حيدر المكاشفي: القومة لأطفال المايقوم

أوضاع في غاية التردي والسوء تعيشها دار المايقوما لرعاية الأطفال فاقدي السند، وأحوال بائسة يكابدها هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين لا ذنب لهم في الكيفية التي خرجوا بها للحياة.

فالدار تعاني من تردي بيئي مريع بتراكم الاوساخ لمدة طويلة وانعدام تام للنظافة، وضعف ملحوظ فى مطلوبات الرعاية الصحية وتكدس كل ثلاثين طفلاً فى غرفة واحدة ونقص الكوادر الطبية، ونقص الأدوية، وانتشار الأمراض خاصة الإسهالات، بجانب المشاكل الإدارية المتعلقة بضعف مرتبات الأمهات وتأخرها، وأزمة في الخبز، وبكلمة واحدة نقول إن هذه الأوضاع المأساوية لدار المايقوما تحتاج الى هبة و(قومة) رسمية ومجتمعية لانقاذ هؤلاء الاطفال الابرياء.

ومن أهم ما يمكن ان يبادر به المجتمع هو ان يوفر لهؤلاء الاطفال الوضع الطبيعي والمثالي، فالوضع الطبيعي لكل طفل هو أن ينشأ ويتربى تحت كنف أسرة ترعاه وتوفر له الحماية والحنان والدفء الأسري والتنشئة الاجتماعية والاخلاقية السليمة، ولكن أطفال المايقوما محرومون من هذه البيئة الحاضنة الصحية لظروف وأسباب ليس لهم فيها يد ولا ذنب، أطلوا على الحياة بكل محيا البراءة على وجوههم ليجدوا أنفسهم داخل دور للرعاية هي ليست دور آبائهم وأمهاتهم، لايعرفون كيف جاءوا الى الحياة ولماذا هم هنا ومن حملهم الى هذا المقر وكم سيلبثون فيها وما مصيرهم اذا شبوا وماذا وكيف تكون علاقتهم بالمجتمع اذا كبروا وهم على هذا الحال فاقدين للرعاية الوالدية، لعل هذه الاسئلة المقلقة وغيرها تتطلب من المجتمع اطلاق حملة كفالة الأطفال فاقدي الرعاية الوالدة.

بهدف تمكين هؤلاء الأطفال الأبرياء من الالتحاق بعائلات تضمن لهم ظروف عيش كريمة في جو أسري وليس في هذه الدور التي لن تكون بديلاً للأسرة بأجوائها ودفئها ولو كانت فنادق من ذوات الخمسة نجوم، ومن هدى الله بصيرته واراد به خيراً ليكفل طفلاً من هؤلاء الاطفال فعليه الاتصال بالدار أو المجلس القومي لرعاية الطفولة أو الوزارة المختصة، فكفالة هؤلاء الأطفال الأبرياء المساكين اليتامى فيها خير كثير وأجر عظيم، هل قلت يتامى، نعم بل أكثر يتما ممن فقدوا آباءهم أو أمهاتهم المعروفين.

ولست أنا من قال بذلك بل هي جهة مختصة ذات باع وحول وطول في أمور الشرع والدين، فقد سبق أن أصدر مجمع الفقه قبل سنوات فتوى فحواها ان الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية والسند أكثر يتما من اليتامى العاديين، وأنهم أكثر حاجة من غيرهم للرعاية والحب والحنان الأسري ومرة أخرى لا أود هنا الاسترسال في تبيان ما يناله كافل اليتيم من أجر ومكانة تجعل مقامه في الجنة قريباً من خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، كما جاء في الحديث الشريف (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)، وأشار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم باصبعيه السبابة والوسطى، ولكني أود أن أختم بما قاله الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما مخاطباً الكعبة الشريفة بيت الله الحرام (ما أعظم حرمتك ولكن بني آدم أعظم حرمة منك).. فما بالكم بالله بهؤلاء الأطفال المساكين الذين هم من بني آدم أولاً ثم انهم أيتام بل أكثر يتماً…

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.