إبراهيم الشيخ : لا ننكر ارتكاب مدني لبعض الأخطاء لعدم الخبرة الكافية

كشف الناطق الرسمي للمجلس المركزي للحرية والتغيير، الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ من خلال حوار مع (باج نيوز)، دهاليز الأزمات الاقتصادية الطاحنة وما ورائها، وأبدى رأيه في وزير التجارة والصناعة بكل شفافية، كما أوضح أبعاد العلاقة الشخصية التي تربطه برئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، واسترسل الشيخ في الحوار عاكسا تداعيات السلام، بالإضافة إلى تطرقه لمصدر توتر حزبه مع الحزب الشيوعي.. كل ذلك في ثنايا الحوار التالي:

حوار: هبة علي

نحن موجودون وسط الناس وفي قلب الشارع وهمنا راحة المواطن ونرى باعيننا هذه الصفوف، ودعونا نقول إن حكومتنا لم تستطع ان تحقق حاجات المواطنين، وإذا تأملنا هذا بموضوعية تامة نجد ان الحكومة لم ترث خزائن مليئة بالذهب والدولار، بل على العكس نجد ان الخزائن خاوية تماماً، وصحيح القول طول الوقت إن هنالك موارد ضخمة وشركات تم استردادها وهنالك شركات في أيدٍ أمنية، والشركات الحكومية نفسها كان من الممكن أن ترفد الخزينة العامة، بالإضافة إلى ثنائية السلطة نفسها كعسكريين ومدنيين ومجلس سيادة ووزراء، وهذا أعاق الحكومة لدرجة بعيدة جداً بسبب وجود مركزين قابضين للسلطة غير متفقين تماماً وغير متعاونين وفي بعض الأحيان قد يجلس أحدهما متفرجاً على الآخر شامتاً ينتظر الفشل الذريع.. أعتقد أن كل هذا سبب الأزمات الراهنة، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة على إدارة الموارد المختلفة وتوظيفها بطريقة مثلى كإدارة الذهب والحاصلات الزراعية وعائداتها بعد الصادر، كل هذا أيضاً أفرز الواقع الراهن البائس، وبالتالي لدينا إحساس قوي بالمواطن ونراقب ونرغب في الإصلاح للأفضل ورغم أن الازمة خانقة إلا أننا نرى ضوءاً في آخر النفق نسعى له.

نستطيع أن نقول هي عقارات ومنقولات تم الإستيلاء عليها بواسطة لجنة الإزالة ولكنها تبقى رهينة الاستئناف باحتجاج المجموعات التي تمت مصادرتها منها، وهذا حقهم القانوني العادل، وعندما نتحدث عن العدالة لن نأخذ أموال الناس بالباطل حتى يتيقن تماماً صاحب الحق المصادر أن هذا تم وفقاً للإجراءات القانونية.

هنالك شركات أمنية تعمل في القطاع المدني، يفترض بهذه الشركات الأمنية أن تمتنع عن النشاط التجاري المدني تماماً، وهنالك بعض الأنشطة الأخرى تخضع للضرائب والجمارك والمحاسبة وكذلك المراجعة، وهذا هو المنهج الذي سيتم التعاطي به مع الشركات والمؤسسات الأمنية التي بقبضت الأجهزة المختلفة، وهذا مال السودان ويجب أن يخضع لوزارة المالية باعتباره مال عام ويقدم بميزانيته لكي تستطيع المالية إعادة أوجه الصرف على المؤسسات العسكرية والمدنية.

لا وجود لضغوط خارجية ولكن هناك جهات عديدة ومنظومات عالمية تبرز عندما يطالب السودان بالقروض باعتبار أن هنالك موارد كثيرة جداً يفترض أن يعتمد عليها السودان أولاً ثم يطلب العون ثانياً.

هنالك ظلم كبير جداً على مدني لجهة أن سبب الأزمة الراهنة ليس بيد مدني وإنما بيد وزيرة المالية، ومدني موزع أكثر من كونه مشترٍ للدقيق، وليس لديه موارد بوزارته وفقط لدى وزارة المالية والتي يفترض أن توفر الدقيق ثم مهمة مدني أن يقوم بالتوزيع بالشكل العادل الذي يضمن الوصول لكل المخابز، ولا أدري لماذا تتم شيطنة وزير التجارة الذي لا ننكر ارتكابه لبعض الأخطاء نتاجاً لعدم توفر الخبرة الكافية لكن ليس هو المسؤول عن الأزمة الراهنة على الإطلاق كما يشاع عبر الوسائط المختلفة وما يتعرض له من هجوم.

غير صحيح ولا توجد مافيا دقيق بقدر ما توجد أزمة عملة صعبة والدقيق والقمح الاثنان يحتاجانها.

