“فتح بوابات السد العالي”.. هل كان بإمكان مصر إنقاذ السودان من الغرق؟

يعاني السودان وضعا صعبا بعد تجاوز معدلات الأمطار والفيضانات هذا العام للأرقام القياسية، مما أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص، وانهيار آلاف المنازل.

وحسب البيانات الرسمية في السودان، تجاوزت معدلات الفيضانات والأمطار هذا العام، الأرقام القياسية التي رصدت خلال العامين (1988-1946).

فقد ارتفع منسوب النيل الأزرق مؤخرا إلى 17,57 مترا (57 قدما)، وهو “مستوى تاريخي منذ بدء رصد النهر في العام 1902″، بحسب وزارة المياه والري.

وفي بيان على تويتر، اعتبرت وزارة الداخلية، السودان “منطقة كوارث طبيعية”، بعدما أسفرت الأضرار عن وفاة وإصابة العشرات، وتأثر أكثر من نصف مليون نسمة، وانهيار كلي وجزئي لعشرات المنازل.

وبينما عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي والخارجية المصرية عن التضامن مع الدولة الجارة وتنسيق الجهود الإغاثية معها جراء الفيضانات التي اجتاحت البلاد، طالب البعض بفتح بوابات السد العالي في محاولة لتقليل حجم الضرر.

عبر فتح بوابات السد العالي؟

يقول الرئيس السابق لوحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، لموقع “الحرة”، إن “المطالبة بفتح بوابات السد العالي أمر مخالف للعقل والمنطق، وزعم أن مصر كان بمقدورها إنقاذ السودان عبر ذلك مجرد تضليل”.

ويشير الرسم التالي إلى أن أقصى ارتفاع للسد العالي عند 200 متر فوق سطح البحر، بينما تقع العاصمة السودانية الخرطوم عند ارتفاع 380 متر فوق سطح البحر.

ويوضح رسلان أنه “حتى لو تم إغلاق بوابات السد العالي، فإن المياه لن تعود إلى الخلف وتتجه جنوبا، لأن تضاريس الأرض تسير باتجاه الارتفاع، ولا يمكن للمياه أن تسير من المنخفض إلى المرتفع بدون روافع”.

وتابع “في حالة غلق بوابات السد العالي (جدلا) فإن المياه سوف تمر من فوق جسم السد، وقد تهدده بالانهيار”.

هل مصر قريبة من الخطر؟

ويتخوف البعض من أن يحل فيضان استثنائي آخر أشد وطأة من الفيضان الحالي وتصل كارثته إلى مصر.

لكن رسلان ينفي أي مخاطر تهدد مصر بسبب الفيضانات، حيث تستوعب بحيرة ناصر التي تتجمع فيها المياه خلف السد العالي أي فيضانات مرتفعة، وفي حالة امتلائها يتم فتح مفيض توشكى خلف السد لتصريف المياه الزائدة، وقد تم ذلك بالفعل في العام الماضي، وتم تصريف 13 مليار متر مكعب عبر المفيض.

أيضا يمكن فتح جميع بوابات السد العالي والقناطر التي تليها لغسل مجرى النهر، كما حدث في العام الماضي حتى وصلت المياه إلى أجزاء من ترعة السلام في سيناء (شمال شرق البلاد).

وفي حالة الطوارئ يمكن السماح بتصريف كميات محدودة إلى البحر المتوسط لكن مصر لا تسمح عادة بمرور أي مياه إلى البحر إلا بعد إعادة استخدامها أكثر من مرة، بحسب رسلان.

ما دور سد النهضة؟

وتعد الفيضانات ظاهرة طبيعية مرتبطة بعوامل مناخية، قد يصعب التنبؤ بها.

وسبق أن شهد السودان ومصر ودولا في الشرق الإفريقي فيضانات استثنائية ومتوسطة وضعيفة وشحيحة.

وتخللت المفاوضات المتعثرة لسد النهضة الإثيوبي، قول بعض المصادر الرسمية السودانية إن بناء سد النهضة سوف يعمل على إنهاء معاناة السودان من الفيضانات، وهو ما لم يفعله السد حتى الآن رغم إعلان إثيوبيا الرسمي بداية تشغيله.

لكن السد يحتاج إلى خمسة أعوام إضافية على أقل تقدير حتى يصل إلى ارتفاعه النهائي (145 مترا) الذي سيمكنه من احتجاز المياه بشكل كامل.

وأكد الخبير في الدراسات الإفريقية وحوض النيل زكي البحيري لموقع “الحرة” أن سد النهضة الإثيوبي لم يمنع الفيضانات التي ضربت السودان مؤخرا، مشككا في قدرة السد على مواجهة الفيضانات مستقبلا.

وحذر البحيري من أن تطيح الفيضانات الهائلة مستقبلا بالسد نفسه، قائلا إن بعض المشاكل في بنية سد النهضة لم تتحدث عنها إثيوبيا.

وأصبح سد النهضة الجاري بناؤه على بعد حوالي 15 كيلومترا من حدود إثيوبيا مع السودان مصدرا رئيسا للخلاف بين الدول الثلاث.

وتخشى مصر من أن يؤدي المشروع، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، لنقص تدفق المياه، والتأثير على حصتها في مياه نهر النيل، فيما ينتاب السودان القلق بشأن سلامة السد.

الحرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.