المشتريات الحكومية من الدولار تهوي بالجنيه السوداني إلى القاع

تسببت المشتريات الحكومية الضخمة للدولار من السوق الموازي في حدوث انفلات كبير في أسعاره والتي تجاوزت خانة 260 جنيها سودانياً مقابل العملة الأميركية.
وتحاول أطراف في الحكومة الانتقالية التستر على دخولها السوق بغرض توفير احتياجاتها من الدولار، ويتضح ذلك من البيان الذي أصدرته وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي، هبة أحمد علي، والذي بررت فيه تراجع الجنيه بوجود محاولات تخريبية متعمدة للاقتصاد عبر شراء وبيع الدولار والذهب. إلا أن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ورئيس اللجنة الاقتصادية العليا، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أكد في لقاء تلفزيوني مؤخرا، أن تدبير الحكومة لأموال التعويضات للأميركيين بالشراء من السوق الموازي، هو ما أسهم بشكل كبير في رفع أسعار الدولار مؤخرا.
وقال إن “شراء الحكومة لأموال تعويضات أسر ضحايا تفجير السفارتين والمدمرة كول والبالغة 330 مليون دولار كان له أثر كبير في رفع أسعار الدولار في السودان”. وأضاف حميدتي: “تجهيز المبالغ كان له الأثر الكبير جداً في رفع الدولار في السودان”.
وعضدت تصريحات تجار العملة في الخرطوم ما ذكره حميدتي، مشيرين لـ”العربي الجديد” إلى أن الإقبال المحموم على الدولار من الأسواق كان وراءه تجار وسماسرة محددون يشترون لصالح الحكومة وبمبالغ كبيرة طيلة الأشهر الماضية.

وقال أحد التجار، الذي رفض ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد” إن قبائل معينة نشطت في شراء الدولار للحكومة وقد تمكنت خلال فترة وجيزة من شراء مبالغ كبيرة، مما قفز بأسعاره لمستويات قياسية إلى 260 جنيها.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يبلغ فيه السعر الرسمي للدولار 55 جنيها. ولم يستبعد أن “يكون وراء هذا الهلع الشرائي سداد التزامات ضحايا المدمرة كول وتفجير السفارتين”.

وأشار عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، كمال كرار، لـ”العربي الجديد” إلى أن الحكومة هي السبب فعليا في زيادة أسعار الدولار بالسوق الموازي رغم نفيها المتكرر ذلك، مستشهدا على ذلك بمحفظة السلع الاستراتيجية التي تنفذها الحكومة برأسمال 2.4 مليار دولار بشراكة بين القطاع العام والخاص، جازماً بتوفيرها هذا المبلغ من السوق الموازي، لأنها لا تملك موارد بالنقد الأجنبي ولا حتى تحويلات بالقدر المطلوب من المغتربين لمقابلة برنامج المحفظة.
ولم يستبعد كرار توفير مبالغ التعويضات الأميركية من السوق نفسه، ما يمثل اعترافا ضمنيا من الحكومة بالسوق الموازي رغم عدم شرعيته، وبدلا من السيطرة عليه ومنع الطفيليين من التلاعب بالأسعار ونشر المضاربات، تحفزه بالشراء منه.
ودعا كرار الحكومة إلى اتباع سياسات لضبط وترشيد الطلب على النقد الأجنبي والاستفادة من عائدات حصائل الصادر من السلع الاستراتيجية كالذهب والمحاصيل النقدية وإحكام وسد منافذ الاتجار في العملة.

وقال مصدر مصرفي لـ”العربي الجديد” إن المشكلة الحقيقية في انفلات الدولار بالسوق الموازي هي الحكومة، عبر شرائها المباشر له وسياساتها الاقتصادية التي تقود لنتائج سالبة.
ولفت المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن تصريحات وزارة الطاقة والتعدين الأخيرة، بأن قرارا سيصدر من مجلس مجلس الوزراء ووزراة المالية في الأيام القادمة بفتح باب استيراد الوقود للقطاع الخاص، سيتسبب في هجمة كبرى من قبل الموردين لجمع أكبر قدر من الدولار من السوق الموازي لتغطية تكلفة الاستيراد، ما سيؤدي إلى مزيد من التهاوي للجنيه.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.