المضاربة في الدولار تحتاج لحل أمني لأجل محاصرتها وهنالك إجراء أمني صحيح بالإضافة إلى إجراءات اقتصادية أخرى.

العديد من التجار والمواطنين قاموا بتحويل ودائعهم السودانية إلى دولار والذي صار بدوره مستودع قيمة، وكذلك صارت البيوت مخازن للعملة الصعبة، والخوف من حجم التضخم الراهن قاد الناس لتحويل الدولار لمخزن قيمة، لا ننكر أن للنظام السابق دور في هذا باعتبار أن هنالك عملات محلية طبعت منذ العام 2017م و2018م خارج السودان بحجم كبير وتخضع لمافيا النظام السابق بدلاً من بنك السودان وذلك جزء من المضاربة الحالية في العملة الصعبة، وأيضا الاقتصاد غير المرن كان له دور في ارتفاع سعر الدولار والمضاربة به، أضف إلى ذلك قلة الصادر مقارنة بالاستيراد.

لا يوجد باستثناء التهريب وهنا يأتي دور رفع الدعم للحد من هذا لجهة أن الإجراءات الأمنية تعجز عن الحد من التهريب.

أتى المؤتمر الاقتصادي لإتاحة فرص أكبر للمعلومات والتدقيق بالأرقام وسبقه إعداد للقطاعات المختلفة من خلال الورش التي عالجت الإشكالات الموجودة بعدد من القطاعات الزراعية والتجارية والبنى التحتية وغيرها. المؤتمر بأيامه الثلاثة كان حصاداً لهذه الورش واستعراضها، والتوصيات استوعبت حجم التحديات التي تحيط بالاقتصاد السوداني، والتحدي الأعظم كيف يتم تنفيذ هذه التوصيات لرفع المعاناة عن كاهل المواطن بالسيطرة على سعر الصرف وتنمية الصادر.

النتائج لن تأتي بين عشية وضحاها والمؤتمر كان لتحديد موضع الداء والخلل وقد أفلح في ذلك.

*هل رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب مقرون بالتطبيع مع إسرائيل ويخضع لمساومات؟

يجب أن نحرر موضوع التطبيع تماماً من موضوع الدول الراعية للإرهاب، ولا يمكن الربط بين الموضوعين، وحقيقة كان شكل من أشكال الابتزاز التي قوبلت برفض واسع من جماهير الشعب السوداني وكذلك النخب السودانية لم تكن راضية عن هذا الربط الذي تم مؤخراً، وأعتقد أن قضية إزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب قطع شوطاً كبيراً ويقف عند المبلغ الذي سيدفعه السودان كتعويض لأسر ضحايا وسينتهي الأمر برفع السودان من القائمة.

الحزب الشيوعي والبعث رافضين تماماً لأسباب عقائدية ومصلحة السودان عليا ولن تبقى رهينة لحزب أو فرد.

لم يخرج الحزب بييان واضح ومازال في إطار التشاور وأنا شخصيا مع التطبيع تماما.

هذا ضرب من ضروب تقليل الشأن وهذا سلوك يمكن أن يسلكه الكثيرون من أجل التقليل، دعينا نسميها بالقسمة العادلة للسلطة والثروة ومن حق الموقعين أن يكونوا في مجلس السيادة وكذلك الوزراء والتشريعي، ومن حق الجميع قسمة السلطة والثروة، أضف إلى ذلك أن هذه الأطراف طرحت العديد من القضايا كالتعليم والصحة وتوطين النازحين والترتيبات الأمنية ووضعت ميزانية لها.

الإنفاق الذي تم على سفر الوفود لم يتم من خزينة حكومة السودان، هنالك دول صديقة وجهات عديدة أسهمت في استئجار الطائرات وتكلفة الإقامة بالفنادق.

*هلا ذكرت أمثلة لهذه الجهات؟

ليس لدي علم بها وأكثر من جهة حكومية أفادت بهذا ولم نخض في تفاصيل من هم، وطرحت هذه المسألة في جوبا حيث أوضحت الجهات الحكومية هذه المعلومات، وفي رأيي السلام يستحق ولابد أن نحتفل به ونُشعِر القاطنين في مناطق الحرب بالسلام حتى لو أنفقنا به من خزينة حكومة السودان (60) مليون جنيه.

مفوضية السلام لا تفاوض، تفاوض لجنة السلام المنبثقة من المجلس الأعلى للسلام وهو جسم مكون من مجلسي السيادة والوزراء إضافة إلى الحرية والتغيير وبعض الكفاءات والعناصر الخبيرة بإدارة عملية السلام، أما المفوضية فقد تحددت بأنها من ينفذ مصفوفة السلام المختلفة وإعادة توطين النازحين والعدالة الانتقالية وإعمار مناطق الحرب، ودور المفوضية سيبدأ الآن وقد تم تسمية المفوض وهو البروفيسور الديبلو.

