كيف يتم تطوير المناهج الدراسية؟

مواكبة المناهج الدراسية للبلد الواحد ولبيئته الحالية، لأمرٍ مهم في اتخاذ ذات البلد في حسبانه تطوير وتنقيح المناهج لتواكب الحاضر المعاش، وتطويره يكون باستبيانات للمعلمين والطلاب والموجهين ومديري المدارس وأولياء الأمور أصحاب المصلحة stakeholders، لتعبئتها وكتابة وجهة نظرهم في المنهج المدرسي لمادة ما من مختلف المناطق، ثم يتم جمع هذه الاستبيانات وتُفرغ وتُحسب حساباً إحصائياً لمعرفة أوجه القصور ونقاط القوة والضعف لذات المنهج، ومن ثم يتم التنقيح والحذف والإضافة للمادة الدراسية، وبما أن التعليم هو الركيزة الأساسية في تطور ونهوض الأمم، وبما أنه يصاحب الطالب منذ نعومة أظافره وصولاً إلى المرحلة الجامعية، وجب تنقيح مناهجه من وقتٍ لآخر إن لم يكن سنوياً أو في كل سنتين، حيث يقول خبراء في مجال التعليم:

(إن الهدف من العملية التعليمية هو مساعدة الطالب على فهم واستيعاب ما يتعلمه ليتمكن من تطبيقه مستقبلاً)، فما يرمي إليه التعليم هو صقل الطالب بالمعارف والمهارات التي تمكنه من تحقيق أهدافه الحياتية ومواكبة التطور العلمي العالمي، فإن لم يحقق التعليم له ذلك، فهناك حاجة إلى تطويره، ونلاحظ أحياناً تغيير المناهج الدراسية مع تغيير الأنظمة السياسية بما يتناسب مع توجهها الجديد، فتعمل دول الاحتلال مثلاً على تغيير المناهج الدراسية في الدول التي تسيطر عليها، ونفس السلوك يحدث مع خروج الاحتلال، إذ يقوم النظام الوطني الجديد إلى تغيير المناهج من أجل إضفاء أفكار جديدة تشبه هذا الوطن المستقل.

وإذا تتبعنا بعض الدول الآسيوية التي شهدت نهضة حديثة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، سنجد أن السمة المشتركة في تلك الدول جميعها هو اهتمامها بالتعليم وتعديل مناهجها الدراسية بشكلٍ جعلها تواكب الحداثة والنهضة العلمية العالمية، وإذا تأملنا حين نقارن بين المدارس الحكومية والخاصة داخل نفس الدولة، سنجد أن الاختلافات بينهما تتمحور حول ثلاثة عناصر رئيسة هي: المنهج الدراسي وأسلوب تدريسه، إضافة إلى كفاءة القائمين على المؤسسة التعليمية، ونأسف إن كان تعليمنا مركزياً ومن غير رؤية ويهدف إلى وجهة نظر الحكام ورؤساء الدول، أي بمعنى آخر أن تكون مناهج سياسية من الطراز الأول.

وفي ذات السياق، يقول منتقدو المناهج التعليمية العربية، إنها تهتم أكثر بحشو عقل الطالب بالمعلومات، وتركز على ملكة الحفظ مع إهمال ملكات الفهم والنقد وإيجاد الحلول البديلة، ويؤكد هذا الفريق أن تلك الطريقة لا تنتج عقلية تستطيع مواكبة الحداثة العالمية، وأن خريج هذه الأنظمة التعليمية لا يمكنه المنافسة على المستوى العالمي، ويضيف هؤلاء، أن ضعف المنهج الدراسي سمة مشتركة في كثيرٍ من المناهج الدراسية العربية، إذ يشكو الطلاب من مناهج طويلة لا تتناسب مع مدة الفصل الدراسي، إضافة إلى معلومات ونظريات قديمة لا تواكب التطور الحديث، مع عدم جاذبيتها للمتلقي.

في المقابل، يرى فريق آخر أن تطوير المناهج الدراسية عملية مستمرة (ongoing process) تستغرق الكثير من الوقت، وأن الدول العربية بدأت بالفعل في تطوير مناهجها، لكن وتيرة التطور قد تختلف من دولة إلى أخرى على حسب الإمكانيات المالية والبشرية المتاحة.
فيُعرَف تطوير المنهج الدراسي، بأنه العملية التي تحدث من خلالها مجموعة من التغييرات في عنصرٍ واحد أو أكثر من عناصر المنهج بهدف تحسينها والقدرة على مجاراة المستجدات والتغييرات العلمية والتربوية بطريقةٍ تلبي حاجات المجتمع والأفراد، لذلك جاء تطوير المناهج بصورة تلائم هذه التغييرات مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنمية البشرية، كما أن عملية التطوير تهدف إلى أن تكون منسجمة مع الاتجاهات التربوية الحديثة، بحيث يكون التعلم من خلال الورش والتدريب والاهتمام بالأنشطة العملية واستخدام التكنولوجيا، وتحويل الاهتمام من الكمية إلى الكيفية.

إذاً تطوير المناهج يشتمل على تطوير الأساليب التعليمية لترادف تطوير المناهج، والأمر يحتاج إلى تطوير الفكر في أنظمة وأساليب وتقنيات التعليم حتى في الكليات والمعاهد المهنية.

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.