بدأت الحاضنة السياسية لقوى إعلان الحرية والتغيير تتخوف من تعاظم الدور السياسي للعسكريين في حياة الناس بتوفير الأمن بين المزارعين والرحل بصورة كبيرة وتأمين حركة نقل الدقيق والوقود بين المدن والقرى في اقليم دارفور وكردفان وكسلا والبحر الأحمر ومراقبة العسكرين الوقود في طلمبات لاقتتال الناس فيما بينهم.
ويعتقد الخبراء ان دور العسكريين بعد توقيع اتفاقية السلام في جوبا مع حركات الكفاح المسلح، تعاظم الامر الذي جعل بعض المكون المدني ينتقد انشطة القوة العسكرية والدعم السريع التي اصبحت جزء من حياة الناس في تعزيز مسارات التحول والانتقال الديمقراطي، فماذا سيحدث لو تم انسحاب هذه الانشطة من حياة الناس؟ حتماً سيحدث انهيار كامل في هيكلة الحكومة الانتقالية لان العسكريين بمثابة السلسلة الفقرية للمكون المدني في الفترة الانتقالية.
ويرى الخبراء أن الحاضنة السياسية لـ “قحت” اصابتها فوبيا لانها تخاف من ظاهرة الانقلاب من العسكريين في فضاء السودان باعتبار ان الانقلاب هو العامل الاساسي ضد إرساء قواعد النُّظُم الديمقراطية، ودائماً الأحزاب المعارضة ترى الأمل معقودًا بناصية الجيش الوطني لتخليص البلاد والعباد من نظام فشل حكومة حمدوك .
ويقول الخبراء ان اذا تم سحب عمل العسكرين وتم وضعهم في الثكنات ستحدث فوضى في البلاد وقد يصعب على الطلاب الذهاب إلى المدارس أو الجلوس للامتحانات لان المكون ليس جزء خارج المجتمع بل هو جزء متكامل مدمج في المجتمع ويتأثر بالأزمات وعندما يدعو المكون المدني شركائهم العسكريين بالأبتعاد سيكون هنالك نتائج سلبية على المجتمع السوداني . ويعتر الخبراء ان تحليل المشهد الراهن في السودان، اشبه بما فعله العقيد أمادو توماني توري انقلابًا عسكريًّا في مالي واعتقل تراوري، فكان في نظر الجميع المنقذ المنتظر، حيث قام توري بتشكيل حكومة انتقالية مؤلفة من قادة عسكريين ومدنيين، وتم سحب الجيش إلى ثكناته لتعزيز الحكم الديمقراطي كما لم يكن انقلاب السودان الذي أطاح بالرئيس البشير في أبريل 2019م استجابة لمطالب الشعب. ويمضي الخبراء بَيْدَ أنَّ تحليل وفهم طبيعة العلاقات المدنية العسكرية في الدول الإفريقية تجعل مقولة تنحَّى الجيش جانبًا والذهاب إلى ثكناته بهدف تعزيز مسار التحول الديمقراطي، فليس هناك ما يضمن عدم تدخله مرة أخرى في المستقبل، وفي هذه الحالة يكون التدخل على حساب التطور الديمقراطي.
ويؤكد الخبراء ان الأدلة والشواهد تشير إلى أن النخبة العسكرية قد ضحت بالبشير من أجل الانحياز لخيار الشعب وهو نفس الجيش الذي دعم نظام البشير، فهل يستطيع حمدوك الحليف المقرب الى “قحت” هو يتمتع بدعم من الشعب والثوار أن يلهم شعبه ويلبي طموحاته؟ قد يؤدي انسحاب الجيش عن المشهد السياسي الراهن إلى الوقوع في فخّ أعادة تصحيح مسار الثورة وخروج الناس الى الشوارع مرة اخرى. ويرى الخبراء في الدراسات الاستراتيجية بغض النظر عن صعوبة معرفة الأهداف التي قد تدفع العسكريين في العودة إلى ثكناتهم بشكل كلاسيكي تثير القلق على مستقبل حكومة حمدوك يجب على المرء أولاً أن يفهم التطور التاريخي للجيوش الإفريقية ووظيفتها أثناء الاستعمار، والطبيعة الضعيفة للدول الإفريقية عمومًا في دينامكيات “السياسة الداخلية”.
ويكشف الخبير في الدراسات الاستراتيجية دكتور عبدالمجيد ابوماجدة ان الثقافة العسكرية تؤمن بحق التدخل في السياسة، أذا حدث فوضى فى السودان، وهو ما يتعارض مع المعايير الديمقراطية التي تؤكد على حيادية ومهنية الجيوش باعتباره حامي حمى الديار والقَيِّم على البلاد والعباد لأن إقناع المؤسسات العسكرية بقبول الانسحاب من المعترك السياسي والعودة إلى الثكنات، قد تبدو لأول وهلة شيئاً صعباً مع ولاءات القيادة العسكرية وعدم ثقته في النُّخْبَة المدنية، لكن ما قاله القائد حمدان ما في تاني انقلاب بالديمقراطية والقانون لصناديق الانتخاباب، فهل عودة العسكر إلى ثكناته تؤمن لنا حرية سلام وعدالة؟.