من قلبي سلام للخرطوم!

كارثة كبرى حلت بالسودان، فبين ليلة وضحاها، وجد آلاف السودانيين أنفسهم في العراء، في منظر مؤثر يدعو إلى حشد مزيد من التضامن والتكاتف، بعد الفيضان الذي حل بهم ودمّر آلاف المنازل.

الأزمة التي حلت بالسودان لم تلفت الانتباه منذ البداية، إذ كان هناك تجاهل تام في بداية الكارثة، خصوصاً أن سكان المناطق المتضررة لا يهتمون بوسائل التواصل الاجتماعي كثيراً.

ولكن بعد أيام معدودة انطلق وسم #من_ قلبي_ سلام_ للخرطوم، وغرد آلاف الأشخاص، معبرين عن تضامنهم مع الأزمة التي تمر بها البلاد ومعلنين رغبتهم في المساعدة المادية والمعنوية.

سعوديون ولبنانيون ويمنيون وإماراتيون وعرب أكدوا وقوفهم وتضامنهم التام مع الشعب السوداني، بينما برزت انتقادات أن حملة التضامن أتت متأخرة جداً مقارنة بالحملة التي نظمها رواد التواصل الاجتماعي مع الشعب اللبناني في أزمته الأخيرة المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت.

من قلبي سلام للخرطوم

وتحت وسمي #من قلبي _سلام _للخرطوم، و#السودان يستغيث، أبدى البعض أسفهم لأن التضامن جاء متأخراً، وغرد أحدهم قائلاً “كنت أتمنى أشوف العالم بيساند ويساعد أهلنا في السودان زي ما اهتموا وساعدوا لبنان في تفجيرات بيروت”، بينما علقت الصحافية دالي الجاسم، “ماتت الإنسانية عند العرب”، وشاركت صوراً للمتضررين وهم يتنقلون في المياه من منزل إلى آخر.

وكتب أحدهم “لو كان بينكم فيروز أو إليسا أو ماجدة الرومي لهرع إليكم ماكرون وكل أوروبا”، وتساءل آخرون عن التضامن الغربي والعربي وعن كل هذا التجاهل؟

وينشط السودانيون على موقع “فيسبوك” أكثر مما ينشطون على “تويتر”.

أبعاد سياسية

وعلق استشاري الإعلام الرقمي أمجد البصيري لـ”اندبندنت عربية” قائلاً، “انفجار بيروت كانت له أبعاد سياسية جعلت الإعلام يلتفت إليه، الضجة الإعلامية التي حظيت بها بيروت بسبب الصراع في المنطقة، حيث صراع المحاور والدول، إسرائيل وحزب الله وأميركا وغيرها من الدول التي لها مصالح، هذه الأسباب جعلت الأنظار تتجه نحو بيروت، ما خلق أثراً وتدافعاً شعبياً وعالمياً نحو لبنان، والانفجار كان منقولاً على الهواء مباشرة، وبعدها خرجت فيديوهات ملفتة ومؤثرة، ما جعل الإعلام يركز عليها، كل تلك الأسباب لها أدوار كبيرة في انطلاق حملات تضامن واسعة”.

أضاف البصيري “المؤسسات الشعبية والرسمية والتطوعية في السودان تفتقد القدرة على تحريك الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التضامن كان عفوياً من دول قريبة ولا يرتقي لحجم الكارثة، على الرغم من أن الثورة حظيت بشهرة واسعة، الكارثة تحتاج إلى عمل إعلامي أكبر، الجهود التي يبذلها الشباب هي مقدرة ولكن ضعف الإمكانيات يحول دون قدرتها على تسليط الضوء العالمي وخلق التعاطف الكبير تجاه القضية”.

لا اختلاف في التضامن

في المقابل، رأى المحلل السياسي أحمد عبد الغني أن “التضامن العالمي والعربي مع قضية الخرطوم لا يختلف كثيراً عن التضامن الذي وجدته قضية لبنان، إذ كان بالمقدار ذاته على فيسبوك وتويتر وغيرهما، تضامنت دول عربية كثيرة، إضافة إلى البرلمان العربي والجامعة العربية، نجد أن الأحداث التي شهدتها الخرطوم لاقت اهتماماً بارزاً من دول عربية عدة ومن المجتمع الدولي. من قلبي سلام للخرطوم واحدة من علامات التضامن، تختلف وسائل المساندة ولا اختلاف بين التكاتف العربي في مثل هذه القضايا الإنسانية. الجميع الآن يعمل من أجل القضايا الإنسانية ويدعمها بشكل كبير، وإنها واحدة من الوسائل التي تخفف وطأة الأحداث التي تشهدها الدول”.

صعوبة التعبير

وعلى الرغم من أن الشعب السوداني شعب اجتماعي بامتياز، ولكن يعاني من صعوبة التعبير عن نفسه، خصوصاً في الأزمات، ولا يستطيع التواصل مع الآخرين لطلب المساعدة والتعاطف، وهذا ما رأته المتخصصة في علم الاجتماع نسرين الهادي التي أوضحت لـ”اندبندنت عربية”، “لن أقول إن الشعب السوداني اعتاد على الصدمات فقط، فسوء الأوضاع الاقتصادية وتدهور البلاد في كل المناحي جعلتهم يقللون من حجم أي مصيبة تحدث لهم، ولا يلتفتون إليها إلا بعد تفاقمها. وفي هذه الحالة، لن يستطيع الآخرون التضامن معهم، لأنهم أنفسهم لم يتفاعلوا مع الأمر بسرعة. الفيضانات وقعت في بعض الأماكن التي لا يشارك سكانها كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى الآن القرى والمدن البعيدة لا تحظى بالاهتمام ذاته مقارنة بالخرطوم، ما يجعل ما يحدث هناك يبقى هناك”.

إندبندنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.