طوابير الوقود.. خياران أمام الحكومة السودانية

لاتزال الحكومة الانتقالية تحاول تصريف طوابير السيارات أمام محطات الوقود والتي أضحت في تزايد مستمر بالعاصمة السودانية والولايات وانتعاش السوق السوداء حيث تباع ثلاثة لترات من البنزين بألف جنيه.

ويؤكد شهود عيان أن برميل الوقود يباع بأسعار تتراوح بين 20ألف إلى 18 ألف جنيه في العديد من الأحياء بينما تؤكد وزارة الطاقة أنها ضخت 4 مليون تر يوم الجمعة من مصفاة الجيلي ومستودعات الشجرة لكن الطوابير الممتدة على طول الشوارع تسخر من تصريحات قادة الحكومة.

وأصبح بقاء طالبي الوقود في المحطة لعشرة ساعات أمرًا مألوفًا منذ ثلاثة أسابيع ولاتزال الأزمة تراوح مكانها وسط ارتفاع السخط الشعبي.

وتراجع حجم استيراد السودان من الوقود في الشهور الأخيرة على خلفية شح العملات الصعبة وارتفاعها في السوق الموازي إلى 250 جنيهًا مقابل واحد دولار أمريكي.

فيما تُقاتل الحكومة الانتقالية إقناع قوى التغيير الحاضنة السياسية للحكومة بالموافقة على إجراءات زيادة أسعار الوقود بنسبة 60% لكن قوى التغيير التي تضم أحزاب يسارية تعارض خطوة “رفع الدعم” وتعتبرها ضد مبادئ الثورة الشعبية.

وكان وزير الإعلام فيصل محمد صالح أكد في تصريحات صحفية مساء الخميس أن الاجتماعات بين قوى التغيير والحكومة الانتقالية مستمرة للوصول إلى صيغة مشتركة بشأن الموازنة المعدلة التي تتبنى زيادة أسعار الوقود.

ويقول معتز أحمد عبد الكريم وهو سائق سيارة لـ(التغيير الالكترونية) أنه يتردد إلى محطة وقود في ضاحية سوبا قريبًا من شارع الستين والمحطة تكاد تخلو من الرقابة وعندما تقترب من مضخة البنزين تكون الكميات نفذت وتنتظر لليوم الثاني لتعبئة الوقود.

وبدأت الحكومة الانتقالية في فبراير الماضي خطة تخفيض الدعم عن الوقود ووضع الجازولين في السوق التجاري خاصة الشركات والمصانع لكن هذه الإجراءات أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات.

وتحتكر ثلاثة شركات استيراد الوقود نسبة لامتلاكها مستودعات التخزين لكن رغم ذلك لم يتمكن السودان من إجراء تعاقدات طويلة في مارس الماضي عندما هبطت أسعار النفط إلى 10 دولار للبرميل مع الإغلاق الكلي لكوفيد 19 لعدم وجود مستودعات كبيرة.

وإذا ما توصلت الحكومة إلى صيغة اتفاق مع قوى التغيير حول زيادة أسعار الوقود خلال هذا الأسبوع فإن سعر جالون البنزين سيُباع بـ(350-400جنيهًا) ونفس القيمة للجازولين غير أن قوى التغيير تخشى من عواقب وخيمة على الاقتصاد والمعيشة.

لكن المحلل الاقتصادي محمد حسن إبراهيم يشير في حديث لـ(التغيير الإكترونية) إلى أن أزمة الوقود انعكاس لأزمة العملة الوطنية التي فقدت حيويتها بسبب عدم تعافيها منذ سنوات.

بالتالي ملاحقة أسعار الوقود بحسب المحلل الاقتصادي لن يكن مفيدًا ما لم يلاحق صُناع القرار العملة الوطنية بالقروض العاجلة أو سد تهريب الذهب وحصائله.

وفي ظل تزايد السخط الشعبي على أزمة السلع الأساسية مثل الوقود والخبز والدواء اتفقت الحكومة مع البنك الدولي على تمويل بقيمة 400مليون دولار ضمن تعهدات مؤتمر برلين يونيو الماضي.

ويضيف إبراهيم : “في ظل تزايد السخط الشعبي على نقص الوقود والخبز واستمرار العقوبات الأميركية لم يعد أمام رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك خيارًا سوى الموافقة على الشروط الأميركية بالتطبيع مع إسرائيل”.

وتابع :”خيار ظل حمدوك يرفضه بإستمرار لكن مع استمرار الاختناق فإنه مهدد بفقدان موقعه كأول رئيس للحكومة الانتقالية بعد الثورة الشعبية ولم يعد موثوقًا للقوى الثورية أي تغيير يحدث في ظل معرفتهم التامة أن الأزمة لاتقتصر على الحكومة المدنية”.

ويتابع إبراهيم :”الدول عادة لاتقع في الأزمات الحياتية والاقتصادية لأنها تخلق أسواق موازية من الصعب تفتيها فهي في مرحلة لاحقة تتحالف مع القوى المضادة نفسها”.

ويعتقد إبراهيم أن الحل لأزمة الوقود هو إغراق السوق بالوقود بسعر متوازن لكن عندما تفعل ذلك عليك أن تضمن عدم صعود الدولار الأمريكي مقابل الجنيه أي أنك يجب أن لاتعود ثم تلاحق الفرق بين السعر الرسمي والموازي وتضطر لدعم الوقود.

ويضيف :”استيراد السلع يجب أن يكون بواسطة الشركات الحكومية وتصدير الذهب يجب أن تصدرها نفس الشركات الحكومية لأن القطاع الخاص بشكله الراهن غير مؤهل للعب دور في صالح الحكومة الانتقالية”.

التغيير نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.