الخبز يواصل “تمرده” ويبتعد عن موائد السودانيين

ساعات طويلة قبل شروق الشمس تقضيها يومياً الطالبة الجامعية، دعاء الأمين، في صفوف مخبز الحي بالعاصمة الخرطوم لأجل الحصول على حاجة اسرتها من الخبز، وتقول الأمين انها “لن تتمكن من القيام بهذا العمل الشاق عند عودتها القريبة للجامعة نهاية سبتمبر الجاري، وعلى اسرتها تكليف شخص آخر للقيام بهذه المهمة”.

اما سائق سيارة الأجرة، موسى عمر، يقول إنه اثناء تنقلاته توصيل الزبائن، يكون في حالة مراقبة دائمة لمواقع المخابز في الطرقات التي يسير فيها، وإذا لاحظ وجود مخبز بصفوف معقولة يعود اليه لأخذ خبز أسرته.

لكن “افراح” – ربة منزل- تلجأ للبحث عن بدائل عندما يستعصي عليها الحصول على الخبز وتتطاول الصفوف امامها، وتقول انها تصنع الوجبات التقليدية (قراصة، كسرة)، إلا أنها تؤكد انها حلولا مؤقتة لا يمكن الاستمرار فيها لأنها غير اقتصادية لأسرة مكونة من (7) افراد، فترتاح يوما واحدا أو اثنين خلال الأسبوع ثم تعود للوقوف بالساعات الطوال أمام المخابز.

مشاهد المعاناة التي تحدثت (التغيير) إلى ثلاثة من ابطالها اعلاه، تمثل حال ألاف المواطنين في العاصمة السودانية من السيدات والرجال الذين تتمدد صفوفهم يوميا في انتظار الخبز امام مخابر العاصمة والحال أسوا في ولايات البلاد المختلفة.

ومنذ ايام تواجه البلاد ازمة خانقة في دقيق الخبز، وكشف المفوض لاستلام وتوزيع حصص الدقيق بولاية الخرطوم، أسعد حسن لـ(التغيير الالكترونية) الخميس الفائت، عن نقص حاد في حصص الدقيق المقررة لولاية الخرطوم يصل إلى نسبة ٣٢%.

وقال حسن، إن مطحن روتانا توقف عن العمل تماما وكان يوفر يوميا (6) آلاف جوال دقيق، كما توقف مطحن الحمامة الذي كان يوفر (3400) جوال يوميا، ونقصت حصة ويتا بعدد (2500) جوال وبلغ عجز مطحن سين (1700) جوال ليصبح مجموع العجز اليومي داخل ولاية الخرطوم (13600) الف جوال دقيق.

وأشار، إلى إن سيقا هي المطحن الوحيد الذي لم يتوقف عن العمل ولم تنقص حصته المقدمة للولاية مطلقا. مشيرا إلى أنه يملك قمحه الخاص.

وعزا حسن مشاكل الدقيق المتكررة إلى تأخر وزارة المالية عن دفع مستحقات القمح الأمر الذي يضطر المطاحن للتوقف عن العمل، مشيرا إلى عدم وجود حلول للأزمة الحالية بصورة عاجلة.

من جهته، قال مصدر مطلع بوزارة الصناعة والتجارة ولاية الخرطوم لـ”التغيير الالكترونية” إن هناك عددا من المشاكل مرتبطة بأوضاع المطاحن، منها حاجتهم لتجديد التعاقدات شهريا مع المالية، والتي بدورها تقوم بتأخيرها وعليه تتأخر عملية سداد المدفوعات النقدية للمطاحن الأمر الذي يجعلها تخرج عن العمل لوقت طويل.

وكشف المصدر، عن حاجة المطاحن لقرابة الـ(10) أيام لتعود للعمل، منها قرابة ال (5) أيام تستغرقها الرحلة من بورتسودان لتوصيل القمح للخرطوم، ثم يحتاج القمح لعملية ترطيب تستغرق يومين، وعملية تقشير تستغرق يومين آخرين قبل بداية الطحن.

وأفاد المصدر، عن انتهاء وزارة المالية من التعاقدات الجديدة لهذا الشهر مع المطاحن، متوقعا عودتها للعمل يوم الأربعاء المقبل.

وحول رده على سؤال (التغيير) عن الحلول الدائمة، قال المصدر الحكومي، إن “الحل الاستراتيجي يتمثل في مقترح لجنة الطوارئ الاقتصادية، وهو فتح عطاءات لاستيراد القمح الذي يكفي البلاد لمدة ستة أشهر”.

وأشار إلى إن اللجنة تعمل على الأمر، حيث بدأت فتح عطاءات لاستيراد الوقود، ومن ثم ستذهب لفتح عطاءات خاصة باستيراد القمح. وأفاد بأن الحل الاستراتيجي الآمن هو اتباع النهج المصري في التعامل مع الخبز كسلعة استراتيجية تقوم الدولة باستلام كافة عمليات انتاجها، من استيراد القمح والمطاحن والخميرة وكافة مدخلات الإنتاج حتى المخابز.

ووصف المصدر الخبز بالسلعة (الأمنية) التي تؤدي للاستقرار المجتمعي والاقتصادي والسياسي على حد وصفه.

التغيير نت

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.