صحيفة بريطانية: زيادة أسعار الوقود تهدد حكومة حمدوك

رفع السودان، الثلاثاء 27 أكتوبر، أسعار المحروقات إلى الضعف، وذلك بعد قرارات حكومية متتالية برفع الدعم عن الوقود. وأكد وزير الطاقة خيري عبد الرحمن وجود سعرين للوقود، أحدهما للمستورد ويتم توزيعه عبر 13 شركة، وآخر للمحلي الذي يُوزع عبر 17 شركة.

 

يُنتج السودان 60 ألف برميل من النفط يومياً، مع ذلك يُعاني من أزمات متفاقمة في الوقود والخبز، وانهيار غير مسبوق في الجنيه السوداني مُقابل الدولار. ما دفع الحكومة إلى رفع الدعم عن المحروقات تنفيذاً للقرار الذي كان مطروحاً منذ أغسطس.

 

جهات رافضة للقرار

رفضت قوى الحرية والتغيير القرار، حتى قبل تطبيقه. فيما تمسكت وزارة المالية بالقرار، معلنة التزامها دعم الخبز والغاز. ورأت أحزاب عدة في الخطوة خطراً على الحكومة الانتقالية، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات ومواصلة الجنيه الهبوط مقابل الدولار، بعد إعلان الاتفاق مع إسرائيل والموقف الإيجابي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ما يتعلق برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويعتبر الكاتب في الشأن السياسي حارب عمر أن رفع الدعم عن الوقود قرار غير مدروس من جانب حكومة انتقالية أتت بها ثورة شعبية، ما يشير إلى أن الحاضنة السياسية لحكومة الرئيس عبد الله حمدوك في حال من التخبط داخل مكوناتها، ولم تكن مستعدة للحكم، بدليل أنها لا تملك برنامجاً إسعافياً واضحاً للخروج من الأزمة الاقتصادية، وكل علاقاتها الخارجية التي كانت تبشر بها قبل سقوط حكومة عمر البشير هي مجرد استهلاك سياسي.

ويتوقع عمر أن تفقد الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك جزءاً من أحزابها بعد هذا القرار الخاطئ.
ويلفت عمر إلى أن قرار رفع الدعم عن الوقود مؤثر في كل المناحي، مذكراً بأن الحكومة الحالية كانت ضد رفع الدعم عن الوقود الذي كانت حكومة البشير والمؤتمر الوطني يلوحان به، والآن تتراجع الحكومة وترفع الدعم عن المواطن، ما يوضح أنها غير جادة في معالجة شؤون المعيشة، وإنما كانت تستخدم ذلك لأغراض سياسية.
ويضيف، الواضح أن المواطن السوداني موعود بجحيم اقتصادي لا طاقة له على تحمله، فالسلع الحيوية تُرحل من الأقاليم إلى المدن ومن المدن إلى الأسواق والعكس صحيح، خصوصاً المواد الاستهلاكية اليومية، ما يزيد معاناة الشعب، وستُلقي المعاناة بظلالها على الحكومة، فالمواطن الذي خرج على البشير خرج لأسباب اقتصادية، وتفاقمت الآن حتى أصبح التضخم 300 في المئة، لذلك أتوقع أن يُواجه رفع الدعم برفض شعبي كبير يهدد حكومة الفترة الانتقالية.

تأثير القرار على المعيشة
وقد أثر رفع الدعم على الوضع المعيشي للمواطنين الذين كانوا قبل القرار يعانون من تدهور الوضع الاقتصادي. والبعض يمضي ساعات للحصول على وقود مدعوم، ما يؤثر على حركة السوق ونقل البضائع والمواصلات.
ويقول رجل الأعمال الأمين محمد، في سوق أمدرمان، إن رفع الدعم عن المحروقات أثر على حركة السوق وتسبب بركود في البيع. وقد اضطررنا إلى رفع الأسعار بسبب غلاء سعر الوقود غير المدعوم، وإذا لجأنا إلى تزويد مركباتنا التي تنقل البضائع من الوقود المدعوم، فهذا يعني أن ننتظر لأكثر من 20 ساعة أمام محطة الوقود للحصول على حصتنا. وهذا ما لن نفعله لأنه سيؤثر على عملنا. المواطن يلومنا دائماً، ولكن عليه أن يلوم الحكومة التي أسهمت في رفع سعر السلع حتى لو كان بصورة غير مباشرة.
ويرى المتخصص في شؤون الاقتصاد، نبيل الهادي، أن الصفوف ممتدة ومعظم الشوارع مغلقة بسبب طوابير السيارات أمام محطات الوقود، لذلك كان يجب على الحكومة أن ترفع الدعم لإنهاء الظاهرة. الأموال التي كانت تدعم بها الحكومة الوقود لأشخاص لا يحتاجون إلى الدعم، يمكن توجيهها الآن إلى قطاعات تحتاج إلى الدعم، خصوصاً قطاع الصحة والتعليم وغيره.
أما أيمن الفاضل فيعتقد أن الوقود يؤثر على كل مناحي الحياة، ورفع الأسعار يعني طحن المواطن وتحميله فوق طاقته وإشعال الشارع.

 

الشارع

وقد اعترض عدد من المواطنين على القرار بإشعال الإطارات، وتنظيم تظاهرات يومية قابلتها قوى الأمن بالغاز المسيل للدموع، وإغلاق جسر كوبر الذي يربط مدينة الخرطوم بمدينة بحري، بعدما أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم #بطلهافيالكبري، وهي دعوة لإيقاف السيارات في الكُبري، وتعطيل الحركة احتجاجاً على القرار وتعبيراً عن نفاد وقود سياراتهم.
ويقول العضو في لجان مقاومة جبرة، علي أحمد، إن الثورة قامت في الأساس بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، ومعاناة المواطن. خروجنا ضد القرار لا يعني أننا ضد حكومة حمدوك، ولكننا في الوقت نفسه نشعر بصعوبة وضع المواطن السوداني الذي تأثر بالقرار. وتطبيق القرار في الوقت الحالي خاطئ وغير مقبول، ويعبر عن قلة الإحساس بالمسؤولية تجاه المواطنين.

 

جريدة اندبندنت البريطانية

الانتباهة

Exit mobile version