عبد اللطيف البوني: الخواجة أكان فلس…

(1)

إن تراجع حصائل صادر الحيوان والحبوب الزيتية والصمغ العربي وكل صادرات السودان الأخرى لا يرجع لما اصطلح عليه بالداء الهولندي كما ذكرنا من قبل إنما يرجع لسياسة الدولة التي ألغت المؤسسات العامة التي كانت تقوم بعملية التصدير، تركت الأمر لأفراد متلاعبين وشركات تابعة للقوات النظامية وشركات رمادية وشركات وهمية وأجانب، فهؤلاء كانوا يشترون المنتج المحلي بأي ثمن فأضروا بالسوق الداخلية، ثم يتصرفون في دولارات الصادرات ببيعها في السوق الموازي أو شراء منتجات لبيعها بالثمن الذي يريدون. فالمشكلة أيها السادة في ان المصدر هو المستورد دون أن يكون للدولة وجود بينهما وبهذه المناسبة مشكلتنا مع بعض أكرر بعض الشركات التابعة للقوات النظامية ليست في ان إدارتها لمن؟

 

بل مشكلتنا مع بعضها في أنها ولغت في الفوضى التي كانت سائدة وساعدت الآخرين على ذلك، فلو وضعت كل حصائل الصادر في بنك السودان وفعل كذلك الآخرون وبأثر رجعي وكفت عن هذا في المستقبل، فلتكن موجودة كما هي.

 

(2)

ذلك فيما يخص بحصائل الصادر أما فيما يختص بالاستيراد فالأمر أسوأ وأضل وشخوصه هم ذات الأفراد والشركات التابعة للدولة ممثلة في الشركات الرمادية وشركات وهمية وكل الذين أسندت الدولة لهم استيراد السلع الاستراتيجية مثل البترول والقمح، فهؤلاء قد خصصت لهم الدولة سعرا خاصا للدولار فيشترون من سوق الله أكبر العالمي ثم يبيعون للدولة بيعا آجلا بالسعر الذي يريدون، فتشتري الدولة طن القمح وبرميل النفط بأضعاف سعره العالمي وتبيعه للمواطن بالسعر الذي يناسبه لتتحمل الدولة الخسارة وحدها، ولجمع الدولار تهجم على السوق الموازي بالسعر الذي يحدده التجار فتنخفض قيمة الجنيه السوداني ويختل الميزان التجاري فيظهر عجز الموازنة، فإذن المستوردون مثلهم مثل المصدرين أسهموا في التردي الاقتصادي وفي اغتيال الجنيه السوداني والتمثيل به . طبعا لن ننسى قلة الإنتاج كسبب رئيسي في التردي الاقتصادي لكن عمائل الجماعة المشار إليهم أسهمت ايضا في قلة الإنتاج وهذه قصة أخرى.

 

(3)

لسوء الحظ وحسنه في نفس الوقت، ان عملية حصائل الصادر والوارد يضع سياستها كبير السحرة, بنك السودان وتنفذها بنوك الجن أي المصارف. فمجمل الجهاز المصرفي هو البوابة التي كان يتم عبرها كل هذا الخراب، أما حسن الحظ فيتمثل في أن سجلات بنك السودان والبنوك التحت إشرافه تحتوي على هذه العمليات الشيطانية، ويمكن بسهولة تتبع كل هذه الأموال المنهوبة ومعرفة أين استقر أي دولار، بعبارة أخرى يمكن معرفة كل الصادرات والعائد منها وبالتالي معرفة الفرق بين ما يجب أن يعود وما عاد ويمكن معرفة الدولارات التي أخذها المستوردون مقابل الكميات التي استوردوها ومقارنة ذلك بالسعر العالمي ساعة القبض، وبالتالي معرفة الفرق بكل سهولة والبركة في عمنا قوقل.

 

(4)

إذا استجابت الحكومة لروح الثورة المجيدة وذلك بإرجاع ما نهب من هذا الشعب فما عليها إلا سجلات بنك السودان وبقية البنوك، وبما ان الأمر أمر اقتصاد فتصبح التسويات وليس المحاكمات هي المخرج لأنه في حالة المحاكمات يمكن بسهولة الدفع بأن ما تم كان وفقا للقانون وهو فعلا كذلك. فالقانون المعيب يفسر لصالح المتهم كما أن المحاكمات في مثل هذه الأمور تتعرض للتطويل والمماطلة (قانون مدني وإجراءات ومحامي شيطان وأمش يا أحد وتعال يا أربعاء)، عليه يصبح الفندق الفخم هو الخيار (نديكم فندقكم, تدقوا تدونا، وأدونا منقتنا نكد ونديكم).

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.