الإمكانيات تكبّل الخرطوم في محاربة الاتجار بالبشر

رغم أن السودان اتخذ عدداً من الإجراءات والتدابير لمحاربة ظاهرة الاتجار في البشر، إلاّ أنّ تلك الجهود لا تمثل قطرة واحدة في بحر التحديات التي تواجه السلطات السودانية في سبيل محاربة الظاهرة، لا سيما في ظل الحدود المترامية والسواحل المفتوحة والصحارى الشاسعة التي يعبرها مهربو البشر بعيداً عن السلطات ذات الإمكانيات المتواضعة، فخلال العام الجاري وحده وقع أكثر من 1189 شخصاً ضحايا لعميات الاتجار، وفق ما ذكرته وزارة الداخلية السودانية، وتلك هي الحالات التي تم ضبطها، أما ما لم تضبط فحتماً ستكون أضعافاً.

السودان بوضعه الجغرافي المعقد يمثل في حد ذاته عبئاً كبيراً على السلطات، وأبرز التحديات في ضبط الوجود الأجنبي وهذا الأمر جعله مرتعاً لنشاط عصابات التهريب والاتجار في البشر التي لديها خبرة ومعرفة كاملة بالطرق البعيدة عن أعين السلطات سواء إلى داخل المدن السودانية أو إلى خارج السودان، وهو ما يتطلب مراقبة هذه الحدود الممتدة، حيث تطالب وزارة الداخلية السودانية بتوفير طائرات ورادارات ونقاط مراقبة مربوطة بالمركز للرصد والمتابعة، إلى جانب الحاجة لعربات ذات دفع رباعي للعمل بين هذه النقاط على طول الحدود، إضافة إلى أن هناك حاجة بحسب السلطات السودانية لمراقبة السواحل بعدد من الزوارق المجهزة بأجهزة المراقبة والرؤية الليلية، لا سيما وأن المهربين كثيراً ما يستغلون البحر الأحمر لعمليات التهريب.

وتبرز كذلك الحاجة إلى إنشاء نقاط احتجاز على الحدود وداخل المدن من أجل السيطرة على المهاجرين غير الشرعيين والمخالفين لقوانين الهجرة حتى يتم إعادتهم إلى بلدانهم، وقدرت وزارة الداخلية السودانية بحسب نشرة طرحتها في ورشة حول الهجرة، الكلفة الكلية لتلك الآليات بأكثر من 155 مليون يورو.

يستضيف السودان العديد من اللاجئين منذ عشرات السنين وبعد أن توقف الدعم الدولي باتت معسكرات اللاجئين طاردة، ما سهل المهمة لعصابات التهريب والاتجار في البشر، ولمواجهة ذلك طالبت وزارة الداخلية السودانية المجتمع الدولي بإقامة مشروعات تساعد على استقرار اللاجئين بمعسكراتهم، كما أن تدهور الأوضاع الأمنية بجنوب السودان زاد العبء على السودان، حيث استقبل حتى الآن نحو 500 ألف نازح جنوب سوداني، مع توقع ارتفاع العدد في حال استمرار النزاع المسلح هناك، وجميع هؤلاء يدخلون إلى السودان دون أوراق ثبوتية، حيث لا توجد معابر رسمية في الأساس، ما يكون مدعاة لدخول آخرين من دول الجنوب الإفريقي إلى السودان ومن ثم هجرة أعداد منهم إلى أوروبا.

بذلت السلطات السودانية جهوداً مكثفة من أجل الحد من الاتجار في البشر على المستوى الوطني في حدود إمكانياته المتاحة، حيث تم تكوين مجلس أعلى للهجرة يشرف عليه نائب رئيس الجمهورية من أجل توحيد الجهود والسياسات المتعلقة بالهجرة، وللمجلس عدة آليات للقيام بمهامه، ففي المجال التشريعي تم إصدار قانون الاتجار في البشر وتكوين آلية وطنية لمكافحة الاتجار في البشر، وحدد قيام نيابة ومحكمة مختصة بالاتجار في البشر، كما تم تعديل قوانين الجوازات والعمل واللجوء لمواكبة الظاهرة.

المصدر: مجلة البيان

Exit mobile version