد وراء الاخر من اجل بناء دولة. فقد ينتهى بنا الحال ولا نجد حتى دولة. لماذا اقول ذلك …اقول ذلك لان الدولة التى تنفصل عن دينها ….عن تراثها …عن قيمها التى تربت عليها منذ اكثر من مائتى عام فلن تصبح دولة. هذه واحدة ؛الثانية ان من يتنازل عن دينه من اجل بناء دولة. فأنه سوف يبدأ فى التناذل التدريجى من كل شئ. لأن الدين هو الاساس للدولة. ” تتداول الوسائط فيديو لامرأة سعودية ترقص وهى مخمورة فى الشارع”. هكذا تبدأ الامم فى السقوط. ؟؟؟!!!!
وكل ما بنى على باطل فهو باطل. قد تقول انك تبحث عن السلام. تبحث عن الاستقرار تبحث عن العدالة. تبحث عن الحرية. وكل هذه القيم موجودة فى الدين. اذا انفصل الدين عن الدولة ضاعت كل هذه القيم. هناك مظالم حدثت فى الدولة السودانية. لا خلاف فى ذلك . رفع عبد العزيز الحلو السلاح من اجل هذه المظالم التى حدثت لاهلنا فى جبال النوبة وفى النيل الازرق وفى دارفور واخيرا فى شرق السودان. وله الحق فى ان ترد هذه المظالم وترجع لاهلها. ونحن نتفق معه ونقف معه يدا واحدة. ولكن ليس له الحق بان يضع شرطا بفصل الدين عن الدولة حتى يحصل على ما يريده. ولا ادرى ماهى الفلسفة التى بنى عليها فصل الدين عن الدولة بل من هو الحلو حتى يقرر فى قضايا تمس روح وجسد الامة السودانية التى قامت وقعدت وصلت على هذا الدين. وكيف نطير فرحا ونوقع له ورقة نلغى بها هوية هذه الامة. نعم لا خلاف أن هناك حرمات انتهكت باسم الدين. والدين منها براء. نعم جاء اناس لبسوا اثواب الدين وعبثوا بمقدرات الدولة السودانية. ذلك لا يعنى اننا نعلق فى الدين شماعة فشلنا. رحم الله الشاعر القديم الذى قال يوما نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا.

يا سيدى حمدوك يجب الا تنسى ان تلك الورقة التى وقعتها باسم السودان لا تساوى الحبر الذى كتبت به. كان بامكانك ان تقول له ” معذرة” لست مخولا للتوقيع وتنسحب من هذا اللقاء وتكتسب احترام الشعب السودانى الذى وثق فيك وحملك مسئولية ضخمة. أذهب الى اكثر من ذلك كان بامكانك رفض الدعوة بصورة دبلوماسية .ولكن من باب الاحترام ارسل وزير خارجيتك الى اثيوبيا. وتشاور مع هذا الوزير واعضاء حكومتك الموقرة قبل ان تتسرع وتوقع على هذه الوثيقة التى ولدت ميتة.

اعتقد ان توقيعك بفصل الدين عن الدولة السودانية اسوأ من توقيع على عثمان محمد طه بحق تقرير المصير الذى قاد لفصل الجنوب. لانك بهذا التوقيع بدأت فى فصل السودان الشمالى عن جسده. وانت اعلم بالخط الذى يسير فيه الحلو وامثاله. ولست فى مقام الشرح ” جاء الصباح وسكتت شهرذاد عن الكلام المباح”. اذا سرت فى النهج فهذه بداية النهاية للدولة السودانية الموحدة ودليلى على ذلك هو موافقة رئيس دولة كاملة السيادة بالتوقيع مع رئيس كتيبة متمردة بفصل دولة كاملة عن دينها. بل وترفع معه يدك فرحا بالنصر الفخيم . سيدى حمدوك تنازل فورا عن هذا التوقيع واعلن للملأ عن تنازلك عن هذه الاتفاقية. لسبب واحد وانت اعلم به. وهو انك رئيس حكومة ” انتقالية” بمعنى اخر انها حكومة “مؤقتة”. فانت بالدستور الانتقالى المؤقت لست مخولا بفصل الدولة السودانية عن دينها الذى قامت عليه حتى قبل ان يولد اجدادك لست مخولا بالتوقيع عن فصلها عن دينها. كن شجاعا واعلن انك اخطأت. ولن تكون الاول او الاخير الذى اعلن انه اخطأ. فقد وقف الخليفة العادل ابن الخطاب وقال ” اخطأ عمر واصابت امرأة” اين انت من خليفة رسول الله. اعلن ذلك واترك هذا الامر لحكومة منتخبة وبرلمان منتخب ومؤسسات سياسية راسخة وقوية تحدد اذا كان الشعب يريد ان يفصل دينه عن دولته. اللهم بلغت فأشهد.

الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.