بالنسبة للحلو والحركة الشعبية قطاع الشمال متمسكين بفصل الدين عن الدولة باعتبار ما كان من انتهاكات وتجاوزات وتمييز تم على أساس الدين، وأعتقد أنه تم إقحام الدين في السياسة وبالتالي هو مطالب بأن تنأى مؤسسات الدولة عن أي صبغة أو قوانين دينية، والإبرام الذي عقده رئيس الوزراء مع الحلو مؤخراً كان مثمراً، وبالنسبة لعبد الواحد سيجري حواراً مع الحكومة لاحقاً من أجل الوصول إلى اتفاق.

لا يوجد ما يسمى بلجنة فصل الدين عن الدولة، وأعتقد أن الذين أوردوا الخبر لم يكونوا دقيقين، ويمكننا القول إنها آلية ما بين شخصين من الحرية والتغيير وآخرين أيضاً من الحركة الشعبية لترتيب الخطوات بينهم لخلق اتصال دائم وللتفكير بعقل جمعي، فضلاً عن العمل على تجاوز العقبات التي تعترض السلام.

لا أعتقد أن هذا الاحتمال مازال قائماً لجهة أن نيران الثورة مازالت حية ورغم الأزمات مازال هناك صبر جميل، وللعسكريين وعي تام بأنه ليس أمراً سهلاً أن ترتكب الآن خطيئة الانقلاب لعلمهم بأنه مازال معبأ بالثورة ولم ينس شهداءه ومازال متمسكاً بالحرية والسلام والعدالة، وأيضاً العسكريين لن يستطيعوا أن يحكموا البلاد لمدة أسبوعين إذا ما قاموا بالانقلاب.

العلاقة لم تنقطع والصلة مستمرة وستبقى مستمرة من موقعي بالحرية والتغيير وموقعه بمجلس السيادة وكلانا معني بالشأن العام للسودان وبالتالي يبقى السودان بيننا.

لم أشعر به حتى في ظل الأزمات الخانقة وأستطيع أن أجد له العذر وبرغم أن هناك بعض الملفات كان يُفترض أن يتعاطى معها بشكل أفضل، وحمدوك لازال خيارنا وخيار الثورة ولايزال الأمل معقوداً عليه.

مجموعات تتبع للنظام السابق وأخرى من داخل الحرية والتغيير تقبع على تصيّد الأخطاء وبعض المرات دون تقديرات صحيحة يندفعوا بالاتهامات.

ليس بعد، مازلنا نحاول الحفاظ على مكتسبات الثورة ورغم أننا شكلنا لجنة عليا للانتخابات من أجل أن تبدأ العمل باكراً إلا أن الحزب مايزال بعيداً عن الانتخابات، وننتظر هذه الثلاث سنوات ويمكن أن تكون رؤيتنا في مرحلة الإعداد ولكن حتى الآن نقولها بكامل الشفافية (نحن ما جاهزين للانتخابات).

إذا قام الحزب بترشيحي فنحن جنود للوطن وعاشقين ولا نستطيع إلا أن نستجيب.

كانت هنالك الثورة ثم الكورونا ثم عدم استقرار سعر الدولار كل هذِ عوامل أدت إلى تجميد النشاط التجاري لعامة من في السوق، وأيضا من 2018م لم أزوال أي نشاط بسبب الملاحقات الأمنية بحقبة البائد، أضف إلى ذلك إنشغالي بالاجتماعات السياسية.

مصدر التوتر هو مواقفنا الداعمة للحكومة باستمرار، ومواقف الشيوعي المتحفظة، ويتحدث الشيوعي عن (تسقط تالت) ونحن نعمل على التصحيح، وطالما باب الحكومة مفتوح أمامنا فهي حكومتنا ولن نسقطها.

البعض يصفكم باصحاب الهبوط الناعم.. لماذا؟

الهبوط الناعم كان أداة سلمية للتخلص من النظام السابق بأشكال ناعمة، ونحن في المؤتمر السوداني وكتلة نداء السودان لم نتصالح مع البائد ولم نشاركه غنيمة أو سلطة أو تشريع، ولو اخترنا إنتخابات لأجل إسقاطه سنسقطه ولو اخترنا أي طريق آخر سنسقطه، وقالب الهبوط الناعم تم فعله لأجل الحصار والعزل.

فيما يخص مجلس السيادة لدى الجبهة الثورية ثلاث فرص وفي مجلس الوزراء لديهم مساحة ممثلة بخمس فرص وهذا بمقتضى الإحلال والإبدال، وإلى الآن لا يوجد تصور للبناء كيف سيكون ولكن أعتقد أن لدينا تجربة كبيرة جدا مؤكد ستخضع لتقييم عميق جداً وعادل.

المصدر: باج نيوز

Exit mobile version